يوجد شعب فى العالم عاش تحت وطأة قانون الطوارئ كما عاش شعبنا، فمنذ عام 1981 وحتى الآن نعانى كلنا من هذا القانون الذى أطلق يد الأمن فى مجريات أمور الوطن، وترتب على ذلك مصادرة الحريات، واعتقال الشرفاء، وتزوير الانتخابات، والتضييق على كل قوى المعارضة.
وقد ساعدت هذه البيئة على نشأة مراكز القوى من جديد، والتنكيل بكل من يطالب بالإصلاح، وتأميم المجالس النيابية خاصة بعد استبعاد القضاة عن صناديق الانتخابات بعد التعديل الدستورى الأخير، بل وأفرزت مجموعة من المفسدين الذين سيطروا على اقتصاد البلد ومارسوا كل أشكال الفساد والاحتكار.
ومن أخطر مساوئ قانون الطوارئ محاكم أمن الدولة العليا طوارئ فأحكامها نهائية، ولا يقع تحت طائلتها إلا السياسيون وأصحاب الفكر والاتجاهات السياسية الرافضة للنظام الحاكم، وذلك فى الوقت الذى يتمتع فيه القتلة وتجار المخدرات والمفسدون بحق النقض، وبذلك نجد أن أحكام ومحاكم أمن الدولة العليا طوارئ فى مصر وعدم تعرضها للنقض ظلم صارخ، وتضييع لمبدأ المساواة الذى كفله الدستور.
وإذا تطرقنا لنصوص القانون التى تستدعى فرض حالة الطوارئ نجد أنها غير موجودة بالمرة فى الواقع المصرى، فالمادة 1 من قانون الطوارئ تنص على "يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام فى أراضى الجمهورية أو فى منطقة منها للخطر، سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات فى الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء"، هذه هى الحالات التى تفرض فيها الطوارئ، فهل هناك عاقل يجد أن هذه الحالات تظل الأوضاع فى مصر الآن؟!
وبالطبع النظام حريص كل الحرص على تمديد حالة الطوارئ خلال الشهر الحالى لمدة ثلاث أعوام قادمة، حتى يضمن سيطرته على الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، ويجعل الجميع تحت رحمة عصا الأمن الغليظة التى ستخرس كل الأصوات وقت اللزوم بقوة قانون الطوارئ.
هذا الحال جعل منظمات عالمية تطالب النظام المصرى بالتراجع عن هذا القانون المشئوم، ومنها هيومن رايتس التى أكدت فى تقرير لها صدر فى إبريل الماضى أن قانون الطوارئ يجعل من الإصلاح السياسى فى مصر أمرا مستحيلا، وأضاف التقرير: "إذا جددت الحكومة حالة الطوارئ مرة أخرى فى مايو فسيؤدى هذا إلى تعزيز الانتهاكات وانعدام الرقابة بحق شعب مصر"، وطالب البيان مصر بالالتزام بالعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وأرى على كل الشرفاء أن يستخدموا كل الوسائل القانونية والسلمية حتى ولو وصل الأمر للعصيان المدنى، حتى تتراجع الحكومة عن تمديد قانون الطوارئ، فلن يستطيع مصرى تحمل أن يحكم بقانون الطوارئ حتى ولو لمدة ساعة قادمة، فكفانا طوارئ واستبدادا ومصادرة للحريات، وملاحقات أمنية للشرفاء تحت مظلة هذا القانون اللعين.