[url=
]
[/url][url=
]
[/url]لم يتصور أحد من المراقبين، أن القدرات القتالية التي بدت عليها المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزه، هي بهذه القدرة على التصدي للهجوم الإجرامي الذي كانت تتوقعه من العدو على قطاع غزه.
فمن الواضح أنها أدركت- منذ البداية- أن المناطق المفتوحة في شمال القطاع وأقصى جنوبه، لا تصلح لإقامة قواعد استراتيجية (ثابتة) لإطلاق الصواريخ. فما أطلقته منها على المستوطنات والمدن الحدودية الإسرائيلية- من هذه المناطق- قبل الاجتياح الجاري، يبدو أنه كان مجرد تمويه الغرض منه إبعاد قواعد الإطلاق الرئيسة عن أعين عملاء إسرائيل من ناحية، وإيهام العدو بأن المناطق المفتوحة هي الوحيدة التي تنطلق منها الصواريخ من ناحية أخرى.
وهذا ما تكشَّف له، حين فوجئ بأن تواجد دباباته في بعض تلك المناطق، لم يمنع المقاومة من إطلاق الصواريخ من أماكن أخرى في القطاع (وبكثافة أعلى مما كانت عليه قبل الاجتياح).
غير أن إطلاق الصواريخ على أهداف تمتد آثارها المدمرة لتطال البشر والشجر والحجر (كالمفاعلات النووية)، يعتبر من الأعمال الانتحارية التي قد تدفع الضحية للإقدام عليها، تطبيقاً للمثل القائل "عليَّ وعلى أعدائي"، أو كمن "يهدم المعبد على من فيه".
وهنا نتساءل: هل يمكن أن تُقْدِم المقاومة الفلسطينية على قصف مفاعل "ديمونه" ومدينة "تل أبيب"، وبخاصةٍ أن المتحدث باسم حركة حماس وضع اسميهما ضمن المواقع (على الخارطة) التي يمكن أن تطالها صواريخ المقاومة؟.
من المعروف أن المقاومة قصفت- خلال المعارك الدائرة- مدينة بئر السبع التي تبعد عن القطاع بنحو 40 كيلومتراً بصاروخ جراد المطور (وهو من صنع روسي)، كما طالت صواريخها شمال مدينة "أسدود" القريبة من مدينة تل أبيب أكبر مدن الكيان الصهيوني. فهل هذا يعني أن المقاومة لديها صواريخ أبعد مدى، يمكن أن تطال مفاعل "ديمونة" وسط النقب، وتطال أيضاً مدينة تل أبيب؟.
وهل يتحسب العدو الإسرائيلي لهذا الاحتمال وهو يُكثِّف من عمليات قصف المدنيين الفلسطينيين بصورة متعمدة، ويستخدم القنابل العنقودية والفوسفورية المحرمة دولياً لإيقاع أكبر قدر من الخسائر بين الأفراد؟.
فبشهادة العسكريين الإسرائيليين، لم ينجح الاجتياح بعد، في تدمير القدرات العسكرية للمقاومة. كما لم ينجح في كسر إرادة القتال لديها، ولا في تأليب المدنيين عليها. بل ويعلم أن العكس هو ما حدث تماماً، حيث التفَّ أهل غزه بكل أطيافهم وانتماءاتهم السياسية حول المقاومة. كما بذلت عناصرها جهوداً عنيفة في تصديها لمحاولات العدو اختراق مدينة غزه، أو حتى السيطرة على أطرافها.
والأكثر من ذلك، أن العدو فوجئ بامتلاك المقاومة صواريخ جراد المطورة وقذائف بي 29 المضادة للدبابات، ولربما تفاجئه قريباً بامتلاكها لصواريخ ومدافع مضادة للطائرات، حيث تواردت الأنباء عن إسقاط طائرة استطلاع بدون طيار، بنيران المقاومة في منطقة رفح.
ومع ذلك، ما زالت وزيرة خارجية العدو والقائمة بأعمال رئيس الوزراء المستقيل "تسيبي ليفني" تصرح، بأن الحملة العسكرية على القطاع لن تنتهي قبل أن يتغير الوضع في غزه، أي بعد القضاء على المقاومة بكل فصائلها.
