واضح أن هناك اتجاهاً قوياً الآن داخل الحزب الوطني يدعو د. أحمد الطيب ـ شيخ الأزهر ـ إلي الاستقالة من عضوية الحزب ومكتبه السياسي.. بعد أن كانوا في حالة غياب تام عن تلك العضوية!! وإلا لماذا صدر قرار جمهوري بتعيينه وهو معين في المكتب السياسي للحزب.؟!. وبدأ الحديث يدور في أوساط نافذة في الحزب أنه لا يجوز أن يتولي الرجل هذا المنصب الرفيع، والذي يتعدي عباءة المجتمع المصري إلي المجتمعين العربي والإسلامي باعتبار الأزهر أهم مؤسسة إسلامية في العالم وله علاقات متشعبة مع الشعوب الإسلامية.. في الوقت نفسه فإن عضوية شيخ الأزهر للحزب تتعارض، مع ما يدعو إليه الحزب ـ ويزعمه ـ بالفصل بين الدين والسياسة.
.. لكن يبدو أن الدكتور أحمد الطيب لا يدرك ذلك، ومن ثم جاءت تصريحاته حول عضويته في المكتب السياسي ـ والذي ربما فوجئ بها ـ لا تتعارض مع موقعه ومكانته الجديدة.. وهو أمر خطير، ولعله الغريب في الأمر استقالة الشيخ الطيب من الحزب الوطني في انتظار عودة الرئيس من رحلته العلاجية من ألمانيا «شفاه الله وعافاه».
لكن لماذا الانتظار؟!.. خاصة أن قرار تعيين الدكتور الطيب شيخاً للأزهر لم ينتظر عودة الرئيس.. وإنما صدر من غرفته في المستشفي الألماني.
.. فلماذ لا يعلنها الرجل الآن؟ ألم يتخيل بعد أنه أصبح الإمام الأكبر؟!
.. واضح أن أحداً لا يجرؤ علي اتخاذ قرار في غياب الرئيس وإعلان أي شيء حتي لو كان أمراً بسيطاً متفقاً عليه مثل استقالة الشيخ من الحزب الوطني أليس هناك قيادات أخري.. أليس هناك أمين عام للحزب.. وأمين تنظيم.. وأمين.. وأمين!!
إنها الديكتاتورية والاستبداء والطغيان التي تجعل أي قرار بسيط حتي علي المستوي الحزبي «فما بالكم بقرارات دولة مهمة بتاريخها وجغرافيتها وبشرها» مرهوناً بشخص واحد.. يحكمنا من علي سرير المرض حتي أن مجلس الشعب المنوط مهمته مراقبة السلطة التنفيذية لا يستطيع إرجاء مناقشة قرار تفويض الرئيس في عقد صفقات أسلحة سرية لمدة 3 سنوات أخري.
رغم أن التفويض السابق سينتهي في أواخر مايو القادم ووصل الأمر إلي درجة أن يقف عضو الحزب الوطني ورجل أمن الدولة السابق ـ وربما الحالي ـ اللواء عبدالفتاح عمر ليقول في شأن هذا التفويض: «نقدم للرئيس مبارك رقابنا وأعناقنا ورقاب شعبنا ونحن مطمئون لأنه ليس شخصاً عادياً «فلماذا يمرض طالما أنه ليس شخصاً عادياً» حتي نتوجس منه ونعطيه أيضاً كل شيء في مصر حتي لو أراد الديكتاتورية لأنه ديكتاتور عادل «دعكم من حكاية عادل ديه»، كما أنه الديمقراطي الأول في مصر ويجب أن نعطيه تفويضا مطلقاً وليس لعدد محدود من السنوات!!
هكذا جعل سيادة اللواء الرئيس مبارك الديكتاتور والديمقراطي الأول في جملة واحدة.. وذلك في حضور المجلس التشريعي الذي يراقب السلطة التنفيذية.
هكذا أصبح حالنا في مصر.. لا يسر عدواً ولا حبيباً في ظل نظام استبدادي.. ومريض!