ليس صحيحاً أن أبرز وأهم شيء في الأخ أحمد «حديد» عز، هو فقط «كرافتة» سعادته والحزام ماركة «جوتشي» الذي يزين خصر جنابه دائماً.. أنا شخصياً مضطر للاعتراف الآن بأنني أهواه (وإن كنت أتمني أن أنساه)، وأستمتع جداً به خصوصاً عندما يفتح فمه وينطق ويتحدث في السياسة، أما منظره وهو قاعد ساكت ومكتف بالنظرات و«الزغرات» والإشارات والحركات الاستعراضية التي يدير بها الفرقة الشقية البرلمانية الحكومية الممتازة التي تعمل تحت إمرته، فإن هذا المنظر يثير في نفس العبد لله ذهولاً ممزوجاً بالعجب من قدرة المولي تعالي علي الإبداع في خلقه ومخلوقاته.
ومن آيات المتعة الرائعة التي ما كان ممكناً أن أتذوق طعمها لولا وجود كائنات من نوع الأستاذ «عز» في هذه الدنيا، تلك الأحاديث والهلفطات والفتاوي السياسية والدستورية الشنيعة التي تفوه بها الرجل في الاجتماع المشترك الذي عقدته أمس الأول لجنتا الشئون العربية والعلاقات الخارجية بمجلس الشعب لمناقشة تصاعد اعتداءات وعربدات العدو الإسرائيلي في القدس المحتلة بما يهدد المسجد الأقصي بالهدم، ففي مواجهة انتقادات نواب المعارضة لموقف الحكومة المزري والمخجل من هذه الاعتداءات ومطالبتهم بإجراءات تمثل أضعف الإيمان مثل سحب السفير المصري لدي الكيان الصهيوني وطرد سفيره من القاهرة ووقف تصدير الغاز (مجاناً تقريباً) للعدو، انبري الرجل يدافع عن حكومته متوسلاً بترسانة حجج وتفوهات لم يكن أسوأها وأقواها استنكار سيادته أن يتحدث النواب أصلاً في شأن عربي وصفه بأنه «أمر لا يخص مصر» بينما هم جالسون في اجتماع برلماني مصري !! صحيح أن الاجتماع نفسه كان للجنتين تسميان «الشئون العربية» و«العلاقات الخارجية»، لكن هذين الاسمين أطلقا عليهما في أزمان غابرة ومن باب الدلع البرلماني الماسخ فحسب، وبناء عليه فإن الفقه الدستوري الاحتكاري الحديدي المصدي الذي يعد الأخ «عز» من أساطينه الكبار المشهورين في سوق «الخردة» يؤكد ويقطع بأن كلام النواب المصريين في برلمان مصر عن فلسطين والقدس والمسجد الأقصي وربما الكعبة المشرفة أيضاً، هو «أمر» فظيع خالص و«غير جائز دستورياً».. هكذا هلفط الدستوري بيه !!
غير أن البيه الحديدي الدستوري لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما زاد من فيض لطفه وظرفه السياسي ووطنيته الهائجة المتأججة وقال بلاوي أخري من شاكلة، «قبل أن نبكي علي المواطن الفلسطيني خليه هوه الأول يبكي علي نفسه»، فلما قال له نواب المعارضة : حاضر يا أخ سوف نسمعك بكاء الفلسطينيين حتي تطرب وتنبسط أنت وإسرائيل، أضاف البيه : «مصلحتنا المصرية هي المصلحة الأولي والمواطن المصري يأتي في الترتيب الأول وحتي الترتيب رقم 100، وأي جنسية أخري تأتي في الترتيب 101 (وبعدين) لو قامت حرب بعد 6 أشهر (شفت الدقة.. ستة وليس خمسة أو خمسة ونص) هل ستوافق قطر علي دعم مصر وتدفع لنا هي والسعودية والجزائر (عشان نحارب) ؟.. إذا أراد العرب الحرب فعلي كل منهم أن يقدم جزءاً من اللي عنده »!!
طبعاً أي حمار يستطيع، وبمنتهي السهولة واليسر، أن يضع يده (أو حوافره) علي مكامن ومواضع الوطنية والعبقرية السياسية التجارية التي تسبح في هذا الكلام الفارغ.. يعني خد عندك مثلاً حكاية «المصلحة المصرية» التي ربما تستغرب وتتعجب حضرتك أن البيه بتاع الحديد يضعها ـ مع المواطن المصري ـ في الترتيب الأول حتي المائة، لكن هذا العجب والاستغراب سيزولان حتماً وفوراً إذاً سيادتك تذكرت أن أي «مصلحة» من جنسية أخري في الدنيا ـ ولو كانت «مصلحة صومالية» أو من بلاد العفاريت الزرق ـ لا يمكن أن تكون «مصلحة» مغفلة وحمارة لدرجة أن تمنح رجلاً مثله، كل هذه المليارات والاحتكارات و«السياسات» دون مناسبة خالص البتة.
بيد أن حكاية «المصلحة» المغفلة العبيطة هذه، قد تكون أقل ظرفاً ولطفاً ولمعاناً من حكاية «الحرب» التي يشترط الأخ «عز» لخوضها(بعد 6 أشهر) أن تدفع لنا كل من قطر والسعودية والجزائر تكاليفها، علي أساس أننا محاربون بالأجرة ونتخذ من القتال «سبوبة» وشغلانة شريفة نمارسها بعد ساعات العمل الرسمية لكي نواجه أعباء تكاليف الحياة ونغطي مصاريف لعب الأولاد في الاحتكارات والسياسات والبرلمانات وخلافه !!