يبدو أن الحظ يبتسم مرة أخري إلي إسنا.. بعد ان هجرها السياح.. وامتنعت الفنادق العائمة عن التوقف بها لزيارة معبدها.. فالسياح كانوا يعانون من سوء تصرفات البعض.. والعشوائيات زحفت علي المعبد.. وأصبح الجميع يخجلون من الذهاب بالسياح وسط العشوائيات وأكوام القذارة.. يضاف إليها السلوكيات الطاردة للسياح.. وهنا امتنعت الفنادق عن التوقف.. ليس فقط حماية لسياحها.. وانما ابتعاداً عن المظهر غير الملائم وغير الحضاري.
* وعندما تحولت الأقصر إلي محافظة.. وضمت إليها إسنا.. استبشرنا خيراً.. ودعونا د. سمير فرج محافظ الأقصر في مقالنا منذ أسبوعين تحت عنوان: "إسنا بعد الأقصر".. إلي أن تنال إسنا بعض الرعاية التي حظيت بها الأقصر.. فالآن اصحبت إسنا جزءاً من الأقصر الكبري.. أو محافظة الأقصر.
* وكان طبيعياً ان يتوجه د. سمير فرج إلي إسنا. في أول جولة له وهو محافظ للأقصر ليتابع أحوال المدن والقري التي ضمت إلي الأقصر.. وكانت إسنا من بينها.. ورأي د. سمير فرج ما آل إليه حال إسنا.. وبعدها.. تحرك علي الفور.
* قال لي د. سمير فرج لا نقبل أن تستمر إسنا علي وضعها الحالي.. وقد بدأنا علي الفور العمل في كل الاتجاهات.. مع الآثار والسياحة.. ومع البلدة نفسها.. وشاركتني لجنة السياحة والثقافة والإعلام في مجلس الشعب في زيارة البلدة.. ورأيت مقدار الحاجة إلي تخطيط جديد.. وأنا اتطلع إلي الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء.. وإلي الفنان فاروق حسني وزير الثقافة وإلي زهير جرانه وزير السياحة.. وأثق أننا سنغير تماماً الوضع الحالي في أسنا.. ونعود بالفنادق العائمة إلي إسنا.
* قلت للدكتور سمير فرج.. مع الاهتمام بالتغيير في إسنا.. لابد أن يشمل التغيير بعض السلوكيات الطاردة للسياحة.. قال لي: سنقوم بخطة للتوعية.. ومع التوعية ستكون المتابعة والمراقبة.. وقد تعرفنا إلي مشاكل أهالي إسنا وعرفنا مطالبهم.
* هل سننتظر طويلا؟
- قال د. سمير فرج.. بعد أسبوع سنحدد الخطوات القادمة.. ونبدأ العمل فوراً.
* وهكذا أصبحنا في الطريق إلي إسنا جديدة بإذن الله.
تقرير عن العملاق الصاعد
* اطلعت علي تقرير صادر عن بورصة برلين الدولية للسياحة منذ أيام. عن حركة السياحة الأسيوية يشير إلي ان عام 2009 يوشك أن ينتهي. مسفراً عن نقص بنسبة 5% مقارناً بالعام الماضي.
* ويرجع هذا النقص إلي التراجع الشديد في حركة المسافرين من كوريا الجنوبية.. كما ان رحلات المسافات الطويلة من آسيا. وإلي أوروبا علي سبيل المثال. تعرضت إلي تراجع شديد خاصة بالنسبة لليابانيين والصينين والهنود والتايلانديين الذين اختاروا البقاء في بلادهم أو السفر بين دول آسيا.
* ويتوقع التقرير أن يتعافي الطلب في عام 2010. ولكن الانفاق سيعود إلي مستويات عام 2005/.2006
* ومع هذا فإن أي ازدهار مرتقب في عام 2010 من هذه الأسواق سيبقي مرهونا بعودة الثقة إلي كل من السوقين الياباني والصيني.
* ويتناول التقرير عدة أسواق أسيوية.. ولكن سأقتصر في الحديث هنا علي السوق الصيني.. لأضيف إلي ماجاء في التقرير جانباً من مشاهداتي في هذا السوق. وقراءاتي عنه. من خلال رحلة قمت بها للمشاركة في المؤتمر السنوي للاتحاد الدولي للصحفيين والكتاب السياحيين الفيجت WORLD FEDERATION OF JOURNALISTS AND TRAVEL WRITERS (FIJET)
الذي عقد في شانغهاي Shanghai في أكتوبر الماضي وزرنا من خلاله سوجو Suzhou)" وهانجو Hangshou)" بالاضافة إلي العاصمة بكين.
