ومتى سيدرك جبريل الرجوب أن استثمار شعبية الكرة لمصلحة القدس أبدا لن يتم بهذه الطريقة الفاضحة؟
■ لو كان يجوز لى أن أتقدم هنا.. وعلنا.. بالشكر العميق لمواطن أو مسؤول إسرائيلى.. فلن أتردد فى شكر الإسرائيلى يائير غباى عضو مجلس بلدية القدس.. فهذا الرجل دون أن يقصد أعفانى.. وكثيرين غيرى.. وجع الكتابة والكلام والشروحات والتحاليل والتفاسير ونحن نطالب سمير زاهر رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم وجبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطينى بالتراجع عن فكرة إقامة مباراة بين المنتخبين المصرى والفلسطينى..
ففى البداية كان الرجوب يريد المنتخب الأوليمبى المصرى فى القدس.. ولم يوافق الاتحاد المصرى.. فأعلن الرجوب الحرب على مصر مؤكداً أن زيارة القدس ليست تطبيعا وأن الكرة المصرية مطالبة بالتضامن مع الفلسطينيين.. ومع كثيرين غيرى نجحت فى وقف نيران هذه الحرب شارحا للرجوب أن هناك ألف طريقة لاستثمار شعبية الكرة للدفاع عن القدس وفلسطين ضد جرائم إسرائيل ليس منها بالضرورة أن يسافر منتخب مصرى ليلعب فى القدس..
وعاد الوفاق إلا أننى فوجئت بالرجلين أثناء تواجدهما فى جدة للمشاركة فى انتخابات الاتحاد العربى يعلنان من جديد الاتفاق على زيارة يقوم بها المنتخب المصرى الأول للقدس واللعب هناك مع منتخب فلسطين فى الثامن من أغسطس المقبل.. وكان السيناريو المتوقع هو أن ينتظر اتحاد الكرة وسمير زاهر انفجار الغضب فى الشارع المصرى.. ثم على أوراق الصحافة وشاشات برامج الرياضة والسياسة.. فإن بدأ الانفجار ووقع.. لا يسافر المنتخب المصرى ليبدأ غضب الرجوب على مصر مرة أخرى وتأتيتنا اتهاماته من جديد.. وإن تأخر الغضب والرفض وبات السفر ممكنا ومتاحا.. فسيبدأ رجال لزاهر والرجوب معا بالصخب الزائف والتهليل والصراخ وكأن الزيارة أنهت كل مواجع وشكاوى القدس.. ولكن كما سبق أن أشرت.. أعفانا يائير غباى من كل هذه الحمول والهموم..
فالرجل أعلن باختصار ووضوح وحسم أن بلدية القدس ترفض زيارة المنتخب المصرى ولن تسمح له باللعب فيها مع منتخب فلسطين.. فهذا الرجل هو المسؤول عن ملف الرياضة فى القدس وسبق له أن التقى للتنسيق مع ليمور ليفنات وزيرة الرياضة الإسرائيلية.. وقام بحملة ضخمة سياسية وإعلامية لحث كل قيادات إسرائيل على رفض هذه الزيارة.. ولا أعرف ماذا سيقول الرجوب الآن.. ومتى سيقتنع صديقى الفلسطينى العزيز بضرورة تغيير هذا الفكر القديم.. فهناك وسائل أخرى حقيقية أكثر جدوى وقيمة وفاعلية من مجرد مباراة ودية ستثير الغضب والشكوك والاتهامات فى الصف العربى ولن تلفت انتباه العالم لأى جريمة أو خطيئة فى القدس..
وعلى سبيل المثال نسى الرجوب أن حسين عليان.. نائب رئيس رابطة الصحفيين الرياضيين الفلسطينيين منعته إسرائيل دونما سبب أو مبرر من السفر إلى تركيا للمشاركة فى الجمعية العمومية للاتحاد الدولى للصحافة الرياضية.. وكان من الضرورى إيصال الأمر إلى كل هؤلاء الصحفيين أثناء اجتماعاتهم ليعرف العالم من خلالهم وصحفهم وشاشاتهم أن إسرائيل لا تحترم الصحافة والصحفيين.. كان من الضرورى أن يطلب الرجوب من القطرى محمد بن همام.. رئيس الاتحاد الآسيوى ونائب رئيس الفيفا.. ضغوطه ومساعدته لإقناع الجزيرة الرياضية بوضع إعلان للتنبيه والتذكير بما يجرى فى القدس وجرائم إسرائيل قبل كل مباراة فى أى بطولة، من تلك التى اشترتها القناة القطرية من كأس العالم لكأس أفريقيا لبطولات ودوريات أوروبا..
