- المبعوث الأمريكي جورج ميتشل في جولة شرق أوسطية بدأها بإسرائيل. كيف تقيمون هذه الزيارة؟- هذه ليست الزيارة الأولى. وليس هذا الاتصال هو الأول مع الحكومة الإسرائيلية. هناك حوار دائم لإحياء مفاوضات التسوية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين. ومنذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية، صرح رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أنه مهتم بمفاوضات التسوية مع الفلسطينيين، وتحديدا مع أبو مازن الذي رفض العودة إلى طاولة المفاوضات. ونتانياهو يرحب بالجهود التي يبذلها ميتشل، وتبذلها الإدارة الأمريكية من أجل التوصل إلى إطلاق مفاوضات التسوية.
2- من وجهة نظركم، ماذا يعيق استمرار المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟
- السبب الأهم هو عدم جاهزية أبو مازن جديا للمشاركة في مفاوضات تهدف إلى تسوية نهائية. السبب الآخر، ووفقا للطرف الفلسطيني، هو أن بناء المستوطنات في يهودا والسامرة يشكل معوقا للمفاوضات. ولكن منذ عام، عندما كان أبو مازن يشارك في مفاوضات مكثفة مع أولميرت، كان بناء المستوطنات متواصلا ولم يكن يشكل عائقا أمام المفاوضات. أما السؤال الأهم، هو إلى أي نتائج يمكن أن تقودنا مفاوضات ما حاليا؟ هنا تكمن المشكلة الأساسية. فمنذ ستة أشهر قدمت حكومة أولميرت السابقة مقترحات لم تلق ترحيبا لا في البرلمان ولا في صفوف الإسرائيليين. هذه المقترحات كانت تتضمن عودة الإسرائيليين الكاملة إلى حدود ما قبل عام 1967 والاستعداد للحديث حول تقسيم القدس. ولكن ذلك لم يعجب الفلسطينيين. إننا الآن في وضع يعرف الجميع أن نتانياهو لا يستطيع فيه أن يقدم ما قدمه أولميرت. لأنه، أولا، يرى غير ذلك. وثانيا، لأن غالبية الإسرائيليين صوتت من أجل نهج آخر.
3- هل تقصدون بعدم الجاهزية، الخلافات بين حماس وفتح؟
- هناك سببان واقعيان حاليا. الأول هو المشاكل الداخلية في أراضي الحكم الذاتي الفلسطينية. أبو ما زن لا يستطيع السيطرة على الأوضاع في قطاع غزة. وأعتقد أنه بدون مساعدة الجيش الإسرائيلي لا يمكنه أن يفرض سلطته في يهودا والسامرة. أبو مازن يعرف ذلك جيدا. وإذا حدث واتفق نتانياهو وأبو مازن على إقامة الدولة الفلسطينية، فأنا لا أتصور إطلاقا أن يقدر أبو مازن وفتح بمفردهما على مواجهة حماس. ويبدو أن الوضع الراهن يريح القيادة الفلسطينية.
4- موضوعا تبادل الأسرى والاستيطان أهم الملفات الخلافية المطروحة. إلى أين وصل التعامل مع هذين الملفين حاليا؟
- فيما يتعلق ببناء المستوطنات، من المعروف أن نتانياهو أعرب عن استعداده، أثناء الحديث مع الإدارة الأمريكية، لإثبات حسن النية بتجميد بناء المستوطنات لفترة محددة. وهذا ليس قرار سهل بالنسبة له. فأولا، لا تلقى مثل هذه الخطوة ترحيبا في صفوف حكومته الائتلافية، وفي داخل حزب الليكود وخارجه. وعموما الحديث يجري لا حول تجميد بناء المستوطنات في يهودا والسامرة بشكل عام، بل لمجموعة معينة، وهي اليهود الإسرائيليون على أساس الدين والعرق. ولو حدث ذلك في أي دولة من دول العالم، أن تقرر الحكومة منع قومية أو ديانة محددة من البناء في مكان ما من الدولة، لواجه ذلك انتقادات حادة. واليوم يطالب الفلسطينيون والإدارة الأمريكية إسرائيل لتصبح أول دولة في العالم الغربي تسمح للفلسطينيين والفرنسيين والأمريكيين بالبناء في هذا المكان أو ذاك، بينما تمنع اليهود الإسرائيليين من ذلك.
