هل "الرومانسية" سخافة بالفعل؟.. وهل الكتابة عنها وتحري الأمور حولها يعد من توافه الأمور مقارنة بالموضوعات الكبرى المثيرة للجدل كملف إيران النووي أو ما يحدث في معتقل جوانتانامو؟. قد يتبنى البعض هذا الرأي حول الرومانسية.. ولكن في ظل نسب الطلاق المتزايدة والعلاقات الزوجية المنهارة نجد أن ملف "الرومانسية" لن يقل سخونة بالنسبة للأزواج عن ملف "تنظيم القاعدة" للسياسيين.. وهذا ما سوف نكتشفه من خلال التجارب الحقيقية والاستشارات الواقعية الواردة على صفحة مشاكل وحلول الشباب.
عشق الزوجات
في البداية وقبل أن نصاب بالإحباط فقد وردتنا استشارتين من امرأتين تؤكدان أن الرومانسية والحب بعد الزواج ليسا من المستحيلات.. فتقول إحداهن في استشارة "أذوب في زوجي طاعة وعشقا.. فهل أخطأت؟": "أنا متزوجة من إنسان لا أعرف أن أصفه بكلمات من درجة حبي له.. أنا أعشقه.. ولا أريد أن يراه أحد إلا بالصورة الجميلة التي يراه الجميع عليها". أما الأخرى فتقول في استشارة "بعد شهرين زواج.. هل رومانسيتي سخافة؟!": "أنا أحب زوجي كثيرا، ومستعدة أن أفديه بروحي فعلا وليس قولا.. أوثره على نفسي وأتمنى أن أجعله أسعد إنسان في العالم.. أنا أشتاق إليه وهو جالس بجانبي، حتى بعد الزواج!!". ولكن هل عندما تعشق المرأة بهذا القدر تكون راضية عن مشاعر زوجها؟ فبالرغم من اعترافها بحب زوجها لها فإن تعبيره عن ذلك لا يكفيها، فتقول صاحبة نفس الاستشارة السابقة: "أشعر بزوجي أحيانا يحبني.. وكثيرا ما يردد أنه يخاف علي من كل شيء، ويشعر بأنني طفل صغير بين يديه، وأنني هدية له من الله ولكنني بحاجة لمزيد من الحنان والاهتمام".
لماذا تزداد مشاعر الزوجات بعد الزواج وبالمقابل تقل مشاعر الأزواج؟ تقول ندى في استشارة "زوجي يضيع مني.. كيف أستعيده؟ ": "بعد زواجي أصبحت أحب زوجي أكثر من قبل؛ لأني وجدت فيه الصفات المميزة من معاملة وأخلاق، وأصبح حبي يزداد أكثر وأكثر، لكن بعد فترة أصبحت أشعر بأنه تغير عني، وحبه قل عن ذي قبل؛ فبعد أن كنت مدللة أصبح هو من يتدلل، أنا لا أشك في حبه، لكن أريد منه أن يعاملني كما كان". أما في استشارة "الرومانسية وتغيير الطباع " فتقول صاحبتها: "تزوجت من شاب بعد علاقة حب استمرت 3 سنوات ونصف، وقد ارتبطت به لأنه بدا لي شابًا رومانسيًّا، ويحبني لدرجة الجنون، ولكن بعد زواجنا بدأت أشعر أنه ليس رومانسيا أبدا". طلاق ورومانسية
الكلمات الحلوة والعلاقات الرومانسية المفتقدة بين الأزواج قد تدفعهم للتفكير في أبغض الحلال "الطلاق"، فبالرغم من أن زوجها يحبها بجنون وأنه حسن الخلق وطيب القلب فإنها لا تشعر إلا بالجفاف؛ فتقول "متعطشة للحب.. وأرغب بالطلاق ": "حياتنا عملية جدا جافة تؤثر فيها أبسط المشاكل.. نتكلم أنا وزوجي فقط عن العمل وعن ابننا أو عن أي أمور أخرى خارجة عن المشاعر والمودة، لا يوجد بيننا مشاعر جميلة أو حتى كلام حب أو دلع، تعبيره عن حبه دائما يكون بالأمور المادية فهو "مغرقني بها" كأن