لا نعرف من هو شيخ الأزهر الجديد خلفًا للدكتور سيد طنطاوي - رحمه الله-.. لكن المؤكد أن البعض بدأ يمني نفسه باختياره خلفًا للإمام الراحل.. ولم لا وكرسي المشيخة هو أرفع المناصب السنية شأنًا في العالم الإسلامي.. وتتم معاملته بروتوكوليا بدرجة رئيس الوزراء.. كما أن صاحبه يعرف أنه خالد في منصبه حتي وفاته.. فلا يجوز عزله.. بل يخرج الشيخ من مكتبه إلي قبره.. وقبل هذا وذاك.. فللمنصب بريقه حتي وإن خفت داخل العالم الإسلامي.. لذا فمن حق كل أزهري أن يطمح ويطمع في كرسي المشيخة.. وخلال بضعة أيام سيسمي رئيس الجمهورية الشيخ الجديد.. لكن رغبت في توجيه رسالة إلي الإمام الجديد.. رغم عدم معرفتي من سيكون.. لكن حسبي أن يقرأها من يتصور أنه القادم خلفًا للدكتور طنطاوي:
فضيلة الإمام.. شيخ الأزهر.. اسمح لي بعد تهنئتكم بالمنصب والمكانة الرفيعة.. أن أذكركم بأنكم تحملون أمانة كبري وعظيمة.. فأدي الأمانة قدر ما استطعت.. وتذكر أنه قد سبقكم العشرات من شيوخ الأزهر في نفس موقعكم.. بل جلسوا علي نفس مقعدكم.. وهم الآن في التراب ولن ينفعهم إلا ماقدموه لأنفسهم من عمل.. وسيدلف يامولانا إلي مكتبكم.. المنافقون وحملة المباخر.. وسينادونكم بالإمام الأكبر.. فذكر نفسك بأن الأكبر هو الله.. لا أحد غيره.. وسيتصل بكم أهل السلطان للمباركة والتبريكات ووصل الود وجس النبض.. فهم بحاجة إلي صوتك ورأيك عندما يشتد الجد.. فلا تقل يا مولانا إلا صدقًا ولا تنطق إلا حقًا.. ولا تخف من سلطان حاكم.. مادام سلطان الله هو الأبقي.. وإذا زادوا من ضغوطهم عليك.. فقل لنفسك أين أسلافك.. وتذكر يا فضيلة الإمام قبل ذلك.. أنك راحل مهما أطلت في الجلوس علي الكرسي.. واعرف أنك تتولي مسئولية الإمامة في العام الصعب والقادم هو الأصعب.. فلا تلن في قول الحق حتي لو كان مرًا.. ولا تبع آخرتك بدنياك.. فلا تعلم متي ساعتك.
يا فضيلة الإمام.. سوف توسوس لك نفسك وقبلها الشيطان.. قائلين لك إنك مخلد علي هذا الكرسي.. فلن يعزلك أحد وأنك ماكث في المشيخة حتي الموت.. وتلك مصيبة يا مولانا.. فلن يكون لديك متسع من الوقت لمراجعة ما فعلته بعد خروجك من الخدمة.. فراجع نفسك كل ليلة.. وتذكر أن كل نفس تقول لصاحبها إنه خالد غير راحل.. علي الأقل الآن.. فذكرها بسابقيك وأين هم الآن.. وأتمني أن تضع صور كل شيوخ الأزهر في غرفة مكتبك.. واكتب أسفل صورهم هذه العبارة.. أين هم الآن؟.
يا فضيلة الإمام.. ستسافر إلي مشارق الأرض ومغاربها.. وستكون محط أنظار وسائل الإعلام محليًا ودوليًا.. وسيغدق عليك الملوك والرؤساء الأوسمة والنياشين.. فتذكر أنك عندما ستدخل قبرك لن يدخل معك نيشان أو وسام واحد.. فقط عملك.
يا فضيلة الإمام.. تذكر أنك أمام أهل السنة فاجتهد أن تعيد للإسلام صورته السمحة.. فإذا كان كل منا سيحاسَب عن عمله.. فإنك ستحاسب علي ما سبق إضافة إلي ما قدمته للإسلام وأنت في هذا الموقع الذي كتبه الله لك.. ليختبرك ماذا ستقدم للإسلام والمسلمين.. فتذكر أنك في امتحان وابتلاء.. فانشر تعاليم الإسلام السمحة وكن خير سفير لدينك.. والبداية بالاهتمام بتطوير علوم ومناهج الدراسة بالأزهر.. حتي تعود للأزهر مكانته وقيمته العلمية والعالمية.. ولا تبعد عالمًا أزهريًا عن موقعه لاختلافه في الرأي معكم.. وأعد لعلماء الأزهر هيبتهم التي ضاعت.
يا فضيلة الإمام: لا تخش في الحق لومة لائم.. ولا تشتري رخيصًا بغال ولا تفتي باطلاً بل قل حقًا حتي لو رحلت عن منصبك.. وسيذكر الناس في كل العصور سيرتك إن كانت عطرة.. فقد قالوا سابقًا.. إذا سألت عن الإمام فوجدته عند السلطان فلا تسمع له نصيحة.. فاحرص علي أن يجدك الناس في دار العلم وليس دار السلطان.
وفقكم الله يا مولانا بحجم ثقل أمانتكم وحفظكم من شر هوي النفس.. وأن تخرج منها مثلما دخلتها.. والسلام عليكم.