وكان من الضرورى أيضا أن يطلب الرجوب من حكومة دبى التى أنهت مفاوضاتها تقريبا لشراء نادى ليفربول برقم يزيد على نصف المليار يورو أن تطلق اسم القدس على أى قاعة أو أى ملعب فرعى داخل النادى الإنجليزى العريق.. وهناك ملف ضخم أتمنى أن يفى الرجوب بوعده لى ويأتى للقاهرة ونطلق معا حملة حقيقية ومغايرة لاستثمار كرة القدم من أجل القدس خاصة، أننى قلت له إن هناك بين صفوف المصريين عباقرة حقيقيين فى الفكر والميديا والتخطيط والقدرة على التحاور مع العالم كله وإقناعه بحقائق العرب وحقوقهم..
وأرجو أن ينسى الرجوب حكاية المباراة الودية.. وأن ينسى السفير المصرى فى تل أبيب أمنيته بأن تلعب مصر مع إسرائيل.. وأن يدرك الجميع أن الرياضة لن تكون أبدا جسرا للسلام بيننا وبينهم وإنما كانت وستبقى طوال الوقت امتدادا للحرب والصراع، ولكن بصور أخرى ليس فيها سلاح أو دماء.
■ لا أحب تلك القضايا المسكوت عنها التى تبدو وكأنها ليست موجودة إلا لتكتب عنها الصحافة وتناقشها برامج التليفزيون ويستخدمها البعض لتصفية حسابات خاصة وغير معلنة.. ثم فجأة تختفى وكأن شيئا لم يكن.. كأنها لم تتضمن اتهامات مخيفة ومزعجة تم إعلانها على الملأ وبدأ الناس يتحدثون عنها وعن شخوصها وأبطالها، ومن الضرورى أن يعلم الناس فى النهاية الحكم القاطع، ومن الذى تمت إدانته وما هو عقابه ومن الذى ثبتت براءته..
أما الاعتماد على النسيان وذاكرة الناس المثقلة بالهموم والمواجع فهو أمر غير جائز وغير محترم أيضا.. وعلى سبيل المثال.. هناك رضا مصطفى.. المدير الفنى السابق لنادى أبشواى.. الذى ظهر على شاشة التليفزيون مع الزميل والصديق محمد شبانة وأكد أنه استقال من منصبه لأنه رفض كل الضغوط التى مورست عليه لتفويت مباراة للفريق مع نادى المقاصة الطامع فى الصعود للممتاز.. وهى حكاية لا أراها صالحة للتسلية والهزار والسبق التليفزيونى.. فهو اتهام خطير وحكاية مقلقة جاءت على لسان مدرب فى المظاليم..
إما أنه رجل صادق وبالتالى لابد أن تبدأ التحقيقات ومعرفة ماذا كانت تلك الضغوط ومن الذى قام بها وكم كان ثمنها ومن الذى كان سيدفع.. أو أنه رجل كاذب خرج على الهواء يثير البلبلة والشكوك وينتقص من أقدار ومكانة رجال شرفاء.. وبالتالى لابد من محاسبته بكل حزم سواء جنائيا أو كرويا ومنعه من ممارسة مهنة التدريب مستقبلا.. فأنا أتمنى وضع حد قاطع ورادع للاثنين معا.. الذى يتحايل على القانون واللوائح والشرف من أجل المكسب.. الذى يستسهل تلويث السمعة ورش الآخرين بالوحل لتبرير الخسارة.. ومثال آخر يتعلق بصحيفة الفرسان التى كتبت عن واقعة فساد داخل النادى الاهلى تتمثل فى التعاقد مع حارسين للمرمى هما عبد العال نصرى وحسن أحمد مقابل مليون وأربعمائة ألف جنيه..
