نظرت محكمة جنايات الجيزة جريمة قتل كمثيلاتها من عشرات القضايا التى تنظرها يومياً، لكن تفاصيل هذه الجريمة وما بها من الوقائع الغريبة التى حملتها أوراق التحقيقات، جعلت المحكمة تعدل من اتهام النيابة لهؤلاء المتهمين بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد إلى ضرب أفضى إلى الموت، ورغم ذلك عاقبتهم بالحد الأقصى المنصوص عليه فى القانون، وقضت بسجنهم ١٥ عاماً مشددة لكل منهم، بعدما ألمت بظروف وملابسات جريمتهم.
علاء مصطفى محمد (٢٩ سنة) حلاق، وزوجته سماح السيد (٢٥ سنة) وشقيقتها (٢٢ سنة)، هم المتهمون الثلاثة بقتل المجنى عليه سمير سعد أبوالمجد (٤٠ سنة) مخرج سينمائى، وكشفت الصدفة ارتكابهم الجريمة رغم أنهم لم يتركوا أثراً واحداً يرشد عنهم فى مسرح الجريمة.
كانت مباحث ٦ أكتوبر قد تلقت بلاغاً بالعثور على جثة المجنى عليه داخل شقته بحى الشيخ زايد فى يوليو العام الماضى وبدأت تحرياتها بالقبض على عدد من المشتبه فيهم، والمسجلين لاحتمالية وجود صلة لأى منهم بهذه الجريمة.
وبعد ضبط أكثر من ٢٠ مشتبهاً فيه تبين عدم ارتكاب أحدهم الجريمة، والتأكد -بأكثر من دليل- من عدم صلتهم بها. وقادت المصادفة رجال المباحث للكشف عن تفاصيلها من خلال أحدهم، الذى اعترف أمام رجال الأمن بأن إحدى الفتيات، التى كانت تربطه بها علاقة عاطفية، طلبت رأيه فى كيفية التصرف فى جثة المجنى عليه بعدما توجهت إليه بمسكنه بصحبة زوجها وشقيقتها لإجباره على التنازل عن قضية سرقة ضد شقيقها الأصغر، وأنها وهذا الزوج وشقيقتها ارتكبوا الجريمة.
تم ضبط المتهمين بعد أن أرشد عنهم المسجل واعترفوا فى التحقيقات بأن المجنى عليه كان قد حصل على حكم ضد شقيقهم بالسجن ٧ سنوات فى قضية سرقة بالإكراه، وأنه رفض توسلاتهم إليه من خلال اتصالات تليفونية متكررة من المتهمة الثانية وزوجها للتنازل عن القضية لكنه رفض.
وفكرت المتهمة الثالثة فى حيلة لإجباره على التنازل، فعلمت أنه يستقبل شباباً من الجنسين فى منزله لاكتشافهم وتقديمهم فى أعمال فنية كوجوه جديدة، اتصلت به وحدد لها موعداً للحضور إلى منزله، واتفقت مع المتهمين الأول والثانية على التوجه إلى المنزل بعد وصولها لضربه وإجباره بالإكراه على التنازل عن اتهام شقيقها.
اعتدى المتهمون، حسب التحقيقات، على المجنى عليه بالضرب المبرح وقيدوه بالحبال، لكنه لفظ أنفاسه ولقى مصرعه، فأخبرت المتهمة الثانية زوجها بأنها كانت على علاقة بأحد المسجلين الذى يمكن أن يساعدهم بالتصرف فى جثة المجنى عليه بطريقة لا تقود لاكتشاف الجريمة، وعندما اتصلت به نصحها بأن تتخلص من شريحة هاتفه المحمول وشريحة هاتف شقيقتها الذى حدثته منه حتى لا تتمكن المباحث من التوصل إليهم، وأن يتركوا الجثة كما هى بالمنزل ويفروا هاربين.
نفذ المتهمون نصيحة المسجل، وبعد أقل من شهر كانت مباحث الجيزة قد ألقت القبض عليهم عن طريق المسجل خطر ذاته.
اعترف المتهمون فى تحقيقات النيابة بارتكابهم الواقعة، فأحالتهم للمحاكمة بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وأثناء نظر المحكمة القضية ثبت لها عدم وجود قصد جنائى بالقتل عند توجه المتهمين للمجنى عليه فعدّلت اتهام النيابة إليهم، إلى ضرب أفضى إلى موت، وعاقبت كلاً منهم بالسجن ١٥ سنة، أصدر الحكم المستشار مصطفى حسن، رئيس المحكمة، بعضوية المستشارين أحمد المليجى وأنور رضوان، الرئيسين بمحكمة الاستئناف