من وسط الزحام، استقرت عدسة الكاميرا على سيدة ترتدى النقاب باللون الأسود. لافتات بكل الألوان وشعارات فى أغلبها أكثر من بسيط وحشود أمام صالة الوصول بمطار القاهرة وداخل الصالة التى تحمل رقم 3، لم تكن اللقطات هى ما تنقص هذا اليوم، الذى بدأ بلا نهاية، فى استقبال البرادعى العائد من فيينا فى زيارة قصيرة.
جريدة «واشنطن بوست» الأمريكية اختارت من جمهور المطار صورة التقطتها عدسة وكالة ألاسوشيتد برس، الأمريكية أيضا، لذات الرداء الأسود. مصرية متنقبة تحتل ما يقرب من نصف مساحة الصورة وعلى يمينها لافته مؤيدة لمحمد البرادعى.
«مصر: المئات يرحبون بعودة للرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية»، هكذا عنونت الصحيفة الأمريكية التى اختارت من بين هؤلاء المئات تلك السيدة. «المتنقبة» كانت البطلة الرئيسية فى ثلاث صور من مجموع أربع أرفقتها الجريدة، على موقعها على الإنترنت، بقصتها عن البرادعى رغم ما حملت فى طياتها من إشادة بالرجل «الذى يحظى بالاحترام فى أنحاء العالم، وهو بمنأى عن الفساد تشويه أغلب رجال النظام الحالى».
وعلى نفس النهج سارت جريدة لوفيجارو الفرنسية، وإن اكتفت بصورة واحدة تحت عنوان «استقبال الأبطال لمحمد البرادعى فى القاهرة». إلا أن العنوان الثانى جاء متناقضا تماما مع تلك الصورة النمطية للعالم الإسلامى: «المعارضة العلمانية تريد أن تجعل من رئيس الوكالة السابق بطلها فى انتخابات 2011»، هكذا كتب تونجى سالان، مراسل الجريدة فى القاهرة الذى أوضح فى تصريحات لـ«الشروق» أن «الصورة يتم اختيارها فى مقر الصحيفة فى باريس».
المراسل الفرنسى اعتبر أن «الجدل الدائر فى فرنسا عن النقاب، جعله جزءا من المحيط البصرى فى الصحافة الفرنسية وهو ما يؤثر بالتأكيد على اختيار الصور». بمعنى آخر ينظر إلى هذه المنطقة من العالم من منظور دينى أيا كان الحدث.
لكنه أضاف أنه على «يقين أن اختيار صورة، وإن كان لا يعبر عن القصة، لا يحمل رسالة ما أو بعدا سياسيا مناهضا للبرادعى». لكن ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام السابقة، تقول إن «اختيار الصورة لا يتم اعتباطا، خاصة فى الصحف التى يراعى فيها المهنية. والتكرار يكون مقصودا، فالصورة بمائة كلمة من الخبر أو أكثر وتصل أسرع منه.
وفى قصة المطار، الهدف جلى فى اعتقاد الكاتبة والباحثة فى الإعلام الدولى إيمان العمرى. «هى محاولة لربط الصورة الذهنية عن البرادعى بالاسلاميين وتوصيل رسالة مفادها أنه قادم على أسنة رماح الإخوان المسلمين»، كما تقول.
«علشان يبتدوا من دلوقتى يقولوا للناس عندهم إن البرادعى هو اللى هيجيب الإسلاميين»، كما يعتقد أحد أعضاء مجموعة «البرادعى رئيسا فى 2011» على الفيس بوك. صورة السيدة المتلفحة بالسواد أثارت غضب أعضاء الجروب وكانت محورا للنقاش على الصفحة بعد أن غادر البرادعى من المطار واستقر فى منزله على طريق القاهرة ــ الإسكندرية.
اعتبروا اختيار الصورة دليل على «استعداء أمريكا للبرادعى»، وتوالت التعليقات على شاكلة «هم لازم يدخلوا الإسلام والنقاب فى الموضوع»، «حرب دعائية بتبتدى بدرى علشان تبين إن البرادعى تبع الإسلاميين.. ويخوفوا الناس عندهم».
ثم اقترح أحدهم أن «يكتب للواشنطن بوست، ونبعتلهم صور إخواتنا اللى كانوا فى الاستقبال نعرفهم إن كل الشرائح كانت موجودة محجبات وغير محجبات ومنقبات كمان».