قاعدة حربية روسية تكافح القراصنة

نشرت صحيفة " نيزافيسيمايا غازيتا" يوم 24 يوليو/تموز الجاري مقالة تحت هذا العنوان ورد فيها :

شهدت عملية اصلاح الجيش الروسي منعطفا جديدا. وعلى الرغم من الازمة المالية ونقص الاموال الكافية لاعادة هيكلة القوات المسلحة الروسية فان وزارة الدفاع الروسية اتخذت قرارا بتوسيع وتحديث مركز الدعم المادي والصيانة للسفن الحربية الروسية في ميناء طرطوس السوري بصفته ثاني ميناء من حيث الاهمية في هذه الدولة بعد ميناء اللاذقية.وقد قامت قاطرتان روسيتان تابعتان لاسطول البحر الاسود الروسي منذ عدة ايام بايصال مرسى عائم جديد الى هذا الميناء، الامر الذي سيجعل مركز التأمين المادي والصيانة يشغل بقدراته الكاملة. وافاد ضابط في قيادة القوات البحرية الروسية لم يذكر اسمه لوسائل الاعلام بان القاعدة البحرية في طرطوس ستوفر كل ما تحتاج اليه السفن الحربية الروسية من المستلزمات، وذلك بهدف اداء مهامها الخاصة بضمان الملاحة المدنية في منطقة القرن الافريقي.

اذا القينا نظرة على الخريطة يمكن ان نلاحظ ان مئات الاميال البحرية تفصل طرطوس عن ميناء عدن ومنطقة القرن الافريقي التي يعمل فيها القراصنة والتي تتوجه اليها سفن اسطول المحيط الهادئ الروسي. ستضطر السفن الحربية الى قطع مسافات كبيرة مرورا بالبحر الاحمر وقناة السويس وبورسعيد حتى تصل الى طرطوس. لكن قيادة القوات البحرية الروسية لا يضايقها هذا الامر، اذ انها تعتبر ان هذا الميناء السوري مهم جدا بصفته مركزا لمرابطة السفن الحربية، علما ان طرطوس اقرب بكثير بالمقارنة مع سيفاستوبول ونوفوروسيسك اللتين تسير السفن منهما عبر مضيق البوسفور وبحر مرمره ومضيق الدردنيل ثم بحر ايجه لتصل طرطوس. في طبيعة الحال فان الميناء السوري لا يمكن ان يحل محل سيفاستوبول. وقد يستخدم لاستراحة اطقم السفن الحربية التي تقوم بالمناوبات القتالية في خليج عدن والمناطق المتاخمة له في المحيط الهندي وكذلك لتمويلها بالوقود والماء العذب والارزاق. كما يعد هذا الميناء مهما من الناحية السياسية، اذ انه يتيح الفرصة لاستعراض العلم البحري الروسى في منطقة البحر المتوسط وإبراز دور روسيا وسفنها الحربية في مكافحة الارهاب الدولي وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية وانتشار التقنيات الصاروخية، اي تلك العمليات التي يقوم بها حاليا حلف الناتو والولايات المتحدة والتي تستعد روسيا ان تجريها ايضا بالتعاون مع وحدات حلف شمال الاطلسي وحلفائها او حتى بدونها.

الجدير بالذكر ان القاعدة الروسية انشئت في ميناء طرطوس عام 1971 واطلقت عليها حينذاك تسمية المركز رقم 720 للدعم المادي والتقني، وذلك بغية تقديم الخدمات لسفن اسطول البحر المتوسط الخامس التابع للقوات البحرية السوفيتية التي كانت تقوم بالمناوبات القتالية الدائمة في هذه المنطقة ، شأنها شأن ميناء الاسكندرية ومرسى مطروح المصريين الى جانب ميناء اللاذقية السوري ، وهي الموانئ التي كانت تزورها بشكل منتظم سفننا القائمة برصد عمليات الاسطول السادس الامريكي. وقد مضت هذه الاوقات وانتهت المواجهة الروسية الامريكية في عام 1991. اما مصر فغادرتها قواتنا في عام 1977 بطلب من الرئيس انور السادات. ولم تكف الاموال لادامة القاعدة في اللاذقية. لكن المركز البحري الفني في طرطوس ما زال قائما ولو بحالته المجمدة. وكان يعمل فيه 50 بحارا روسيا من اسطول البحر الاسود. وتوجد في المركز 3 ارصفة بحرية يعتبر احدها فقط صالحا للأستخدام ومصنع بحري عائم ومستودعات لتخزين المعدات المساعدة وبعض المباني الادارية الاخرى.

ولعب المركز البحري في طرطوس دوره حين بدأت مكافحة القراصنة الصوماليين وزارته حاملة الطائرات الروسية الوحيدة " الاميرال كوزنيتسوف" والمدمرة "نيؤوستراشيمي" التي انتهت من اداء مهمتها في خليج عدن ، وذلك بغية الاستراحة قبل عودتها الى قاعدتها "بالتييسك" الواقعة في بحر البلطيق. وبدأ ممثلو قيادة القوات المسلحة الروسية حينذاك بمناقشة امكانية تحويل المركز في طرطوس الى قاعدة دائمة. كان الفريق اول اناتولي ناغوفيتشين نائب رئيس هيئة الاركان العامة الروسية قد طرح هذه الفكرة علنا. ويبدو انها بدأت تتجسد في الواقع.

ولا يمكن ان يذكر أحد قيمة تكلفة ادامة القاعدة الحربية في سوريا. لكن من الواضح ان تسديد قيمة استئجارها لن يتم بدفع مبالغ فقط بل عن طريق تقديم موسكو تسهيلات لدى بيع الاسلحة الروسية الى دمشق ملمحة لإسرائيل في الوقت ذاته الى ان هذا الامر لن يخل بتوازن القوى في المنطقة.