القارئ أن يقوم بجردة حساب لكل أولئك الذين مروا في حياته خلال السنة من دون أسف عليهم، وهي عملية تريحك من عناء التعرض للخيبات كلمرة.. لكن الحياة تصفعك بمرارة مواقفهم مرة إثر مرة ، حتى تضطر لإسقاطهم من فتحات الغربال إثر عملية التنقية.
كما أذكر القارئ أن يصبح أكثر حزما في قول كلمة (لا)، فحين تقدم المساعدة لمن لا يستحقها من السهل أن تصبح عرضة للاستغلال. وحين تستمر في تقديم التنازلات بطيب خاطر ينظر لك بعين الاستهوان. وعندما تبقى لين الجانب ودودا تأكد أن ذلك سيفسر ضعفا حيث تصبح عرضة للتطاول. لكنك تبقى انسانا لا يصفق الباب خلفه لكنه لا ينحني ليلتقط ما سقط من عينه أبدا. لا، تلك الكلمة الصغيرة، تضع حدا للاتكاليين وتحفظ مياهك الإقليمية من الاختراق وتغير المواقف لصالحك دون أن تفقدك احترام الغير لك. فأنت فقط من يعلم الغير كيف يعاملك. وفي مقولة لفولتير: قد يرغمني الأقوياء على عدم قول كل ما أنا مقتنع به؛ ولكن ليس من قوة في مقدورها أن ترغمني على قول كل ما أنا غير مقتنع به.
نهاية العام فرصة أن تأخذ نفسك خارج حدود الذات لتتعرف إلى شخصك الذي لا يشبهك، ستتفاجأ بعد أن تعيد تقييم قدراتك بامتلاكك مقومات العزيمة والإصرار والقدرة على الإنجاز، فلن تتعرف إلى ما يمكنك فعله قبل أن تحاول. لا تكن كالفيل الذي أقنعه المغرضون بثقله على الحركة فلم يحاول حتى أصبح قعيدا ، كن مؤمنا بنفسك، بمؤهلاتك، بقدرتك .. كن متفائلا أن النجاح سيد السنة الجديدة.
القناعة ليست كنزا في كل الأحوال وليس من الحكمة أن تمد رجليك على قد لحافك ، في هذا التمرد على مقولة متوارثة من مئات السنين ، لا ينبغي التشكيك فيها، دعوة للخروج من دائرة قطرها نفسك، إذ يأخذ كثيرون هذه المقولة المثبطة ذريعة غير موضوعية ليكتفوا بالقليل وليبقوا مكانك سر ، فمن اعتقد أن عصفورا في اليد افضل من عشرة على الشجرة دون سعي ومحاولة، ترك لغيره فرصة اصطياد العشرة كي يبقى وحده يأكل من فتات غيره ويندب حظوظه العواثر.
إن معيار النجاح القدرة على التعامل الصحيح مع كافة شؤون الحياة ، في غياب الشمس يقول هنري ميشو تعلم أن تنضج مع الجليد وقد قيل قديما شكرا للمعاناة لأنها تعلم الإنسان. وكل عام وأنتم بخير.