افتتح هذا الأسبوع الأمير الوليد بن طلال بصفته رئيس مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية القاعة الجديدة التى سميت باسمه فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والتى تبرع بمبلغ 10 ملايين دولار لإنشائها، وهو الخبر الذى قد لا يستوقف الكثيرين ولا يرون فيه شيئا ملفتا، على اعتبار أن الوليد من الشخصيات المصنفة عالميا فى مجال المال، ومن الطبيعى أن يخصص جزءا بسيطا من أرباحه للتبرعات لمختلف الأنشطة والخدمات، ولكن الملفت والمستفز وما يجب التوقف عنده هى تصريحات الأمير الوليد عقب افتتاحه القاعة بالجامعة الأمريكية، حيث قال "إن هذه القاعة هدية من مواطن سعودى لمصر أم الدنيا"، وأكد أنه أنشأ هذه القاعة بالجامعة الأمريكية فى القاهرة، لأن مصر يمكن من خلالها أن تخاطب المسلمين حول العالم.
هل يريد الأمير أن يقنعنا بأنه قدم هذه التبرعات حبا من أجل مصر، كنت أفضل أن يكون الأمير أكثر صراحة وأن يقول إنه يقدم تبرعاته فى الجامعات الكبرى فى أمريكا وإنجلترا وفرنسا لتقديم صورة جيدة عن رجال الأعمال السعوديين وللحفاظ على صورة السعودية فى العالم، وهو هدف مشروع ومن واجب رجال الأعمال السعوديين أن يفعلوا ذلك فى أى مجتمع يعملون فيه، وهو أيضا واجب على رجال الأعمال المصريين بنفس القدر، ولكن المؤكد هو أن مصر ليست فى حاجة لقاعة فى مقر الجامعة الأمريكية بالقاهرة لتخاطب منها العالم الإسلامى، فيمكن لمصر أن تخاطب العالم الإسلامى والمسيحى من جامعة القاهرة، وأرى أن الأمير لو كان يريد فعلا تقديم مساهمة حقيقية لقدم هذا الدعم لجامعة القاهرة أو لإحدى الجامعات الإقليمية التى تحتاج هذا التبرع بشكل أكبر بكثير مما تحتاجه الجامعة الأمريكية..
لو كان الأمير الوليد يريد فعلا أن يخدم مصر لكان قد حقق طفرة فى الزراعة فى الأرض التى يمتلكها فى توشكى بدلا من أن يجمد الأرض كل هذه السنوات، ثم يفكر الآن فى طرحها للمشاركة مع المصريين، لو كان حقيقة يريد صورة جيدة لمصر لما كان جمد الإنتاج السينمائى الذى كان يتحكم بنسبة كبيرة فيه فى السنوات الأخيرة، وبعد أن تسببت شركته فى رفع مستوى الأجور وزيادة تكلفة الصناعة، وفرض ذوق فنى محافظ على صناعة السينما المصرية أثر بالتأكيد على ما يقدم على شاشة السينما شكلا ونوعا، ثم أتاح الفرصة الآن ليصبح كل تاريخ السينما المصرية بين يدى شريك الأمير الوليد الجديد ميردوخ رجل الإعلام المعروف بانتماءاته الصهيونية.
لا أرفض إطلاقا أن يعمل الأمير الوليد أو غيره من الأمراء لتحقيق أهداف اقتصادية أو اجتماعية، على العكس تماما أطالب الجميع دوما أن يكون لهم نشاط اجتماعى موازى لمشروعاتهم الاقتصادية، ولكن لا يجب أن نخلط أبدا بين تحقيق الأهداف الخاصة اقتصاديا واجتماعيا وبين استخدام اسم مصر كمبرر لهذا الدور، فبالتأكيد مصر أكبر بكثير من أى شخص، ومن يريد أن يخدم مصر بشكل حقيقى يعمل على تنميتها فعلا على أرض الواقع بدلا من إطلاق التصريحات الوردية من القاعات المكيفة.