لا شك أن حالة حراك يمر بها المجتمع حالياً.. حراك ليس فيه الحزب الوطني.. بل هو يريدها «مواتاً» رغم أن هناك انتخابات برلمانية ورئاسية يريد أن يسيطر عليها الحزب.. وبشكل أكثر تقييداً من المرات السابقة.. هكذا توضح المؤشرات سواء في انتخابات الدوائر «المؤجلة» أو في المحليات.
إنها حالة أشبه بما جري قبل الانتخابات الماضية.. وظهور حركة «كفاية» التي طالبت بتغيير الدستور.. ورفض التمديد والتوريث للحكم.. وأجبرت النظام في ظروف خاصة علي إجراء تعديلات دستورية.. تحولت إلي «ترقيعات» علي يد ترزية النظام الذين أخلوها من أي إصلاحات حقيقية.. بل جعلت الانتخابات الرئاسية وفقاً للمادة 76 «الذي لا يوجد مثلها في أي دستور في العالم» كالاستفتاء وأسوأ «!!».
.. ومع هذا يقولون إنها انتخابات تنافسية «!!» وإن الرئيس «مبارك» أجري «فتحاً عظيماً» بتعديل تلك المادة، وألغوا الإشراف القضائي علي الانتخابات بعد أن فضحهم القضاة وأثبتوا بالمستندات أن كل الانتخابات التي أجريت ومن قبل الاستفتاءات كانت مزورة «!!»..
واستطاع الإشراف القضائي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة تمكين ما يزيد علي مائة عضو من الدخول إلي البرلمان.. في الوقت الذي لم يكد يحصل فيه الحزب الوطني سوي علي ما يقرب من 34% من عضوية البرلمان.. لكنه استطاع من خلال طريقته المعتادة ضم المستقلين وبعض المنشقين عليه بالترغيب والترهيب ليحافظ علي «أغلبيته المصطنعة».. ومن ثم كان كل هم النظام فيما بعد التخلص من أي ضمانة لمراقبة الانتخابات وعلي رأسها الإشراف القضائي.. ويرفض أي رقابة دولية علي الانتخابات بما في ذلك الأمم المتحدة تحت حجة واهية لم تعد موجودة أو مطروحة في عالمنا الحاضر وهي التدخل في الشئون الداخلية.. علي الرغم من أن الحكومة المصرية وعن طريق وزارة الخارجية تشارك كثيراً في الرقابة علي الانتخابات في دول كثيرة وتحت إشراف دولي ليريدها انتخابات هزلية، كما حدث في تجديد مجلس الشوري عام 2006 والمحليات عام 2008، واختراع طريقة مصرية جديدة في تلك الانتخابات وهي مصادرة حق المواطن في ترشيح نفسه من المنبع.. اللهم إلا من رضي عنه الحزب الوطني والأمن.. فلم يعد الأمر متوقفاً علي منع الناخبين من اختيار من يريدون.. بل وصل الأمر إلي تحكم النظام فيمن يترشح.. فيسمحون لمن يريدونه ويقصون من لا يريدونه..
عاد الحراك مرة أخري.. وعاد الحديث عن ضرورة تغيير الدستور.. وقد ساعد علي ذلك طرح اسم بقامة الدكتور «محمد البرادعي» مرشحاً للرئاسة.. وتشكيل جمعية وطنية للتغيير.
وقد بدأت أحزاب في الحديث عن ضرورة تغيير الدستور.. وتستعد خلال أيام للاجتماع للتباحث حول هذا الموضوع.. وقد أصبح الأمر ملحاً بلا شك وعلي أجندة كل القوي السياسية، لكن هل يخضع النظام وحزبه لتلك المطالب؟!.
ليرينا ما يزعمه من ديمقراطيته في هذا الموضوع.. فلم يعد الدستور الحالي «بترقيعاته» يليق ببلد مثل مصر، فالناس تريد الآن رئيساً جديداً وانتخابات حرة ونزيهة..