* وقبل ان نتحدث من خلال المعايشة للواقع الصيني. ومن خلال هذه الرحلة. نعود مرة أخري إلي التقرير الألماني فنرصد منه أمرين جديرين بالملاحظة.. الأول هو أن الحكومة الصينية قد منعت الموظفين الحكوميين من السفر إلي الخارج خلال عام ..2009 أي عام الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.. أما الأمر الثاني فهو أن الأرقام أوضحت ان الصينيين يأتون مباشرة بعد اليابانيين في معدلات الانفاق السياحي في أوروبا.. فاليابانيون ينفقون بمعدل 320 يورو في الليلة والصينيون ينفقون بمعدل 240 يورو في الليلة ويليهم الكوريون "185 يورو" ثم التايوانيون "180 يورو".. وهذه الأرقام لا تشمل المشتروات.
الصينيون ينفقون 30 مليار دولار علي السياحة الخارجية
* وفي تقدير سابق لمنظمة السياحة العالمية. جاء في أحد تقاريرها . أن السياح الصينيين قد أنفقوا علي مختلف المقاصد السياحية خارج الصين في عام 2007 مبلغ 30 مليار دولار.. كما ان الصين قد سجلت نحو مليار و600 مليون رحلة داخلية في إطار السياحة الداخلية في نفس العام.
* وفي خلال زيارتي للصين اتيحت لي مجموعة أخري من الأرقام ذات دلالات واضحة علي قوة السوق السياحي الصيني وقدرته الكبيرة.. فخلال ثلاثة أسابيع يسمونها الأسابيع الذهبية في خلال مهرجان الربيع في مايو وأكتوبر. وصل عدد الزيارات السياحة الداخلية إلي 417 مليون رحلة عبر الصين. بعائدات وصلت إلي 181.6 بليون "آرام بي" وهي العملة الصينية التي تقدر بأقل من الجنيه المصري بقليل.
* أما أعداد الصينين في السياحة الداخلية التي وصلت في عام 2007 إلي 1.61 مليار رحلة فقد كان بينها 612 مليون رحلة من بين سكان المناطق الحضرية و918 مليون رحلة من بين سكان المناطق الريفية. ووصل دخل السياحة الداخلية في الصين إلي 777.062 مليار "آر ام بي".
42 مليار دولار دخل السياحة الخارجية
* أما السياحة الوافدة إلي الصين في نفس العام "2007" فقد وصلت إلي نحو 132 مليون سائح محققة دخلاً يقترب من 42 مليار دولار.. ورقم السياح هذا يدخل فيه 26.1 مليون سائح اجنبي. ونحو 78 مليون سائح من هونج كونج ونحو 13 مليون سائح من مكاو "Macau".. ووصل عدد الليالي السياحة إلي نحو 550 مليون ليلة سياحية.
* وتأتي الصين علي رأس الدول من حيث العمالة السياحية.. فيصل عدد العاملين في السياحة فيها بطريقة مباشرة إلي 11.5 مليون عامل.
* وتبهر الصين زوارها بما حققته من تقدم مذهل في مختلف المجالات. ومن فرط التواضع مازالوا يسمون أنفسهم دولة نامية كبيرة رغم التقدم العلمي والصناعي المذهل. ورغم امتلاكهم كل وسائل القوة. ورغم الاقتصاد المزدهر والذي كان أقل اقتصاد في العالم تأثراً بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
* وقد اتيح لنا ان نشاهد في زياراتنا المختلفة داخل الصين. من خلال مؤتمر الفيجيت FIJET الكثير من جوانب التطورالذي اصبح موضع تقدير الجميع. ولكن الجديد لم يستطع ان يزيح القديم جانباً.. بل تطور به ونما.. وعلي سبيل المثال زرنا أحد مصانع الحرير الطبيعي الذي اشتهرت به الصين.. ورأينا كيف دخلت التكنولوجيا الحديثة صناعة قديمة وحافظت عليها وارتقت بها.. كما رأينا كيف بنيت ناطحات السحاب تطاول وتفوق ناطحات الغرب ولكنها في نفس الوقت تحتفظ بلمسات التراث والطابع الصيني العريق.
