رغم انتظار الأهالى لها بالمناطق التى اجتاحتها لأكثر من 15 عاما فإن السيول التى ضربت محافظات شمال وجنوب سيناء وأسوان، كانت وبالا على أهلها، وذلك بعد أن تسببت فى دمار وخراب لم يكن فى حسبان الجميع.. لكن هل استفادت مصر من كميات المياه الرهيبة التى سقطت بتلك المناطق التى يعانى معظمها من الجفاف بحسب تصريحات حكومية سابقة؟ وهل شكل الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء بعد عودته من الزيارة القصيرة لسيناء لجنة لدراسة الكارثة ومحاسبة المسئولين عن ضياع كميات المياه التى قال الخبراء إنها كانت تصلح للرى لمدة تزيد على 10 سنوات قادمة، خاصة مع الأزمة المائية التى تعانى منها مصر؟
الأهالى فى جميع المحافظات التى تعرضت للسيول أجمعوا على تحميل الحكومة مسئولية ما وصفوه بالخراب، والتدمير لمنازلهم ومزروعاتهم وأكدوا أنها ارتكبت خطأ كبيرا لبنائها الجسور والطرق فى أماكن المخرات التى حددتها هى أيضا، وهو ما تسبب فى زيادة حجم الكارثة..
لكن ما لم تشر إليه التقارير الرسمية، وغير الرسمية وكشفه الأهالى لـ«اليوم السابع» هى أن السيول قد تسببت فى جرف الرمال عن خط الغاز المؤدى إلى إسرائيل قرب منطقة أبو عجيلة بالعريش، واعتبر الأهالى أن السيول قد أعلنت عما أخفته الحكومة طيلة الفترة الماضية، حيث إنها «عرت» خطوط الغاز التى لم يعرف الأهالى أنها تمر بأراضيهم حتى جاءت السيول لتكشف عن سر حكومى أخفى لسنوات.
وقد أبدى بعض المصادر والقيادات البدوية مخاوف من استهداف خط الغاز الذى كشفته السيول الأخيرة بواسطة عناصر متطرفة من خارج أو داخل سيناء وإلصاق التهمة بالبدو، لكن مصادر |أمنية أكدت أنها بدأت بالفعل القيام بأعمال تأمين خوفاً من أى هجمة إرهابية على خط الغاز.
وبعيدا عن خط الغاز الإسرائيلى الذى فضحته السيول فقد تسببت أيضا فى تدمير محطات وأبراج الكهرباء، وحسب وزارة الكهرباء فقد كانت جملة الخسائر فى هذا القطاع ما يزيد على 70 مليون جنيه، وقدرت الحكومة جملة الخسائر الكلية من الناحية المبدئية، ما يزيد على 300 مليون جنيه، حسب معلومات موثقة من مجلس الوزراء.
ونالت محافظات سيناء شمالها وجنوبها نصيبا كبيرا من الخسائر المادية والبشرية، حيث توغلت السيول إلى قلب سيناء، لكنها كشفت عن بعض الجسور التى تم إنشاؤها فى عهد الحكم العثمانى تحسبا للسيول، لكن الحكومة الحالية أنشأت جسورا جديدة أعلى المسارات المحددة للسيول.
قيادات اللجنة الشعبية لحقوق المواطن بسيناء أجمعوا أنه منذ عامين ونصف وقع خلاف كبير بين محافظ شمال سيناء الأسبق اللواء أحمد عبدالحميد وبين وزير الرى السابق الدكتور محمود أبوزيد حول البناء بأماكن مخرات السيول المحددة للمحافظة، وذلك بعد إصرار عبدالحميد على بناء شاليهات للصحفيين ومدينة شبابية ومنشآت أخرى فوق هذه المخرات، وتطور الأمر بين الرجلين للحد الذى وصل إلى انفعال عبدالحميد على أبوزيد الذى اعترض بشدة على فكرة البناء، وقال له «أنا رئيس جمهورية سيناء وهابنى فى أى مكان» وهو ما أكده أبوزيد نفسه فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع». لكن ما أثار زين الشريف أمين الجمعية المصرية لحماية البيئة بسيناء هو إهدار أكثر من 20 مليون متر مكعب مياها كانت كفيلة برى سيناء لعشر سنوات قادمة.
إبراهيم الكاشف القيادى بحزب التجمع قال: إن الخبراء فى المحافظة أكدوا للأهالى أن السيل لن يأتى قبل 200 سنة، وبالتالى بنوا واطمأنوا، والحكومة مسئولة عن غرق البيوت بسبب الفكر الخاطئ، أيضا المحافظة لم تأخذ تحذيرات الأرصاد بمأخذ الجد وتجاهلتها مما زاد من الكارثة، وقال: المدينة الشبابيةالتى تدمرت تكلفتها أكثر من 150 مليوناً.
وأضاف أن أكثر من 50 ألف فدان زراعات تدمرت بفعل السيول، ومع ذلك تجاهلت الحكومة تعويضات الأهالى.
محافظة شمال سيناء أعلنت أن إجمالى الخسائر بالمحافظة وصلت قرابة 95 مليونا، وفق ما صرح به اللواء محمد الكيكى السكرتير العام للمحافظة من خلال تدمير الطرق والمنشآت الحكومية، وأضاف أن السيول التى شهدتها شمال سيناء قد أدت إلى انهيار 592 منزلاً، فيما غمرت المياه 1487، ودمرت 72 طريقاً، إضافة إلى اقتلاع 13 ألف شجرة مثمرة معظمها من أشجار الزيتون والخوخ. وأشارت المحافظة إلى أن الخسائر منها 10 ملايين جنيه تلفيات المنطقة الصناعية الحرفية و20 مليون جنيه قيمة تلفيات شبكات الصرف الصحى ومحطات المياه، إضافة لتلفيات قيمتها 5.2 مليون جنيه بالمدينة الشبابية.
لم يتوقف حجم الكارثة بسيناء عند هذا الحد بل وصل إلى انهيار أكبر السدود التى تم إنشاؤها عام 1946 وهو سد الروافع أو الروافعة، والذى ساهم بجزء ضئيل فى سيل العام الحالى فى حماية مدينة العريش من الغرق بالكامل ويقع على بعد 60 كيلو مترا جنوب العريش، وقد تم ترميمه فى عهد وزير الرى السابق المهندس عصام راضى بتكلفة وصلت إلى 11 مليونا عام 1986 دعت القيادى البدوى موسى الدلح للتساؤل عما فعل بهذا المبلغ الذى كان يمكنه عام 86 من إنشاء 5 سدود أخرى بنفس الحجم
من جانبه قال المهندس طلعت الحريرى مدير عام الرى والموارد المائية بمحافظة شمال سيناء إن اللواء مراد محمد موافى محافظ شمال سيناء أعلن أن هناك عدد 200 سد تعويقى سيتم إقامتها قبل سد الروافعة لتخفيف حدة وقوة المياه التى تدخل إلى السد نتيجة للسيول وأن المرحلة الأولى منها هى إقامة 30 سدا بتكلفة 30 مليون جنيه وسيتم إقامتها على الروافد المؤدية لسد الروافعة.
أهالى أكثر من 50 قرية جبلية بأسوان تقع تحت سطوح الجبال مخافة أن تضرب السيول منازلهم بعد ارتفاع حدة التوقعات بهطول موجة من السيول العاصفة فى الأيام القادمة وطالبوا المسئولين باتخاذ تدابير للحد من الكارثة ولا تزال تسيطر عليهم حالة من الرعب والفزع من تكرار ما حدث فى بعض قرى أسوان