خواطر رمضانية

عندما يأتي رمضان كل عام ينتابني شعور بعدم الرغبة في الكتابة والاكتفاء بما يمكن أن أقدمه لقراء "عقيدتي" عبر صفحات الجريدة من وجبة صحفية أتمني أن تكون دسمة لتعوضهم عما يتعرضون له وعقولهم من غزوات صحفية وتليفزيونية تهدف لابعادهم عن العبادة في هذا الشهر الكريم وتفويت الفرصة عليهم لكي يعودوا إلي الله بعدما خاضوا في روث الحياة وقاذوراتها لشهور طويلة.
ومع كل عام قبل بداية رمضان أتمني أمنية واحدة وأسعي إلي تحقيقها ولكن لا أستطيع.. أتمني التفرغ للشهر الكريم لاستعادة الكثير مما فاتني طوال الشهور السابقة والابتعاد عن كل ما يصرفني عما يجب أن أكون عليه خلال شهر رمضان والدعاء إلي الله سبحانه وتعالي أن أستمر علي نفس الحال بعد نهايته.
أتمني.. وأتمني.. ولكن ما الذي يمكن أن يفعله الإنسان أمام الإحساس بالمسئولية تجاه ما يقوم به من عمل ومن يعملون معه.. وأيضاً من هو مسئول أمام الله عنهم.
هناك أيضاً ما لا يقل أهمية ولا يستطيع الإنسان أن يتخلي عنه لأنه من صلب العمل والأهم انه عبادة نبتغي بها وجه الله سبحانه وتعالي.. عبادة لا تقل أهمية عن الصيام والصلاة والزكاة لأنها تسعي للتمكين لدين الله بوسطيته في أرضه.. وهذا هو لب الموضوع.
ليسمح لي القارئ العزيز ان أبثه وبصراحة شديدة بعض ما نعاني ونحن نحاول القيام بواجبنا.. باختصار وإيجاز شديد أضع هذه المعاناة في عبارة واحدة "نحن بين شقي الرحي".. نسير علي حبل رفيع يعلو نارا حارقة.. علي يميننا كثيرون يحاولون جذبنا إلي جانبهم فإن لم نستجب فنحن مفرطون في دين الله مضيعون له ونقدم الدين كما يراه النظام الذي تصدر عنه هذه الجريدة.. أو نحن منحازون لمبتدعين يحرفون هذا الدين ويقولون بما ليس فيه.
أما عن الشمال فحدث ولا حرج.. كثيرون يضعونك ضمن فئة من يريدون العودة بنا إلي الوراء.. لا يطيقون أبداً كلمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتي لو قلت لهم ان الأمر لا يعني الاجبار ولكل إنسان حرية الاختيار.. يرون في كل كلمة ترتبط بالدين تطرفا. تراهم مستفزين دائماً يترصدون كل كلمة طيبة تدعو إلي التمسك بالقيم والأخلاق وكل فعل يسعي إلي صلاح حال الناس طالما ان هذه الكلمة أو هذا الفعل يأتيان من منطلق ديني.
أحياناً نواجه ونرد.. ونقول إن أهدافنا محددة.. أهداف وضعها نظام وأسرة كبيرة تتمثل في هذه المؤسسة العريقة التي تصدر عنها "عقيدتي".. أهداف أساسها وسطية الإسلام ومواجهة كل أشكال التطرف سواء في الدين أو ضد الدين أو حتي في الدنيا.
وأحياناً أخري لا نجد إلا التجاهل لأن هناك الكثير الذي يجب أن نهتم به ولا نسمح أبدا بإبعادنا عنه واشغالنا بقضايا وأمور نعتبرها تافهة.
عموماً.. كل عام وكل المسلمين في العالم بخير مع دعواتنا إلي الله سبحانه وتعالي أن يمن علينا بالغفران والرضا وأن يفتح لنا أبواب الطريق الذي يوصلنا إليه وأن يجنبنا الفتن وما يمكن أن يبعدنا عن سبيله وأن ينعم علينا بالقدرة علي التفريق بين الصواب والخطأ وبين الحق والباطل.. آمين.