ربطت شبكة بى بى سى الإخبارية بين خسارة منتخب مصر بطاقة التأهل لكأس العالم أمام نظيره الجزائرى، وما اسمته بحالة الإحباط الموجودة داخل المجتمع المصرى، وقالت فى تقرير أعده مراسلها كريستيان فريزر، "أن فشل المصريين على أرض الملعب كشف عمق الإحباطات الموجودة داخل البلاد".
مراسل الـ"بى بى سى" خلص الى نتيجه مفادها أن أعمال العنف التى اندلعت فى أعقاب هزيمة مصر فى تصفيات التأهل لكأس العالم حازت على رضاء الحكومة المصرية، حيث لمصلحتها أن يتوحد الناس حول كرة قدم، الأمر الذى حوَّل اهتمام الشعب وصرف نظره عن المشاكل الحقيقية لمصر، وقال "فى صباح اليوم التالى للمباراة كانت تلك الأحداث هى حديث الناس إذ طغى الموضوع على غيره من المواضيع الأخرى، بالنسبة لكل من المصريين والأجانب، وراح الناس يراقبون حشود الرجال المصريين وهم يندفعون غاضبين باتجاه مبنى السفارة الجزائرية، حيث اكتفى دور رجال الشرطة بمجرد إبداء نوع من المقاومة التى تكفى للحول دون انتهاك الجماهير لحرمة المجمَّع والقفز من فوق جدرانه، وعلى مقربة من الموقع، قُلبت السيارات وهُشِّمت نوافذ المحلات التجارية من قبل أفراد العصابات المغيرة على طول أحد أكثر شوارع القاهرة ازدحاما، حيث بات السكان يخشون على أمنهم وسلامتهم".
وأشار المراسل بأصابع الأتهام نحو قيادات الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم بصب الزيت على نار الحميَّة الوطنية والحماس المناهض للجزائريين خلال الأيام القليلة الماضية، رابطا بين ذلك وبين تآخر رجال الشرطة فى احكام المظاهرات المطالبة بطرد السفير الجزائرى على الرغم من قدرتهم على قمع المظاهرت فى أى وقت آخر وتفريقها بشكل روتينى، حتى قبل أن تظهر أولى العلامات.
وأكد التقرير الذى نشرته البى بى سى، أن العنف كان مرتب ومنظم له بدأ من خلال المباراة التى جرت فى القاهرة، حيث لفت إلى استخدام الإعلام المصرى للترويج إلى أن الإصابات التى تعرض لها اللاعبون الجزائريون كانت من صنع اللاعبين أنفسهم، واصفا تلك الحادثه بالأولى فى سلسلة من المزاعم المسعورة المتصاعدة والادعاءات المضادة بين السياسيين والمعلِّقين والنقاد التلفزيونيين، والتى تلقاها رجل الشارع العادى باستعداد وجاهزية.
ولفت التقرير إلى الظهور النادر لعلاء مبارك نجل الرئيس المصرى حسنى مبارك، والذى نادرا ما يتحدث علنا، حيث اتصل بأحد برامج الحوار التلفزيونية (التوك شو) وأدلى بحديث استمر لمدة 40 دقيقة.
واستعجب التقرير من اجتماع المصريين وتركيز اهتمامهم جميعا على هدف واحد كما كانت عليه الحال قبل هاتين المباراتين، حيث لم تحدث فى وقت سابق، معتبرا أن ذلك التوحد كان سبب خيبة الأمل لهم عقب الخسارة.
التقرير الذى اعتمد فيه مراسل بى بى سى على روايات لأشخاص قال إنهم أصدقائه الجزائريين، حاول أن يحمل مصر المسئولية بشكل كامل، فقد وصف ما يحدث فى القاهرة "بهجمات انتقامية تبعث على القرف والاشمئزاز"، مستشهدا بأحد أصدقائه الجزائريين وهو مدرس فى إحدى مدارس القاهرة بإرسال أسرته إلى بلاده إثر تلقيه تهديدات بالقتل من جهات مجهولة.
ورصد التقرير الأشياء المشتركة بين كل من مصر والجزائر، فكل منهما بلدا مسلما، وعربيا، وأفريقيا، ويقاتل التطرف الإسلامى، قاتلا جنبا إلى جنب فى حرب عام 1973 ضد إسرائيل، ومع ذلك فقد وصلت العلاقات بين البلدين إلى درجة من المرارة والعنف بالكاد يمكن تصورها، بالطبع، لدى كل من البلدين شكاواه وتظلماته التى يتعين التحقيق بها بشكل مناسب. لكن لربما كان هنالك ثمة شىء آخر يحدث هنا، وهو أكثر عمقا، على الصعيد الاجتماعى.
واستعان المراسل برأى أستاذ مادة علم النفس فى جامعة الأزهر أحمد الجباوى للربط بين الواقع السياسى المصرى واحداث المباراه حيث قال "إن ما يجرى الآن هو نتيجة سنوات من الاكتئاب والغم، فشعب مصرى يشهد باستمرار إخفاقا اجتماعيا وماليا وسياسيا، وكانت كرة القدم هى شعاع النور الوحيد لديهم."