عشت ‮٨١ ‬سنة ‮ ‬في‮ ‬غرفة الموت‮.. ‬وسعيد بمهنتي‮!‬

حسين حمزة ‮ ‬

<table cellSpacing=0 cellPadding=0 align=top border=0><tr><td></TD></TR>
<tr><td align=middle>يمسك حبل الأعدام لاخر
مرة قبل توديع المهنة</TD></TR></TABLE>

اسمه مخيف‮!‬
شكله مرعب،‮ ‬مهما كانت ملامحه هادئة وقلبه ابيض‮!‬
الجميع يتحاشون سيرته،‮ ‬لكنهم يستمتعون بالحكايات عنه من بعيد لبعيد،‮ ‬فالرجل وبحركة واحدة من يده داخل الغرفة التي يمارس فيها عمله تنتهي حياة انسان‮!‬
انه عشماوي،‮ ‬الرجل الوحيد في مصر الذي يقتل بحكم القانون،‮ ‬والذي يحرك اسمه المشاعر،‮ ‬ومازال اهل القري فور سماع اسمه يعقبون عليه في الحال ب‮ »‬الشر بره وبعيد‮!«.‬
المثير ان الاسم ليس اسم الرجل ولا الصفات صفاته،‮ ‬بل هو انسان مثلي ومثلك،‮ ‬بشر من لحم ودم،‮ ‬يكره الدماء ويعيش بقلب ينبض بالحب‮.. ‬لكنه مضطر لممارسة وظيفته التي يفتح بها بيته وينفق منها علي اسرته‮!‬
التقينا به‮.. ‬عشنا معه ساعات‮.. ‬قمنا برحلة داخل اعماقه وسجلنا يومه لحظة بلحظة‮.. ‬انه عالم عشماوي المثير‮.. ‬فتح لنا الرجل قلبه فماذا قال وماذا وجدننا وكيف بدأ اللقاء وكيف انتهي؟‮!.. ‬اقرأ هذا التحقيق الذي أجريناه معه بعد صدور من قرار احالته للمعاش‮!..‬
دارت عجلة الحياة بسرعة‮.. ‬تعاقبت السنون‮.. ‬أخيرا‮.. ‬حان لمساعد الشرطة حسين الفقي وشهرته‮ »‬عشماوي‮« ‬أن يغادر‮ ‬غرفة الموت الذي عاش بداخلها معظم سنوات عمره يؤدي واجبه‮.. ‬في تنفيذ احكام القصاص من الحكوم عليهم بالاعدام‮.. ‬فقد تجاوز‮ »‬عم حسين‮« ‬ كما ينادونه في قطاع السجون سن الستين وأحيل إلي المعاش‮.. ‬بعد ‮٨ ‬سنوات عامرة بالاحداث والمواقف المثيرة التي عاشها الرجل الذي يعمل في مهنة فريدة جدا في نوعها‮.. ‬فهي الوحيدة التي ليس لها شبيه في الدنيا كلها‮!‬
‮»‬أخبار الحوداث‮« ‬التقت بعم حسين‮.. ‬حاورناه‮.. ‬سألناه عن عشرات الاسئلة التي تكشف معظم جوانبه سنوات حياته التي مضت وماصادفه من‮ ‬غرائب‮.. ‬وأجابنا الرجل‮!‬
‮> ‬ماذا كنت تعمل قبل ان تحمل لقب عشماوي؟‮!‬
‮>> ‬أنا من مواليد مركز سمنود ‮ ‬غربية نشأت وسط أسرة ريفية‮.. ‬لكن لظروف الحياة الصعبة لم أتمكن من استكمال مسيرتي في التعليم،‮ ‬فقد حصلت علي الاعدادية وتوقفت عند ذلك‮.. ‬ساعدت أبي في تجارة الحبوب والاعلاف التي كان يعمل بها حتي التحقت بالعمل كعسكري شرطة بمصلحة السجون منذ حوالي ‮٨٣ ‬سنة تقريبا‮.. ‬خلال هذه السنين‮.. ‬كانت فكرة العمل بمهنة عشماوي تداعبني من بعيد حتي حان موعد الاعلان عن رغبتي رسميا‮.‬
‮> ‬ومتي أعلنت عن رغبتك؟‮!‬
‮>> ‬عام ‮٠٩٩١.. ‬طلبت من رؤسائي ان اعمل بمهنة‮ »‬عشماوي‮« ‬فحصوا طلبي‮.. ‬وتأكدوا من حقيقة رغبتي وهو أهم شروط المهنة ثم قوة بنياني وثبات شخصيتي وايماني القوي برسالة هذه المهنة‮.. ‬وبالفعل عملت كمساعد لعشماوي الذي كان وقتها المساعد‮ »‬حلمي سلطان‮« ‬ رحمه الله وحرصت أن أكون شديد التركيز وأنا اعمل معه‮.. ‬فبمجرد دخولنا إلي‮ ‬غرفة الاعدام لتنفيذ القصاص في متهم‮.. ‬أنسي كل شيء خارج الغرفة حتي انتهي من مهمتي تماما‮.‬
هل تذكر أول حالة اعدام نفذتها وأنت تحمل لقب عشماوي؟‮!‬
‮>‬،‮ ‬نعم كانت عام ‮٦٩٩١ ‬ نفذتها علي مسئوليتي وذلك بعد رحيل عشماوي‮ »‬حلمي سلطان‮«.. ‬كانت في سجن طنطا اعدمت رجل وامرأة بتهمة قتل زوجها‮.‬
‮> ‬هل كنت خائفا؟‮!‬
‮>> ‬لا اخفيك‮ - ‬قليلا‮.. ‬لانها اول حالة فلها رهبة خاصة‮.. ‬لكن لم يستمر هذا الشعور سوي لحظات ثم سرعان ماتماسكت وركزت في شغلي‮.. ‬لان الاصل في هذه الشغلة عدم الضعف وقوة الشخصية‮ .. ‬فالمتهم طبيعي ينهار ويبكي ويفسر انه بريء‮.. ‬لكني لا اهتم بهذا الكلام‮.. ‬ان انذ شغلي‮.. ‬وبس‮!‬

