[img]
https://alomah.yoo7.com/
[/img]عندما يقرر مفتي الديار المصرية د. »علي جمعة« ان يذهب بنفسه لافتتاح معرض تشكيلي لفنان مصري.. في سابقة هي الاولي من نوعها في حياتنا الفنية.. من الطبيعي ان يحدث زلزال وأن تقوم الدنيا ولا تقعد.. فالحدث فريد يجئ في وقت يتعرض فيه الاسلام والمسلمون ورسولنا الكريم لهجمة شرسة تُشهر فيها كل أسلحة القهر والعنصرية!! وحتي الفن والرسم الساخر وظفوه لخدمة أغراضهم الشريرة!
وهو ما انعكس أثره علي حفل الافتتاح الرهيب الذي شهدته قاعة ايزيس التي تستضيف معرض د. »طاهر عبدالظاهر« الاستاذ المساعد بكلية الفنون الجميلة.. ويتبني فيه لاول مرة في تاريخ الحركة الفنية تقديم رؤية تشكيلية للسيرة النبوية الشريفة في عرض بانورامي ملحمي.. تضافرت فيه كل ألوان الجمال الابداعي المبهر من تصوير، ڤيديو، موسيقي إضاءة، نحت، مجسمات، مؤثرات صوتية ورسوم تحضيرية.
وقد استغرق الاعداد له وتنفيذه عامين كاملين برعاية ومباركة د. »علي جمعة« الذي رحب بالفكرة وتفضل بتعيين د. »أشرف فهمي« كمرجعية دينية لتوضيح الحقائق والساقات التاريخية الهامة ومدلولاتها والدروس المستفادة منها.
في ظل هذه النفحات الدينية والجمالية.. استنفرت كل وسائل الاعلام المحلي والعالمي لتغطية الحدث وما وراءه.. وقد تباينت الاراء وتعددت وجهات نظر المتخصصين والنقاد.. بينهم المؤيد والسعيد بالتجربة وبينهم المشكك والحاقد ومنهم الرافض لمجرد أن يتم التنفيذ بالتعاون مع رجال الدين »!« بينما اتفق الجميع علي انها خطوة جريئة وضرورية لانهاء حالة العداء والنفور المزعوم بين الدين والفن.. وعودة للاصول الاولي للعلاقات بين الفن والاسلام.. وهو ما حرص فضيلة المفتي تأكيده في كلمته عن المعرض بقوله »ان المسلمين احسنوا توظيف الفن لخدمة الدين وإبراز جمالياته الروحانية.. وإنهم بنوا علومهم وفنونهم لتكون خادمة لدينهم وسنة نبيهم صلي الله عليه وسلم.. فأبدعوا الخط العربي بأنواعه وتشكيلاته والزخارف ليكتبوا ويزينوا المصحف.. وصاغوا علوم البلاغة حتي يصل المسلم إلي المعرفة اليقينية«
جاءت فكرة المعرض كرد فعل إنفعالي راق علي حملة الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة لرسولنا الكريم.. دفعت الفنان للمزيد من القراءة والبحث المتعمق للسيرة النبوية العطرة.. ثم إعادة صياغتها وأهم الاحداث التي سبقتها.. خلال رؤية تشكيلية معاصرة.. بعيدا عن التعصب او التشنج الاعمي.
ونظرا لضخامة الاحداث وجلالها اكتفي الفنان هذه المرة بمعالجة فترة زمنية محددة.. تمتد من عام »الفيل« وحتي نزول الوحي علي سيد الخلق أجمعين.. وينوي استكمالها.. فهو مشروع ضخم يحلم ـ د.طاهرـ بتحويله لمتحف كبير يحكي أهم أحداث السيرة النبوية واثرها علي العالمين.. في عروض مبهرة ترتقي لمستوي الصوت والضوء.. تخاطب كل العقول باسلوب عصري.
وقد احسن الفنان توظيف ملكاته ودراساته المتخصصة للفنون التعبيرية والديكور في تقديم رؤية سينمائية دراماتيكية بحس مرهف واسلوب تأثيري قوي.. تتعانق فيه كل ألوان الفنون البصرية والسمعية والتشكيلية بعيدا عن التنافر والتناحر اللوني او الابداعي.. فالكل مسخر لعرف لحنا فنيا وروحانيا واحدا.. وان تنوعت الخامات والادوات او اساليب المعالجة والتنفيذ.
مواكب النور
نجح الفنان السيطرة علي ألوانه واتساع مساحات لوحاته التي وصلت إلي ٦١ م. عرضا و ٤.١ م. ارتفاعا للعمل الرئيسي بالاضافة لمجموعة اسكتشات لتفاصيل العمل الرئيسي وماكيتات ثلاثية الابعاد.. ليتلافي المجسم والمرسوم والتمثال المنحوت مع الموسيقي والضوء لتحقيق هدف وايقاع واحد يعكس حقيقة المناخ الذي سبق سنوات النور والحق بلغة تشكيلية وجمالية راقية.
يبدأ شريط الاحداث بلوحة كبيرة لجيش أبرهة الاشرم وموقعة »الفيل« في ويتدرج المشهد من طير »أبابيل« لتحول الجيش بجنوده وافياله إلي »عصف مأكول«.. وتتصاعد المواقف حتي يوم ميلاد الحبيب الاثنين ٢١ من ربيع الاول.. ويتزايد الايقاع الفني والتعبيري إيذانا بنزول الوحي علي رسولنا الكريم خلال حزم ومواكب ضوئية ونورانية مكثفة تكاد تدق طبول الفرح والبشر إبتهاجا بمولد المصطفي (ص).
هذا الثراء الفكري والتاريخي ترك للفنان مساحة واسعة للتخيل وحرية التعبير والحركة والتلخيص .. ويحسب له استعانته بباليتة لونية واعية لها اسقاطتها وايقاعاتها الموحية للحدث حسب درجة اهميته وزمن وقوعه ليلا كان أونهارا.. مع التأكيد علي طبيعه المكان بيوته وعمارته وحركة الطير والحيوان والشخوص..وفي كل الاحوال تألق الفنان في العزف علي الضوء والنور ودرجات سطوعه واشراقه أو غروبه.
هكذا إقتحم د. طاهر عبدالعظيم المجال الديني متسلحا بالفكر والثقافة واهل المعرفة دون مكابرة أو مزايدة.. بمباركة ودعم من مفتي الديار المصرية د. علي جمعة.. والجميل ان يتزامن عرض التجربة مع ايام من شهر رمضان المبارك ليضفي عليها نفحات وقيم روحانية وجمالية مضاعفة.
الرئيسية 
البوابة* 
الخميس 27 أغسطس 2009 - 3:10