* ولعل أكثر ما يبهر في شنغهاي الآن. معلمان رئيسيان أولهما برج شانغهاي الذي يعد الآن ثاني برج في العالم بارتفاع 492 متراً بعد برج تايبيه "تايوان" بارتفاع 509 أمتار.. ويتكون البرج من 101 طابقا تشكل مركز شنغهاي المالي العالمي Shanghai world Financial centre .. وتبلغ مساحة الموقع 30 ألف متر مربع والمساحة المبنية 14 ألف متر مربع ومساحة الطوابق 38160 متراً مربعاً. وعدد طوابقه فوق الأرض 101 طابقاً وتحت الأرض 3 طوابق.. وقد تم بناؤه في عام 2008 وأصبح تحفة شنغهاي التي تبهر زائريها.
4.18 مليار دولار لمعرض اكسبو شنغهاي
* وبعد برج شنغهاي يأتي الحديث عن معرض شنغهاي عام 2010 World Expo shanghai china الذي سيفتتح في عام 2010 ويستمر من أول مايو حتي 31 أكتوبر 2010 وقد نظمت لنا زيارة لموقعه.. وقد اتخذت الصين من اقامته هدفاً لتحسين الأوضاع المعيشية في المدينة وترقيه بيئتها واتخذت شعاراً لذلك: ¢مدينة أحسن.. وحياة أفضل Better city,BetterLife".
* وقد اصبح موقعه علي ضفتي نهر هونجبو Huangpu وعلي مساحة 5.28 كيلو متراً مربعاً. وهو أكبر بمساحة 20 مرة من اكسبو ساراجوزا Zaragouza في عام 2008 كما يقدر بضعف مساحة إمارة موناكو.
* وقد كان توفير هذه المساحة في قلب شنغهاي مشكلة كبري.. ولكن استقر الرأي علي نقل عدد من المصانع الملوثة للبيئة من هذا الموقع وتفريغه منها. وبالفعل تم اخلاء المكان واعادة بناء المصانع وتحديثها في مواقع أخري بعيدة.
* وقد رصدت شنغهاي لاكسبو 2010 ميزانية قدرها 4.18 مليار دولار كان بينها 2.63 مليار دولار للانشاءات والبنية الاساسية والاجنحة. بما فيها تلك التي أنشئت بمعرفة العارضين.. بالاضافة إلي 1.55 مليار دولار للتشغيل والصيانة والأحداث التي ستقام في الافتتاح والختام والمؤتمرات والأيام الوطنية للدول.
* ويأتي تمويل "اكسبو 10" اساساً من التذاكر وكذلك من الرعاة.. وحتي نهاية سبتبمر 2009 كان عدد الدول التي أعلنت مشاركتها 192 دولة بينها مصر و50 منظمة دولية بالاضافة إلي مشروعات ضخمة من الصين وغيرها من الدول.
* ويتوقعون أن يجذب معرض اكسبو 2010 نحو 70 مليون زائر من الصين ومن خارج الصين.. ويتم الاحتفال بافتتاحه رسميا مساء 30 ابريل 2010 ويخصص شهر لكل قارة ابتداء من مايو لأوروبا ويونيو لافرقيا ويوليو لأمريكا واغسطس لاستراليا ونيوزيلاندا وسبتمبر لآسيا ثم في الختام أكتوبر للصين.
¼ والحديث عن تجربة إقامة هذا المعرض واستغلالها في التنمية بمختلف أوجهها حديث لابد ان نعود إليه مرة أخري بإذن الله.. وكذلك عن تجربة الصين بشكل عام.. وتجربتها السياحية بشكل خاص.. ولكن قبل ان ننهي هذه الكلمات لابد ان نوجه الشكر إلي الصين. وشنغهاي بشكل خاص علي تبنيهما لمؤتمر الاتحاد العالمي للصحفيين والكتاب السياحيين وعلي النجاح الكبير الذي تحقق لهذا المؤتمر والتنظيم الجيد إلي اقصي الحدود الذي جعل من هذا المؤتمر واحداً من انجح مؤتمراتنا علي الاطلاق.. ولابد في هذا الإطار أيضاً ان نشيد هنا بالجهد الكبير الذي بذله تيجاني حداد رئيس الاتحاد العالمي للصحفيين والكتاب السياحيين في الاعداد لهذا المؤتمر وكذلك زميلنا في مجلس الإدارة جيم طومبسون Jim Thompson وقد اشتركا سويا في الاعداد والجهد ا لمتواصل حتي تحقق هذا النجاح