العزيز رئيس الحكومة أعرف أنها كانت صدمة قاسية أن تفقد شريكة حياتك بعد أن قطعتما معًا أكثر من نصف المشوار. يحزن الواحد منا إذا غاب لاعبه المفضل عن التشكيل الأساسي فما بالك عندما ينفرط عقد الفريق فجأة؟
توقعت أن تفرغ أحزانك بعد رحيلها في العمل، وصدقت توقعاتي، فقد نكدت علينا بما فيه الكفاية خلال الفترة الماضية وبعد أن قرأنا خبر زواجك آن الأوان أن نفرح مجددًا، ولكن اسمح لي أن أسألك عن مغزي أن يعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة خبر زواجك ليتصدر الصفحات الأولي بالبنط العريض في كل الصحف المصرية!، هل شعرت مثلاً بأن شائعات ما سوف تتسرب عن حياتك العاطفية ففكرت أن تقضي عليها بهذا الخبر؟(اسمح لي لقد سمحت بهذه الطريقة للشائعات أن تبدأ)، هل شعرت بأن وجودك في منصبك مهدد بالخطر لأنك بلا زوجة الأمر الذي يرفضه النظام بالضبط مثلما يرفض سكان عمارة كلها أسر أن يسكن شاب عازب بينهم فقررت أن تحمي موقعك بخبر بالبنط العريض؟ هل تعرضت لملاحقة غرامية في الفترة الأخيرة فقررت أن تنهيها بإعلان الخبر بهذه الطريقة بالضبط مثلما يفكر شاب علي الفيس بوك في أن يحمي نفسه من ملاحقة المعجبات فيكتب في الستاتيو (فرحي الشهر الجاي)؟هل شعرت بنية للإطاحة بك فقررت أن تعلن الخبر لأن العرف في بلدنا الطيب هو عدم قطع عيش العريس الجديد؟ لا ولن أجرؤ علي سؤال: لماذا ستتزوج؟ ولكن نشر خبر زواجك بهذه الطريقة كان مستفزًا لأنه لم يكن مجرد نميمة سياسية منشورة في صحيفة مستقلة أو معارضة لكنه كان خبرًا رئيسيًا في الصحف القومية، الأمر الذي جعلني أفكر في أن الشعب ربما يكون مدعوًّا للمشاركة في هذه الفرحة. فكرت في أنك ستقيم الفرح في استاد القاهرة وستطرح التذاكر قبلها بفترة كافية مع شفافية في بيعها حتي لا يشتري نصفها الكابتن شوبير لوحده. فكرت في أن الفرح ستسبقه مباراة كرة قدم بين منتخب 90 ومنتخب الساجدين، وأنه لن يكون هناك مطرب واحد يحيي الفرح، ولكن سيتم تكليف عمار الشريعي وجمال بخيت بعمل أوبريت سيشارك فيه كل من هو مقيد في نقابة الموسيقيين أو يعمل بتصريح مؤقت، علي أن يذاع الأوبريت كثيرًا في ذكري عيد زواجك. فكرت في أن التورتة التي سيصحب تقطيعها عرض الليزر والدخان ستكون علي شكل مجلس الشوري أكتر حاجة بتطلَّع دخان في البلد، وأن الداخلية ستتكفل بإطلاق الأعيرة النارية ابتهاجًا بك وأهو بالمرة تخلص علي حد مضايقها في الزحمة. فكرت في أن القنوات الخاصة كلها ستضم الهواء في بث مباشر موحد يتم خلاله تلقي اتصالات المهنئين وجمع النقطة، وأن بث الفرح سيكون مباشرًا وعلي شاشات كبيرة في كل مكان وسيسبقه بث لتفاصيل ليلة الحنة التي ستقيمها في القرية الذكية. فكرت في أن عقد القران سيكون مناسبة لتأكيد الوحدة الوطنية بأن يعقد قرانك فضيلة شيخ الأزهر ويكون شاهدًا عليه قداسة الأنبا كيرلس. فكرت في أن الاحتفالات ستكون شعبية وأنك ستشارك الشعب بهجة إحضار العروس من عند الكوافير، وهنا فقط انتابني القلق وقلت: إذا كان موكبك في الطريق للعمل يعطل البلد بالساعات فما بالك بالزفة؟ فكرت في أن الزفة ستتقدمها موتوسيكلات يقودها أصدقاؤك وفي مقدمتهم الدكتور بطرس غالي (علشان لو حد وقف في طريق الزفة يسب له الدين علي طول). فكرت في أن أفضل من سيزين لك سيارة الزفة هو وزير البيئة بلا شك فهو الوحيد القادر علي تغطيتها كلها بورد النيل. فكرت في اللحظة التي سيطلب فيها الدي جي من أصدقاء العريس أن يلتفوا حوله ليرقصوا..ستكون لحظة تاريخية عندما نري مجلس الوزراء كله قالعين الجواكت وعاملين دايرة ويرقصون علي أنغام (أنا شارب سيجارة بني..كوكا كوكا كوكا).
في كل الأحوال وعلي الرغم من أن الخبر لا يخصنا وعلي الرغم من أن حياتك الشخصية لا تدخل في نطاق عمل المتحدث الرسمي باسم الحكومة المصرية، فإنني أتمني لك السعادة وأود فقط أن أذكرك بمقولة كمال ياسين لشكري سرحان في رد قلبي (اوعي حبك لإنجي ينسيك حبك لمصر).