فيما يتعلق بتبادل الأسرى، من المتعارف عليه أن يجري تبادل كامل للأسرى بعد توقف العمليات العسكرية. وإذا كان الوضع بين حماس ودولة إسرائيل مصحوبا باعتراف الأولى بدولة إسرائيل والوقف الكامل للعمليات العسكرية، لكان موضوع عدد الأسرى غير مهم. لأنه في هذا الوضع يتبادل الطرفان جميع الأسرى. ولكن هذالوضع غير موجود حاليا. وبالتالي فنحن نتحدث حول اتفاق بعينه يقضي بمبادلة جلعاد شاليط بعدد معين من الفلسطينيين. ويجب أن تكون المبادلة منطقية، فإسرائيل منذ زمن بعيد لا تتحدث حتى عن مبادلة واحد بواحد.
5- نقرأ تصريحات كثيرة للإدارة الأمريكية حول عدم رضاها عن موضوع الاستيطان. هل هناك ضغوط من جانب واشنطن لتجميد بناء المستوطنات؟
- لا شك أن هناك ضغوطا من جانب الإدارة الأمريكية علينا. وأمامكم يجلس الآن مثال على هذا الضغط. أنا عضو الكنيسيت الإسرائيلي، ورئيس الائتلاف البرلماني الحاكم. أنا أعيش في إحدى المستوطنات، لأن الحكومة الإسرائيلية لا تمنحني تصريحا ببناء بيتي على قطعة الأرض التي أملكها.
6- ما هو الفرق بين موقفي الإدارة الأمريكية السابقة وإدارة أوباما الحالية بشأن التسوية السلمية في الشرق الأوسط، وبالذات من ملف الاستيطان؟
- لا يوجد فرق مبدئي. فإدارة بوش لم تدعم إسرائيل في بناء المستوطنات في ذاك الوقت الذي خرجت فيه إسرائيل من القطاع واضطرت لترك مستوطناتها هناك. بل وقدمت إسرائيل تنازلات ضخمة لم تتضمنها حتى خارطة الطريق، فهي لم تتضمن عملية هدم المستوطنات التي أدت إلى تشريد سبعة آلاف إسرائيلي. ولكن الأمريكيين سمحوا لنا بالبناء داخل حدود المستوطنات خلف الجدار الفاصل. بالنسبة للإدارة الأمريكية الحالية، فهي غير مستعدة لمواصلة هذا الاتفاق.
7- نعرف أن مصر طرف في مفاوضات التسوية. كيف تقيمون الدور المصري؟
- أتصور أن مصر تلعب دورا تاريخيا تقليديا في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وأيضا في المفاوضات في الداخل الفلسطيني. والمشكلة اساسية لدى الفلسطينيين حاليا ليست النزاع مع إسرائل، بل المشاكل بين فتح وحماس. ودور مصر كبير سواء في فرض الاستقرار في أراضي الحكم الذاتي الفلسطيني، أو في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. إسرائيل تقدر هذا الدور، وتحترم مصر عليه. وتثمن أيضا معاهدة السلام بين البلدين، على الرغم من أننا لا نستطيع أن نسميه سلاما دافئا، لأن التعاون الاقتصادي غير كاف، ولدى إسرائيل أيضا اعتراضات على الدعاية الموجودة في مصر ضد إسرائيل. ومع ذلك فإسرائيل ترى في مصر أحد الشركاء الأساسيين في عملية السلام في الشرق الأوسط.
8- يبقى لدينا الملف الإيراني. ماذا بخصوص إيران في الداخل الإسرائيلي؟
- أعتقد أن المسألة الإيرانية لا تخص إسرائيل وحدها، بل العالم كله. والبرنامج النووي العسكري الإيراني يهدد جميع دول الشرق الأوسط.. السعودية والإمارات ودول الخليج، بل وحتى مصر. ظهور برنامج نووي عسكري لدى إيران يقود في نهاية المطاف إلى سباق تسلح في منطقة الشرق الأوسط. وأعتقد أن دول المنطقة الكبرى مثل مصر والسعودية لا يمكنها أن تسمح أن تمتلك إيران أسلحة نووية. هناك خطر على الدول السنية. كما أن الرئيس الإيراني يهدد بإبادة إسرائيل، ما يجعلنا نمتلك الحق في عمل أي شيء من أجل عدم السماح بتنفيذ البرنامج النووي العسكري الإيراني.