الصحيفة أكدت أن تامر النحاس هو الذى قام بهذه الصفقة التى رفضها خالد مصطفى مدرب حراس الأهلى تحت ١٨ سنة، ولكن وافق عليها أحمد ناجى مدرب حراس فريق الكبار.. ثم تبين كما تقول الفرسان أن إدارة الأهلى فوجئت فيما بعد بأنها لا تعرف ممن اشترت هذين الحارسين، ومن الذى قبض المليون وأربعمائة ألف من النادى الكبير.. وألمحت الصحيفة إلى أن هناك عمولات حصل عليها مسؤولون فى الأهلى لإتمام هذه الصفقة الوهمية.. والمشكلة هنا هى هل هذا الاتهام صحيح أم لا؟!
هل هناك بالفعل صفقة وهمية وعمولات ومسؤولون قبضوا ومليون وأربعمائة ألف جنيه فقدها الأهلى ليشترى الهواء أو الترومواى أو العتبة الخضراء.. أم أن شيئا من ذلك لم يحدث على الإطلاق والمسألة كلها لا تعدو أكثر من مجرد إثارة وتكهنات صحفية؟!
الأمر المؤكد أنه من حق الناس أن تعرف الحقيقة.. وأن تكون هناك نهاية واضحة ومحددة لمثل هذه القصة.. إما أن الفرسان صحيفة مذنبة حاولت الإساءة للنادى الاهلى ومسؤوليه.. وإما أن هناك مسؤولين فى الأهلى لا يستحقون العمل أو حتى البقاء داخل النادى العريق ولابد من طردهم ومحاكمتهم جنائيا وأخلاقيا.. والمثال الثالث يتعلق بنائب برلمانى موقر.. قرر التقدم بطلب إحاطة تحت القبة.. ليس لكشف حالة للفساد والخروج على القانون وإهدار للمال العام.. وليس لمراجعة أحد المسؤولين فى موقف سياسى أو اقتصادى.. وإنما قرر النائب التقدم بطلب إحاطة ليشكو اتحاد الفروسية الذى لم يسمح لابنه اللاعب بالمشاركة فى إحدى بطولات الفروسية.. وأنا بالتأكيد لست ضد الظلم أو منع أى لاعب من حقوقه إذا كانت له بالفعل حقوق..
لكن هل قبة البرلمان هى مكان مناقشة مشاركة لاعب فى بطولة أم لا، وهل هذا هو الفكر البرلمانى الذى يحكم السادة نواب الحزب الوطنى ورؤيتهم للرياضة، وهل هؤلاء النواب الذين يمكن أن نراهن عليهم لصياغة قانون جديد للرياضة فى بلادنا؟! والسؤال هو هل يمكن محاسبة هذا النائب برلمانياً وإعلامياً.. أم أن الحكاية دمها خفيف وسننساها بمرور الوقت تماما مثلما نسينا الاجتماع البرلمانى الحاشد الذى عقده نواب الشعب والشورى فى الدقهلية ومطالبتهم بجلسة خاصة للمجلسين معا لمطالبة الدولة بمنع هبوط المنصورة للدرجة الثانية؟!
■ خيط رفيع جدا يفصل بين العدل والإنسانية وبين القانون والرحمة.. ولو تمزق هذا الخيط فلابد من الفوضى والكارثة.. وهذا بالضبط هو ما يجرى الآن فى أسلوب تعاملنا مع كل الخارجين على القانون من جماهير الكرة فى مصر.. يخرج الشاب على القانون.. يثير الشغب ويرتكب الجرائم فى الملاعب والطرقات.. يلقى بالحجارة ويحرق وجوها وأشياء.. يحطم سيارات ومقاعد وممتلكات عامة وخاصة.. وحين يتم إلقاء القبض عليه.. على الفور ينقطع الخيط الرفيع الفاصل بين جوانب الحياة وحقائقها..
