أينما تولي وجهك في هذا الوطن تجد الفساد، تجده علي يمينك ويسارك وأمامك وخلفك وفي البر وفي البحر أصبح الفساد إحدي شرعيات النظام متلازماً بالاستبداد.
لقد شجع النظام الحالي علي الفساد وشجع المفسدين علي نشر ثقافتهم، ولم يعد الأمر مقصوراً علي المحليات فقط، كما قال أحد كبارهم منذ سنوات إن الفساد في المحليات للركب، إنه وصل الآن إلي الرأس.
فلا يمكن لأي مواطن يريد أن يقضي مصلحته في أي مؤسسة حكومية إلا بالفساد والرشوة، وحتي المؤسسات التي يجب أن تحارب الفساد ينتشر فيها الفساد.. ولا يمكن لأي مواطن أن ينهي عمله في تلك المؤسسات إلا بالرشوة.
ولعل ما يحدث في إدارات مرور عموم مصر كاشفاً فاضحاً لذلك.
.. فالنظام يريد كل المصريين فاسدين، ومن ثم منح حمايته للفاسدين الكبار.
فقد رأينا كيف كان النظام يحمي قاتل المصريين ممدوح إسماعيل ويمنحه الحصانة من خلال عضويته في مجلس الشوري بالتعيين.
ومازالت قضية وزير الإسكان محمد إبراهيم سليمان مفتوحة والمتورط فيها عدد كبير من المسئولين ورجال أعمال وهي نموذج في إهدار المال العام، وإهدار مستقبل الأجيال المقبلة بالتخلص من الأراضي للمحاسيب وأركان النظام.
.. ومع هذا تم منحه وسام الاستحقاق، وإسناد إليه وظيفة مهمة بملايين الجنيهات.. أي نعم تم سحب تلك الوظيفة فيما بعد بقرار رئاسي عقب فضح البرلمان للحكومة وصدور فتوي ملزمة من مجلس الدولة بعدم أحقيته في المنصب.
.. وخلال الأيام السابقة تم طرح قضية الرشوة الخاصة بشركة مرسيدس، والتي كشفتها تحقيقات أمريكية، وتم توجيه اتهام مباشر لمسئول كبير في مصر خلال الفترة من عام 1998 إلي عام 2004 واعترفت الشركة الألمانية الأم بتلك الرشاوي أمام محكمة أمريكية وسوت الموضوع بدفع غرامة كبيرة.
لكن السادة المسئولين في مصر التزموا الصمت ولم يتحركوا أو يجيبوا عن التساؤلات المطروحة في الشارع سواء عبر الإعلام والصحف والبرلمان، وهم يعلمون جيداً من تقاضي الرشوة.
فهل هذا المسئول الكبير دفع لمن هو أكبر منه وأعطاه من الرشاوي والهدايا التي كانت من بينها سيارات حديثة، حتي يتم توريطه، ومن ثم حمايته بعد ذلك.
بالطبع الحكومة تعرف جيداً من كان المسئول خلال هذه الفترة في تلقي الرشاوي، لكنه الصمت أو قل شرعية الفساد التي أصبحت متلازمة تماماً لشرعية استبداد النظام.
فساد يا مصر!
إنه فسادك أيها النظام.احمد شعلان