وبالرغم من ذلك كله، وبرغم أن المقاومة استطاعت أن تستوعب الهجوم الجوي الذي شنه الطيران الحربي الإسرائيلي واستمر لسبعة أيام متتالية، كما استطاعت والشعب الفلسطيني أن يستوعبا الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بهما، بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها طيران العدو وقصف دباباته وصواريخه العشوائي للمدنيين ،،،
.. وبرغم الفشل الذريع الذي لحق بالعدو، عندما حاول مساء الاثنين 5 يناير الجاري، الاقتراب من مدن جباليا وبيت حانون وبيت لاهية، بهدف الاستيلاء على بعض التلال التي تطل على هذه الأماكن، تمهيداً لاجتياحها ،،،
.. نقول: بالرغم من ذلك كله .. نجد أن الثالوث العبري المجرم الذي يدير هذه الحرب القذرة- ونعني به تحديداً (رئيس الوزراء المستقيل أولمرت، ووزير الحرب بارك، ووزيرة الخارجية ليفني) - ما زال يُمنِّ النفس بالانتصار على المقاومة، وتغيير الوضع في القطاع لصالح إسرائيل.
وهذا ما عبرت عنه تسيبي ليبني بوضوح تام، حين صرحت بأن الحملة العسكرية على غزه لن تتوقف، إلا إذا تم تغيير الوضع الحالي في القطاع. كما رفضت أي مبادرات من أي نوع لوقف القتال، قبل أن تحقق الحملة العسكرية على غزه أهدافها. وهذا ما قد يدفع المقاومة إلى قصف "ديمونه" أو "تل أبيب" أو أي موقع حساس آخر، إذا ما شعرت أنها وشعب غزه باتا في وضع قاتل ومهين، يفرض عليهما اتخاذ أي إجراء ضد العدو مهما كانت طبيعته، ومهما كانت خطورة النتائج التي قد تتمخض عنه.
صواريخ المقاومة تثير الرعب بين اليهود
قد يقول قائل بأن هكذا عمل لن يكون في صالح الشعب الفلسطيني، لأن ثمة محاذير رئيسة ينبغي على المقاومة وضعها في الاعتبار، وهي أن العدو سوف ينتقم من الفلسطينيين أينما وجدوا، وإن الرأي العام العالمي سوف ينقلب ليس ضدهم وضد قضيتهم فقط، وإنما ضد بلدان العالمين العربي والإسلامي اللذين طالما كانا هدفاً للحرب التي شنها بوش وما زال على ما يسمى بـ "الإرهاب".
والإجابة التي قد يلقاها السائل أو أي فرد في العالمين العربي والإسلامي، يمكن أن تأتي في صيغة سؤال وهو: ماذا قدم العرب والمسلمون لأهل غزه في محنتهم حتى يحاسبوا على عمل يقومون به انتقاماً من العدو الذي شردهم، وأعمل القتل فيهم، واستولى على أرضهم وأملاكهم، وجعلهم شتاتاً ضياعاً في عالم تسوده الأنانية، ويفتقد لأي معنى من معاني الإنسانية؟. وبعبارة مختزلة: ماذا يضير سلخ الشاة بعد ذبحها؟.
لقد أجبر العدو المقاومة وأهل غزه على قبول التهدئة، نظير استحقاقات إنسانية لم يلتزم بها. وظل يمارس طيلة ستة أشهر ساديته الدموية في اغتيال عناصر المقاومة وكوادرها، وقام باجتياحات عديدة متذرعاً بأعذار واهية، وأبقى المعابر على حالها من الإغلاق.. فلم يدخل سوى نصف ما التزم بإدخاله من محروقات ومواد تموينية وضرورات الحياة اليومية، وشدد الحصار على أهل القطاع حتى بلغت القلوب الحناجر.. فهل يتوقع أحد بعد ذلك أن يستسلم أهل غزه للموت جوعاً أو ذبحاً كالنعاج دون أن يفعلوا شيئاً؟.