بعد جولتين من انطلاق المرحلة النهائية والحاسمة للتصفيات الأفريقية "المزدوجة" لكأسي الأمم بأنجولا والعالم بجنوب أفريقيا في بداية وصيف العام المقبل كان منتخب مصر يتذيل المجموعة الثالثة بنقطة يتيمة بعد التعادل في القاهرة مع زامبيا (1-1) والخسارة في البليدة أمام الجزائر (1-3).
وقتها تحدث البعض عن ضياع الحلم واستمرار الغياب لأربع سنوات أخري عن كأس العالم بينما تمسك البعض الأخر بالفرصة الصعبة التي تتطلب تحقيق أربعة انتصارات متتالية وانتظار أي تعثر للجزائر من أجل إدراك النهائيات التي غاب عنها البلد الرائد أفريقياً منذ مشاركته الثانية في النهائيات عام 1990 بإيطاليا.
والواقع أن كلا الفريقين كان يملك حججه المنطقية فالمتشائمون يقولون (كيف لفريق حقق نقطة يتيمة في لقاءين ولم تزد فرصة نجاحه في جمع النقاط خلالهما عن 25% أن يجمع 12 نقطة من مبارياته الأربع المتبقية ويحقق نسبة نجاح 100% خصوصاً أن اثنتين منها تقامان خارج قواعده ومنهم واحدة مع المنتخب الزامبي الذي فشل منتخب مصر في هزيمته في ملعب القاهرة أمام الآلاف من الجماهير المتحمسة؟
أما المتفائلون فكانت وجهة نظرهم أن معدن هذا الجيل من النجوم لا يظهر إلا وقت الشدة ودليلهم كان الإبداع والإمتاع الذي قدمه الفريق وجهازه الفني في نهائيات كأس الأمم الأفريقية بغانا العام الماضي وتتويجه بلقبه الثاني علي التوالي والسادس في تاريخه بعد أن راهن البعض علي خروج الفريق من الباب الصغير بعد ظهوره بمظهر هزيل في التصفيات.
ثم تقديمه لعروض وأداء أبهر به العالم في كأس العالم للقارات بجنوب أفريقيا في يونيه الماضي بعد أيام قليلة من خسارته الثقيلة أمام الجزائر في البليدة وكيف زار نجوم مصر مرمي حارس "السليساو" خوليو سيزار بثلاثية تاريخية لم يقوي علي فعلها أكبر منتخبات العالم علي مدار سنوات قبل أن يخسروا في الرمق الأخير بهدف من ركلة جزاء مثيرة للجدل ثم ألحقوا خسارة مذهلة بأبطال العالم الإيطاليين بهدف حمص الرأسي في مرمي العملاق بوفون في ثاني لقاء لهم في البطولة.
في الأخير تغلبت وجهة النظر الإيجابية وعاد رجال "جبل الصبر" حسن شحاتة من بعيد و أكدوا أنهم الجيل الذهبي لكرة القدم المصرية ولم يعد يفصلهم عن تحقيق حلمهم الشخصي وحلم ملايين الأنصار إلا 90 دقيقة فقط بعدها ستكتب أسماءهم بحروف من ذهب في سجلات كرة القدم المصرية و بكل تأكيد سيتحقق بهم و لهم أول انتصار مصري في النهائيات العالمية في المشاركة الثالثة وبشيء من التوفيق قد يذهبوا بعيداً في النهائيات كما رشحهم العديد من الخبراء بعد مردودهم الرائع في غانا وجنوب أفريقيا.
لابد أن يستغل رفاق النجم الكبير محمد أبوتريكة – المطالب باستعادة تألقه في هذا اللقاء المصيري - الحالة المعنوية العالية لهم بعد إضافة الهدف الثاني في الوقت القاتل من اللقاء الملحمي الذي شهده ملعب القاهرة يوم السبت الماضي والضرب بقوة منذ البداية لانتزاع زمام المبادرة أمام منتخب الجزائر الذي ضاع منه حلم الوصول في نهاية زمن اللقاء ويعيش نجومه وجهازه الفني وحتى جماهيره أوقات صعبة ومحزنة بعد أن أعادتهم رأسية عماد متعب من علي سلم طائرة المونديال التي لم يكن يفصلهم عنه إلا ثواني معدودة.