9- ماذا تقصدون بعبارة إسرائيل تمتلك الحق في عمل أي شيء؟
إسرائيل لديها قدرات عسكرية كافية لحماية نفسها. وقد أثبتنا ذلك في منطقة الشرق الأوسط خلال ظروف مشابهة. وإذا تذكرنا المفاعل النووي العراق، يمكن أن نتصور ماذا كان يمكن أن يحدث لو لم تقم إسرائيل بتدمير ذلك المفاعل في الوقت المناسب، وماذا كان الوضع عليه في الكويت ودول الخليج لو كان العراق يمتلك أسلحة نووية. وأعتقد أن دول الخليج مدينة بالشكر بأثر رجعي لإسرائيل على قيامها بتدمير المفاعل النووي العراقي.
10- العديد من وسائل الإعلام أشار إلى أن زيارة نتانياهو الأخيرة لموسكو كانت حول إيران..
- الزيارة لم تعد سرا. فقد اعترفت بها المصادر الإسرائيلية والروسية. وسأحافظ على الخط الرسمي الإسرائيلي. فوفقا للاتفاقات مع الشريك الروسي، لا يمكن أن تتحدث إسرائيل عن تفاصيل المباحثات التي جرت في موسكو.
11- نأتي إلى موضوع مؤتمر موسكو حول التسوية الشرق أوسطية. هناك معلومات تتردد بين الحين والآخر بأن إسرائيل تعمل على إعاقة عقد المؤتمر. ما رأيكم في مثل هذه المعلومات؟
- أعتقد أن هذه المعلومات غير صحيحة. فموقف إسرائيل الرسمي معروف. فوزير الخارجية أكد أكثر من مرة بأن إسرائيل لا تملك أي شيء ضد عقد مؤتمر كهذا في موسكو. الفكرة هي أن إسرائيل قلقة من شكل هذا المؤتمر وأجندته والمشاركين فيه. فأنا لا أري أي أمل في أن تذهب إسرائيل إلى مؤتمر ما تشارك فيه حركة حماس وهي لم تعترف بعد بدولة إسرائيل، وتقصف أراضينا يوميا بالصواريخ. بل وغير مستعدة للاعتراف بالاتفاقات التي وقعتها الإدارة الفلسطينية السابقة. ماذا سنناقش في هذا المؤتمر، وإلى أي نقطة سيقودنا؟ المشكلة الأساسية أمام مؤتمر موسكو أبسط بكثير، فهي لا تكمن إطلاقا في أين ينعقد المؤتمر؟ إن القادة الفلسطينيين يرفضون الجلوس خلف طاولة المفاوضات. قبل أن نتحدث عن مكان انعقاد مؤتمر ما يجب أن نعثر أولا على شريكين أو أطراف المفاوضات.
12- ولكن كيف تقيمون دور روسيا في التسوية الشرق أوسطية؟
أعتقد أن روسيا يمكنها أن تلعب دورا كبيرا في عملية التسوية. فلديها علاقات تقليدية مع الدول العربية، ولديها خبرة طويلة في العمل في المنطقة. لدى روسيا أيضا علاقات استراتيجية خاصة مع إسرائيل. وزيارتي الحالية لروسيا مكرسة لعلاقات برلمانية على المستوى الاستراتيجي. وبالتالي يمكن أن تكون روسيا ساحة جيدة للحوار والبحث عن طرق وأساليب جديدة للتسوية السلمية، لأن الأساليب القديمة وصلت إلى طريق مسدود. ولكن بشرط أن تنتهج روسيا، كما يحدث في الفترة الأخيرة، سياسة متوازنة تجاه مشاكل الشرق الأوسط، مع الأخذ بعين الاعتبار أمن إسرائيل وليس فقط الدول العربية. في هذه الحالة يمكن لهذا المؤتمر أن يعقد في موسكو.