أبحث فى جراب ردود الفعل فلا أجد سوى الضحك ردا على تلك التنقلات المضحكة للسيدين جمال مبارك ومحمد البرادعى بين محافظات مصر، والتى تشبه إلى حد كبير الرحلة الأمنية الشهيرة المعروفة باسم "كعب داير"، رغم أن البرادعى لم يزر حتى الآن سوى محافظة واحدة رغم وعود من حوله بأنه سيلف مصر كلها..
وقبل أن تتهمنى بأننى ضد البرادعى أو غيره ..أرجوك لا تتخيل أننى محطم المجاديف، أو راعى البقاء الدائم لنظام الحكم الحالى، فأنا مع التغيير حتى ولو جاء على عربة كارو أو على يد كائن مريخى مناضل..
أعود إلى السادة جمال مبارك ومحمد البرادعى وأيمن نور .. الأول كما تعرفون هو نجل الرئيس وأمين لجنة السياسات بالحزب الوطنى والبطل الرئيسى فى قصة التوريث، التى تقول بأنه الرئيس القادم لمصر، وهو أيضا النافى الرئيسى لتلك القصة والمؤكد على طول الخط أنه لا صحة لأى كلام يدور حول ترشيحه رئيسا للجمهورية.. والثانى كما تعرفون أيضا هو الفائز بجائزة نوبل الذى جاء به الفيس بوك كمرشح نووى وتتعامل معه النخبة على أنه الرئيس قادم لمصر، رغم أنه لم يعلن بشكل رسمى حتى الآن ترشيح نفسه فى انتخابات الرئاسة القادمة.. والثالث هو الزعيم الروحى لحزب الغد ووصيف الرئيس من بعيد فى الانتخابات الماضية، وهو المواطن المصرى الوحيد الذى أعلن وكرر أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية القادمة رغم أنه غير صالح قانونيا وسياسيا لخوض ذلك السباق لأسباب أنتم تعرفونها جيدا..
إذن لماذا يكلف الثلاثة أنفسهم عناء وتعب لف محافظات مصر المختلفة؟ أرجوك لا تقل لى إنهم لا سمح الله يطمئنون على أحوال الغلابة أو يستكشفون كيف يعيش السكان الأصليون فى بلاد ماوراء خط الفقر، فالغلابة موجودون منذ عشرات السنين فى أقاليم مصر ولم يستمتعوا سوى بزيارات الفقر والمرض وطلة المرشحين للبرلمان كل خمس سنوات..
الثلاثة إذن لديهم فى تلك الزيارات أغراض ونوايا غير خالصة لوجه الوطن والمواطنين، الاثنان الكبار جمال والبرادعى يطوفان محافظات مصر ويطالبان الناس بأن يخرجوا للقتال من أجل أن يأتوا بهما إلى كرسى الرئاسة، قبل أن يتجرأ أحدهما ويقرر خوض تلك المغامرة، أما الثالث فهو يطالب الناس بأن يذهبوا للقتال من أجل إرضاء رغبته فى التواجد على المسرح، رغم أنه يعلم يقينا أن وجوده فى كادر المرشحين هو المستحيل الرابع بعينه..
جمال والبرادعى يطرحان فكرة ترشيحهما من تحت لتحت وعلى استحياء، وفى نفس الوقت يطالبان أهل الأقاليم الغلابة بتأييد واضح وعالى الصوت.. جمال والبرادعى يخطبان فى الناس عن الفقر والبنية التحتية والشعور بمعاناتهما دون أن يفكر أحدهما أن يذهب إلى قرى الدقهلية أو الصعيد فى الميكروباص أو القطار، لعله يدرك أن الغلابة هناك لن يتحملوا أن يبيع لهم أحد الوهم أو يتاجر أحد بأحلامهم.
جمال والبرادعى سيظلان تجار أحلام غير موثوق فى أمانتهم حتى يتجرأ أحدهما ويعلن بقوة أنه سيتصدر تلك الصفوف فى الطريق نحو التغيير أو كرسى الرئاسة، وأى شىء غير ذلك سيبقى عملية تخصيب فاشلة لحماس جماهير على استعداد تام أن يحبل فورا بثورة التغيير السلمية، طبعا أنا أتمنى ألا يتنازل الأول عن استحيائه هذا لأننا وقتها سنضطر لاستكمال مسيرة النظام الذى يحكم منذ 30 عاما، وفى نفس الوقت أعلم أن الثانى لن يتنازل عن استحيائه هذا وسيظل هكذا يدور ويلف ويلتف مع أولئك الذين التفوا حوله، حتى ينتهى الموسم الانتخابى ويعود كل طير إلى عشه حتى موعد الموسم