أكره أن أرتدى مسوح الحكمة ورداء العقل أو أدعى أنى أملك الحقيقة المطلقة، ولكن فى زمن وحياة تغيب كثيراً منها الحكمة ويتصدر الجنون المشهد، وتدفن فى التراب الحقيقة أو حتى بعضها، لا أملك إلا أن أحاول أن أكون ما أكره، فملعون قلم يتخاذل عن الحكمة والعقل والحقيقة حين تغيبوا، فمنذ أن تحول الدين والحديث عنه إلى الوقوف أمام إضاءة الكاميرات ولمسات يد الماكيرات ونجومية وبورصة إعلام يعلو أو ينخفض حسب الإعلانات، ضاعت كثير من المعانى والقيمة.
ورغم أننى وآخرين قد يفصلون بين الدين ذاته أى كان وبين أهله، إلا أن الأغلبية لا فصل لديها بين الاثنين، فمثلا الإسلام كدين انتشر قديما فى السند والهند تأثرا بالتجار المسلمين وأخلاقهم الحميدة ومعاملاتهم الصحيحة، والإسلام الآن انتقض كثيرا بسبب مجموعات من الإرهابيين وصموا الدين بالقتل والإرهاب فى أقسى الحالات وبالوجوم والكراهية فى أضعفها، إذن لا فرق عند الأغلبية بين الدين وأهله حتى لو كانت الحقيقة غير ذلك .
وقد أكون استطردت طويلا فى مقدمة كان لابد منها للحديث عن حالة الشيخ والرجلين فى الإعلام، أما الشيخ فهو خالد الجندى والرجلان هما مرتضى منصور وشوبير، والشيخ مثل كثير من شيوخ آخرين ولكنه أسطعهم، شاهدته على مدى الأيام الأخيرة من محطة لأخرى ومن برنامج لآخر وهو يؤذى الدين لأنه من رجاله، فمن يتدخل فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه، وإن كنت أظن أن الشيخ نال ما يرضاه.
وأما الرجلان فأظن أنهما أيضاً قد نالا ما يرضيهما أو على الأقل ما يستحقان، شوبير ومرتضى لكل أجندته الخاصة ومصالحه ولست هنا فى معرض الحديث عن الرياضة وقوانينها، فأنا لست خبيرة بها، ولكنى فى معرض حديث عن إعلام درسته ومارسته وأتعاطاه كمشاهدة، ما الذى يثير فى رجلين يتناحران حول هذا تزوج عرفيا أو لا وذاك اتهمه بالشذوذ، ما الذى يجنيه مشاهد أفسد وأفسده الإعلام الرياضى وأخلاق رياضة اليوم المشارك فيها الرجلان، والكارثة أن أحدهما وقف يوما على منصة القضاء القانونى وآخر نصب نفسه على منصة القضاء الرياضى.
بدت لى قصة شوبير ومرتضى منصور منذ بدايتها وحتى آخر مشهد فيها ـ رآه الملايين من خلال برنامج مصر النهاردة ـ وكأنها مسرحية هزلية من فصول شارك فيها إعلامنا الخاص والعام، وكلما كانت المسرحية تتطور يوماً بعد يوم كان المشهد أكثر بؤساً، فبئس رياضة وإعلان خلق مثل هذه الحالة التى تدفع المواطنين لأن يلتفوا حول الاثنين، وكأننا مجموعة من السكارى فى روما القديمة يشاهدون ساحات مصارعة الديوك، والمصيبة إن قبلنا بهذا الأمر فى الرياضة، فلم نقبل بذلك فى الدين، لِمَ يقحم الشيخ نفسه فى قضية مثل هذه إلا أن كانت الأضواء مبتغاة، ولن أقبل أن يخرج علىَّ أحدهم ليرد نافياً اتهامى، قائلا إن الشيخ تدخل بين الكابتن والمستشار لأنه رجل الدين الذى يصلح شئون العباد، ولأن الصلح خير وأن الله سبحانه وتعالى قال فى كتابه العزيز بضرورة الإصلاح بين الإخوة فى الإسلام، والنبى بلاش.. معركة الجزائر ومصر كان الشيخ بها أولى لو كان الأمر كذلك.
الشيخ والكابتن والمستشار قد تكون وجوها جاذبة لإعلانات السمنة أو الكيرى أو حتى برسيل، لكنهم بالتأكيد براء من الدين والقانون والرياضة، رغم أنهم من أهلها.. ألم أقل لكم كم من أهل مهنة أو دين يسيئون لها وله.