رسالة طمأنة للبنانيين أم تمهيد لمصالحة مع سوريا؟
أحمد أبو الغيط
تباينت ردود الأفعال في الأوساط السياسية والصحفية اللبنانية حول التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية المصرية أحمد أبوالغيط أثناء زيارته بيروت يوم السبت الماضي، والتي التقي خلالها رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري ووزير الخارجية علي الشامي، بالإَضافة إلي قيادات سياسية أخري منها سمير جعجع ووليد جنبلاط، وسيطرت الدهشة والترقب علي معظم ردود الأفعال علي تصريحات أبوالغيط الذي استخدم لهجة غائبة منذ زمن عن السياسة الخارجية المصرية، إذ أعلن رفضا مصريا قاطعا لأي عدوان علي سوريا أو لبنان، ووصف الادعاءات الإسرائيلية بحصول حزب الله علي صورايخ سكود من سوريا بأنها أكاذيب.
وقالت صحيفة الأخبار اللبنانية إن «ما اتفق عليه المختلفون هو المفاجأة التي خلفتها (اللغة الجديدة) التي استخدمها أبو الغيط، سواء خلال حديثه عن إسرائيل واحتمال شن عدوان علي لبنان، أو في الرسائل التي وجّهها إلي سوريا» ونقلت الصحيفة المقربة من المعارضة عن سياسي مقرب من رئيس الحكومة سعد الحريري أن أبو الغيط لفت خلال لقائه الحريري إلي احتمال أن تقوم إسرائيل بـمغامرة عدوانية ضد لبنان وسوريا، مؤكداً أن «مصر لن تقف متفرجة علي أي عدوان مماثل، لأنه قد يؤدي إلي تغيير خريطة المنطقة، ويمسّ الأمن القومي المصري والعربي، سواء في غزة أو الأردن أو لبنان»، واعتبرت الصحيفة من خلال من قالت إنها مصادر سياسية متابعة، أن أبو الغيط أراد من خطوته «توجيه رسالة إلي سوريا، من خلال تأييده للاستقرار الذي توفره دمشق في لبنان»، وأنه من هذا المنطلق، كرر الوزير المصري القول إن الرئيس السوري بشار الأسد «مرحّب به دوماً في القاهرة»، مذكراً بالإيجابية التي سادت اللقاء بين الأسد ورئيس الوزراء المصري في قمة سرت الليبية.
وعلي صعيد معاكس فإن صحيفة النهار المقربة من الأكثرية الحاكمة، لاحظت أن أبوالغيط لم يلتق من قوي الثامن من مارس سوي الرئيس نبيه بري، وقالت الصحيفة في الافتتاحية التي كتبها خليل فليحان إن أبوالغيط «لم يكن من المنتظر أن يطلب اللقاء مع ممثل عن «حزب الله» كما فعل في مارس من عام 2008 عندما اجتمع مع الوزير محمد فنيش، والسبب يعود إلي توقيف عنصر من الحزب في القاهرة بتهمة ضبطه في مهمة إخلال بأمن الدولة، ولعل القصد من هذه اللقاءات توجيه رسالة إلي أكثر من جهة داخلية وخارجية بأن مصر باقية علي اهتمامها بالسياسة الداخلية بالاستفسار عن العلاقات بين الأطراف مباشرة من بيروت».
ونقلت صحيفة السفير عن مصدر مقرّب من رئاسة الحكومة اللبنانية قوله إن «زيارة أبو الغيط لم تحمل رسائل معينة أو معلومات محددة»، مضيفا «من الواضح أن مصر تريد معاودة التحرك في المنطقة مواكبة لحركة المبعوث الأمريكي جورج ميتشل من جهة، وكون أبو الغيط يتجه إلي لوكسمبورج لحضور اجتماعات وزراء الخارجية الأوروبيين، من جهة ثانية، لذا كان حريصا علي الاطلاع علي الجو اللبناني، وسط محاولة أمريكية لإعادة تحريك مسار التفاوض الفلسطيني ـ الإسرائيلي الذي تجمد بفعل استمرار الاستيطان في القدس الشرقية