في الجانب المصري تتمثل عناصر القوة في عودة المدافع الأول لمنتخب مصر وائل جمعة لصفوف الفريق بعد غيابه عن لقاء الجولة السادسة بداعي الإيقاف وتعافي نجم الوسط حسني عبد ربه من الإصابة التي لحقت به في لقاء فريقه أهلي دبي مع الشارقة في الدوري الإماراتي و استعادة متعب لذاكرة التهديف في المباريات الرسمية مع المنتخب بعد هدفه في مرمي جيبوتي في المرحلة الثانية للتصفيات في أكتوبر من العام الماضي ناهيك عن المستوي الرائع الذي أظهره المتألق عصام الحضري في اللقاء وحفاظه علي عرين المنتخب في الـ360 دقيقة الأخيرة في التصفيات داخل وخارج القواعد وتواجد المخضرم عبد الظاهر السقا في خط الدفاع في هذا التوقيت وإدراك كل النجوم لحجم المجد المادي والأدبي الذي ينتظرهم حال انتزاع بطاقة التأهل.
أما في الجانب الجزائري فإن تدني الروح المعنوية للفريق لأدني درجاتها في هذا الوقت الحاسم وتعرض الفريق للخسارة الأولي له منذ عام ونصف في هذه التصفيات مع غياب أكثر من عنصر هام في الفريق كالحارس لوناس جاواوي ولاعب الارتكاز خالد لاموشيه للإيقاف واحتمال غياب المدافعين رفيق حليش وعنتر يحيي بداعي الإصابة ووجود نية لدي المدير الفني رابح سعدان للدفع بالحارس الشاب لوفاق سطيف فوزي شاوسي (24 سنة) الذي لم يلعب أي مباراة رسمية مع الفريق طوال تاريخه الكروي وتعويض لاموشية الذي لعب معظم مباريات التصفيات بمتوسط ميدان بورتسموث الإنجليزي حسان يبدا حديث العهد بالمشاركات الدولية وعدم التجانس بين دفاع الفريق حال غياب حليش أو يحيي نجما دفاع ناسيونال ماديرا البرتغالي وبوخوم الألماني والدفع بمدافع وفاق سطيف عبدالقادر العيفاوي الذي دافع عن ألوان "الخضر" رسمياً لأول مرة ولدقائق معدودة في لقاء القاهرة لأول مرة كلها أمور تصب في غير صالح رفاق كريم زياني في هذه المباراة المصيرية.
كل المعطيات السابقة مع وجود تفوق عددي للجماهير المصرية في مدرجات الملعب تؤكد وجود أفضلية لمنتخب مصر في لقاء أم درمان بشرط اللعب بحماس وقوة منذ انطلاق صافرة البداية من حكم سيشيل إيدي ماييه حتى النهاية والاستفادة من درس لقاء 14 الماضي وعدم الهدوء والرعونة حال التقدم بهدف أو حتى هدفين وعدم اليأس في الوقت ذاته حال تلقي شباك الحضري لهدف مباغت لأن كل شيء متوقع خلال مباراة كرة قدم.
ولابد من فرض رقابة علي نجم وسط منتخب الجزائر ولاتسيو روما الإيطالي مراد مغني الذي تحرك كثيراً في لقاء القاهرة وأرهق لاعبي مصر بمهارته الفردية وحصل علي الكثير من المخالفات في مناطق خطرة.
نفس الحال بالنسبة لصانع الألعاب كريم زياني الممول السخي للمهاجم السريع لفريق سيينا الإيطالي عبد القادر غزال المتوقع أن يدفع به سعدان منذ البداية كبديل للمخضرم رفيق صايفي استغلالا لسرعته الكبيرة وتمرسه علي أجواء وضغوطات الكالتشيو الإيطالي.
بطاقة المجموعة صارت في قبضة نجوم منتخب مصر بعد العودة من بعيد وعليهم بالقتال داخل الملعب للدفاع عن حظوظهم في انتزاع تأهل صار مستحقاً.. فهل يستغلون الفرصة؟