أهلا يا بابا.. جاي المرة دي عشان تقعد معانا علي طول.. سيبك بقي من اللوكاندات ومصاريفها.. هو إحنا ما وحشناكشي واللا إيه!
الأب بكلمات مبعثرة.. كأنها حبات عقد انفرطت حياته: وحشتوني طبعا.. وجيت عشان أشوفكم!
لم يهتم أندرو بأن أبيه في حالة غير طبيعية.. فقد شاهده علي هذا الحال أكثر من مرة.. وآخرها عندما زاره في غرفته في فندقه قبل ثلاثة أيام.
جلس الأب علي أول كرسي في الصالة..
سأله أندرو: أصحيلك ماما..
قال الأب: لا.. أنا حصحيها بنفسي..
سأله أندرو: أعملك فنجان شاي؟
الأب بصوت مبحوح: لا.. لسه فاطر وشارب الشاي..
قال أندرو: طيب أنا داخل الحمام.. اوعي تمشي قبل ما أقعد أتكلم معاك.. عندي كلام كتير عاوز أقولهولك..
الأب: مش أنا سبت اللوكاندة وجيت أقعد معاكم علي طول..
أندرو: ده خبر حيفرح ماما وإيرين قوي..
دخل أندرو الحمام.. الأب يخرج من جيبه الداخلي مسدسا صغيرا غير مرخص.. وضع الزناد علي علامة تشغيل ثم دخل غرفة ابنته إيرين كانت نائمة تحلم بالسيارة التي وعدها أبوها بها إذا حصلت علي الثانوية العامة بمجموع مشرف..
بدم بارد أطلق علي ابنته وهي تحت الغطاء رصاصتين واحدة في رأسها والأخري في يدها اليمني.
تركها تنزف وتموت وخرج من الحجرة إلي حجرة زوجته التي سمعت خطوات تدب إلي جوار سريرها حسبتها خطوات ابنها.. قالت وهي بين النوم واليقظة: إيه يا أندرو.. فيه حاجة؟
عاجلها الزوج بعدة رصاصات في الرأس والجسد خرجت من الناحية الأخري.. لتغرق في دمائها وتدخل إلي محطة سكرات الموت!
سمع أندرو صوت الرصاص.. هرع مسرعا يحاول حماية أمه.. وأمسك بيد أبيه الذي كان يحاول تبديل مشط الرصاص الفارغ بآخر ممتليء وزعق فيه بصوت عال: انت بتعمل إيه يا راجل يا مجنون!
لكن الأب كالثور الهائج كان أسرع منه وعاجلة بسيل من الرصاص أخرسه وأسقطه فوق سرير أمه.. لينزفان معا حتي الموت!
أشعل بدم بارد نفسه جهاز التليفزيون في صالة المعيشة ورفع مفتاح الصوت إلي منتهاه..
وجلس علي حافة سرير زوجته وابنه الكبير اللذان مازالا ينزفان دما وموتا.. وصوب الرصاصة قبل الأخيرة في مسدسه إلي رأسه ناحية أذنه اليمني وضغط علي الزناد لتنطلق رصاصة الرحمة التي يطلقها فرسان السباق علي أي جواد يسقط في الحلبة رحمة به.. لينهي حياته بيده وليموت سره الغامض معه..
دقائق ثلاث أو أقل قليلا مضت.. ويا لها من دقائق مجنونة مجنونة مجنونة!
السر مات مع الاب القاتل وسيظل حتي يرث الله الارض ومن عليها
الأب هو القاتل وحده!
رحماك يابلد النيل والفكر والفن والادب الرفيع..
* إمضاء: أجاثا كريستي
................
................
أصر الفنان فاروق حسني وزير الثقافة بمجرد عودته من الصين علي أن تستضيف مصر أجاثا كريستي, وأن تبقي ما يشاء لها البقاء في معشوقتها طيبة.. الأقصر الآن..
قالت له أجاثا: بشرط أن ترسمني في لوحة من لوحاتك التي تطوف العالم.
قال لها فاروق حسني: سأرسمك في بهو الأعمدة في معبد الكرنك.. انتظريني..
لم يعد لي مكان الآن بينهما..
وإذا ظهر الفنان فاروق حسني عاشق النيل والليل والجبل في الصورة.. ذهبت أنا دون كلمة واحدة..
وفي رأسي سؤال واحد: هل نغلق ملف الشقة الملعونة.. فليس هناك قضية.. فكل الأطراف من الآن بين يدي الخالق.. يحاسبهم كما تقول كتب الله وشريعته..
ولكن يبقي غراب البين يطن فوق أذني: احترسوا أيها السادة.. لقد أصبحنا في عصر الأب يقتل ضناه.. والأم توئد طفلتها.. والابن يتخلص من أمه ومن أبيه ومن أخيه مقابل ميراث شقة أو قطعة أرض أو حتي شمة هيروين.
أين الخلاص؟
يا مخلصين العالم أجيبوا؟