العشر سنوات الأخيرة اخترق الصوفية حاجز الدين، ووقفوا عند حواجز الدنيا.
بعد
وفاة الشيخ أحمد كامل ياسين، جاء المشايخ أبو العزائم والقصبى والشهاوى ليحولوا
جماعاتهم من الاتجاه لله، إلى التوجه إلى خلق الله.
تحول الصوفية من
الاتصال بالله، إلى الاتصال بالسفير الأمريكى. فطلبوا من سفارة الولايات المتحدة
عام 2008 المشاركة فى مؤتمر الأديان. والأسبوع الماضى عزموا لجنة حريات الكونجرس
على "فتة" فى القاهرة.. وقالك "عيش وملح"!!
لم يكن للصوفية غرض حتى خمسة عشر
عاما مضت، ولا كان لهم فى الدنيا مرض قبل وفاة الشيخ ياسين، وقبل الخلاف بين الشيخ
ابو العزائم، وبين الشيخ القصبى على موارد "مشيخة الطرق".. وإيرادات صناديق النذور.
لم يعد المتصوفة "أهل الله"، بعدما طالت رقابهم، وتخطت طموحاتهم "الرز
بلبن" فى حضرات الذكر، للسفر على درجات الطائرات الأولى للعواصم الأوروبية.
لعب
المتصوفة بنار السياسة، بعدما ركب مشايخهم "المرسيدس"، وأسدلوا الستائر على الكراسى
الخلفية كالوزراء والسفراء.. وقناصل الدول.
لم يعودوا متصوفة، ولا
يحزنون.
تغيروا. فخلعوا "السبح اليسر" من رقابهم، واستبدلوها بسلاسل الفضة
عالية العيار. تحولوا من الهيام عشقا فى آل البيت، من على أرصفة مساجد آل البيت،
للمحاضرة فى نوادى الصفوة.. وقبول الدعوات الخاصة لفنادق السبع نجوم.
اقتحم
المتصوفة "المجتمعات" رغم أنهم نشأوا فى المساجد، ولاحقوا الساسة ونجوم السينما مع
أنهم لا كان لهم فى الأضواء، ولا فى ألاعيب السياسة، ولوع نواب البرلمان.
العشر سنوات الأخيرة يسعى الشيعة نحو المتصوفة، سعى المتصوفة للدنيا.
فالصوفية هم الأقرب للتشيع فى مجتمعات الإسلام السنى. والمتصوفة هم الأفضل
للشيعة بعدما ارتدى مشايخهم البدل الإيطالية.. وظهروا فى الفضائيات.
بعد
وفاة الإمام الخمينى، خطط الشيعة لبؤر تواجد فى مصر والمغرب واليمن والسودان،
وتوسعات فى الكويت والإمارات وقطر وعمان.
فيما يبدو أن المتصوفة كانوا جسر
أئمة إيران لمصر. ففى القاهرة يحمل آلاف المتصوفة قصصا عن "كرامات الأولياء" مخلوطة
بروائح "الخرافة"، ويعتقدون فى تفاصيل معجزات الأقطاب مطبوخة بطعم
"التشيع".
البعض يرى الصوفية باب الشيعة، وهذا صحيح. فإذا كان المتصوفة
يحلمون بدورا ما على موائد السياسة، فالشيعة يبحثون عمن ينفذون من خلاله بالسياسة
أيضا.
والشيعة هم الذين كتبوا تاريخ الصوفية. وهم الذين نقلوا إلى الطرق
الميرغنية والسرختمية والنقشبندية والصفوية والعزمية حكايات عن "الوجدالصوفى"،
وقصصا عن "مراتب الذوبان فى آل البيت".
أقطاب الشيعة هم الذين علّموا
المتصوفة طرق "الاتصال بالأولياء.. بعد وفاتهم، وهم الذين كلموهم عن متعة استدعاء
أرواحهم فى الأزمات.. بعد دفنهم بسنوات!!
تاريخيا، المتصوفة أقرب للشيعة
واجتماعيا، الصوفية "بوق" التشيع فى بلاد السنة. فلسفة التصوف فى المجمل، هى
المرحلة الأخيرة قبل التشيع الكامل.
وإذا كان جديدا أن يلعب الصوفية
بالسياسة، فالشيعة يلعبون بالمتصوفة منذ زمن.. لكن أكثر المتصوفة لا يعلمون