يشتري لي سيارة جديدة أو خاتم ألماس أو.. أو.. حتى أنني مللت هذه الحياة وأصبحت متعطشة للحب.. وقد طلبت الطلاق". الأزواج أيضا يشتكون فمحمد من مصر هو نموذج الرجل المفتقد لرومانسية وعواطف زوجته فيقول في استشارة "زوجتي الحبيبة.. تخلت عن أدوارها!": لا أشعر بأي اهتمام من زوجتي، فأنا دائما آخر أولوياتها، وهي دائما أولى أولوياتي، أشعر أنها إنسانة أنانية لأقصى درجة، حاولت كثيرا أن أتواصل معها وأناقشها بلا فائدة، أحبها بشدة وعندما أفكر في هذا الحب لا أجد له سببا منطقيا واحدا في ظل ما أعانيه، أفكر جديا في الانفصال". قد تسبب الحاجة للكلمة الحلوة أثارا نفسية كبيرة كالاكتئاب والإحباط فتقول صاحبة استشارة "مشاعر زوجي مفقودة.. ومشاعري متأججة ": "أنا مفتقدة أي كلمة حلوة من جوزي، لمجرد أني بقوله كلمة وحشتني وما بيردش علي بحس بإحباط كبييير ومش عارفه أعمل إيه؟ كتير بيوصلني لحالة اكتئاب وببقى عصبية وتعبانة جدا". يتعجب أحد الأزواج من نفسه ويسأل لماذا قلت كلماته الحلوة لزوجته بعد الزواج؟ ولماذا لم تعد مشاعر الاشتياق تجتاحه مثل فترة الخطوبة؟ فيقول في "بعد الزواج.. أين يذهب الحب؟ ": "بعد سنتين من الزواج أجد نفسي قد تغيرت وهي أيضا تغيرت، لم أعد أسمعها كلمات جميلة كفترة الخطوبة، لم أعد رومانسيًّا.. تغيرت وتبدلت كنت أقول لها أحلى الكلمات، والآن أبحث عن كلمة واحدة أقولها لها ولا أجد إلا بصعوبة، أريد أن أعود كما كنت ولا أعرف ما الذي غيرني أو بدلني في تعاملي معها". تحليل ونصائح
في أحد تفسيرات تغير وتحول المشاعر بعد الزواج تقول أ.نجلاء محفوظ: لابد من تذكر أن الحب يختلف بعد الزواج، فالزوجان أصبحا يعيشان معا، بعكس الوضع قبله، حيث كانا يتقابلان لفترات قليلة، لذا فإن المشاعر تكون متوهجة، فالأمر أشبه بصديق مقرب يبالغ في إظهار حبه لك، فستسعد كثيرا في بادئ الأمر ثم ستعتاد ذلك بل وستراه حقا لك أيضا، أما إذا انتقل هذا الصديق للإقامة معك في الأيام الأولى فلن تجد وقتا للنوم وستقضيان معظم الأوقات في الحديث والاستمتاع بالصحبة، وبعد ذلك ستقل هذه الأوقات تدريجيا حتى تتناقص؛ لأن هذه طبيعة الحياة. أما أ.سلمى عبده فتمنح الأزواج بعض الأمل قائلة: قد تكون قلة الكلام والتعبير عن المشاعر طبيعة في الإنسان، وبالتالي فإن تغيير هذه الطبيعة لن يحدث بشكل مفاجئ كالطفرة ولكن عبر تفاعلات بطيئة ومتدرجة، فأفضل طريقة لزيادة احتمال مشاركة شريكك لك فيما تحب هو أن تمارس تلك الأمور أمامه يوميًّا. وتؤكد عبده أن عدم القدرة على التعبير عن المشاعر لا يعني عدم وجودها بالعكس، ربما يكون الشخص حساسا جدًّا، ومحبا جدًّا، ولكنه يجد صعوبة في إظهار ذلك، والزوجة الذكية التي تقبل زوجها كما هو، وتقتنع بحقيقته وتفتح المجال لعقلها وقلبها لتلمس حب زوجها في أفعاله وسلوكه، فالقرب من الزوج والحنان المتدفق عليه سيفجر طاقات الحب لديه، وستلمس الزوجة من مودته ما يرضيها وبالوقت ستنتقل إليه عدوى الكلام الجميل.