لا اخشي الموت‮!‬
‮> ‬أعود وأسأل عم حسين‮:‬
‮> ‬هل كنت تخشي مشاهدة الدماد وانت صغير؟‮!‬
‮>> ‬في الحقيقة لا‮.. ‬من صغري وانا الحمد لله اتمتع بنعمة التماسك اثناء مشاهدة هذه المواقف الصعبة‮ ‬،‮ ‬وهذا ماساعدني علي الوصول إلي عرش عشماوي‮.‬
‮> ‬اذا‮.. ‬متي تشعر بالحزن والضعف؟‮!‬
‮>> ‬كثيرا‮.. ‬مثل أي إنسان‮.. ‬لكن بعيدا‮ ‬من ميدان عملي‮.. ‬فمثلا‮.. ‬كنت عائد من تنفيذ حكم اعدام ثلاثة اشخاص بسجني برج العرب‮.. ‬اثناء التنفيذ في اعدام الثلاثة في واحدة لم‮ ‬اهتز ابدا‮.. ‬لكن عندما خرجت الي الشارع شاهدت سيارة مسرعة تصدم شابا فيموت في الحال‮.. ‬تحركت الدموع في عيني حزنا علي شبابه لانه لاذنب له‮.. ‬ولم يرتكب جريمته يستحق عليها الموت لكنها ارادة الله‮.‬
‮> ‬هل تتذكر متهم كان يستحق الاعدام من وجهت نظرك ؟‮!‬
‮>> ‬قال عم حسين‮:‬
‮.. ‬كثيرا‮.. ‬مثلا متهمة قتلت طفلة صغيرة لاذنب لها بعد ان سرقت قرطها الذهبي‮.. ‬ثم مثلت بجثتها بوحشية وألقت الجثة في الترعة‮.. ‬كذلك عناة الاجرام‮.. ‬هؤلاء الاعدام قليل عليهم‮.‬