أما عن طبيعة الزواج فهناك بعض النصائح تقدمها أ.نجلاء محفوظ لكل زوجة تحب زوجها قائلة:
- لا بأس من إظهار التودد لزوجك أو إظهار حبك، ولكن تذكري "ما زاد عن حده انقلب إلى ضده"، فالاقتراب الشديد يقتل اللهفة.
- الابتعاد عن الإلحاح العاطفي على الزوج فذلك يسهم في إنقاص حبه بدلا من زيادته، فنحن جميعا نعطي عاطفيا وماديا بإرادتنا الحرة أضعاف ما يمكن أن نؤديه ونحن محاصرون بالضغوط.
- اجعلي زوجك جزءا مهما من حياتك، وليس محورا تدورين من حوله؛ ولا تتوقعي أمورا غير واقعية فتصابي بالإحباط.
- عودي لممارسة هواياتك، واحرصي على زيارة أهلك وصديقاتك، وزاولي عملا تطوعيا إن لم تكوني تعملين خارج البيت، لتنجحي في التشاغل عن زوجك، وتمنحيه فرصة ليفتقدك.
- توقفي عن تغذية شعورك بالاحتياج إلى حنانه، وازرعي بداخلك الرضا الحقيقي بما يقدمه لك طواعية.
- اهتمي برشاقتك وبجمالك داخل البيت، وتعاملي معه بأنوثة ونعومة في كل تفاصيل علاقتكما، وجددي دائما في أساليب تعاملك معه وفي مظهرك.
أما بالنسبة للزوج فتقدم له أ.رغداء بندق بعض النصائح لتجديد روح الرومانسية مع زوجته فتقول:
• ادع زوجتك على الغداء، واجلب لها الهدايا في المناسبات ولو باقة زهور بسيطة.
• اطلب منها أن تعد عشاء خفيفا بالمنزل على ضوء الشموع.
• اصحبها لرحلة ما لفترة وجيزة.
• خصص من وقتك بضع ساعات تقضيها معها في سؤالها عن أحوالها وصحتها.
• حاول أن تشرك زوجتك في مجتمعات تستطيع التعامل معها أو تلتحق بجمعية خيرية تفرغ بها نشاطها، وإن استطعت فابحث لها عن عمل تنشغل به ويزيد الشوق بينكما.
. اشتركا معا في أداء العبادات كالقيام والصيام وتلاوة القرآن.
وفي النهاية يركز د.عمرو أبو خليل على إضفاء حدودا على معنى الرومانسية فيقول: جميل أن يكون الإنسان رومانسيًا بشرط أن تكون هذه الرومانسية ملطفًا ومرطبًا لحياته، بحيث لا تفصله عن الواقع؛ فيضع تصورًا للحياة غير حقيقي، فالرومانسية ليست كلمات معسولة وأضواء خافتة وزهور ملونة.. بل هي التي تعطي للزواج طعمًا ولونًا ورائحة.. ولكن بواقعية تجعل للزواج جناحين يطيران به، وليس خيالاً محلقًا يضيق منه الإنسان كارهًا لحياته الواقعية.. فالتوازن بين الواقع والخيال يجعل الرومانسية شيئًا جميلاً يزيد سعادتنا ولا يشقينا.