وفجأة يصبح هذا المتهم طالبا مهددا بضياع مستقبله.. شابا محبطا لابد من مراعاة ظروفه.. إنسانا ينتمى لأسرة بريئة ومسالمة يكفيها ما تعيشه كل يوم من هموم ومعاناة.. أو فى النهاية مشجعا ينتمى للأهلى أو الزمالك أو الإسماعيلى أو الاتحاد السكندرى أو المصرى.. ويبدأ أى ناد من هؤلاء فى التعامل مع الأمر وكأن محاكمة هذا المشجع وعقابه بمنتهى العدل والحزم سيصبحان انتقاصا من مكانة النادى واحترامه ويهزان صورته أمام جماهيره.. فيبدأ مسؤولو النادى ومشجعوه الكبار التدخل لدى السلطات الأمنية والقضائية لإطلاق سراح أى متهم فى أى جريمة تخص تشجيع كرة القدم والتعصب لها بمنتهى الجنون والإجرام.. وهكذا.. تتوالى الجرائم.. وستبقى تتزايد حتى تأتى لحظات موجعة ومهينة للجميع.. فالمجرمون الذين أحرقوا أتوبيس المشجعين فى طريق الإسكندرية الصحراوى عقب مباراة الزمالك والأهلى لابد أن يعاقبوا..
والمجرمون الذين حطموا مقاعد استاد القاهرة فى مباراة الأهلى والإسماعيلى لابد أن يعاقبوا.. والمجرمون الذين أحرقوا وحطموا السيارات فى ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر لابد أن يعاقبوا.. لن أرتكب نفس الخطأ الإعلامى الشهير وأقول إنهم جماهير الأهلى أو الإسماعيلى أو أى ناد آخر فى جرائم سابقة.. فالتعميم هنا بات غالبا مقصودا لتمييع الجريمة وشيوعها، وبالتالى يسقط أى عقاب وتضيع كل الحقوق.. لا يا سادة.. ليس جمهور الأهلى هو الذى أحرق أتوبيس الإسكندرية أو السيارات فى رابعة العدوية.. وليس جمهور الإسماعيلى هو الذى حطم مقاعد استاد القاهرة..
فالذين يقولون ذلك يريدون خداعنا لأنه مستحيل أن نضع كل جمهور الأهلى فى قفص المحاكمة أو نحيل كل جمهور الإسماعيلى للنيابة العامة.. وإنما هم مجرمون أفراد يجب محاسبتهم، ومحاكمة كل من تثبت إدانته بدون أى تدخل من إدارة الأهلى ومشجعيه الكبار ودون تدخل إدارة الإسماعيلى أو محافظ الإسماعيلية ونوابها البرلمانيين.. هذا إذا كنتم فعلا تريدون الإصلاح ومواجهة الواقع ووقف نزيف المخاطر والجرائم وانفلات الأعصاب.. هذا إذا كنتم فعلا تخافون على مصر ولا تحلمون بها على شكل قنبلة من كراهية وغضب تنفجر يوما فى وجوه الجميع بسبب مباراة لكرة القدم.
■ بمناسبة الحديث عن الإعلام.. لابد من تحية خاصة لقناة الأهلى التى كان الجميع فى البداية يتخوفون منها سرا أو علنا بدعوى أنها ستثير الفتن وتشعل الحروب الأهلية الكروية.. لكن الواقع أثبت أن هذه القناة برئاسة الصديق والزميل الرائع خالد توحيد.. أبدا لم تكن شعلة النار التى يسهل إلقاؤها فى الحطب المشتعل مقدما.. وليست طبولا صاخبة تعلن وتشجع بداية حرب كلنا نرجو ونأمل ألا تبدأ..
ولا أعرف متى ستنتهى الدراسات والأبحاث والاجتماعات والاتفاقات التى لا نهاية لها بشأن إطلاق قناة للزمالك.. وإنما أتمنى أن تكون القناة الجديدة للزمالك بنفس هدوء ووقار وحكمة قناة الأهلى.. وألا تكون مثل المجلة الرسمية للزمالك التى باتت تفيض باتهامات جارحة وأوصاف غير لائقة وعناوين موجعة لكل من ينتمى للأهلى أو كل من لا يدافع عن الزمالك ظالما أو مظلوما.. صحيح أن هناك بعض الكتابات القليلة فى مجلة الأهلى تلتزم بنفس ذلك النهج والخروج على القواعد لكنها على الأقل كتابات محدودة وفى صفحات داخلية وليست عناوين ومانشيتات وسياسة عامة ودائمة للتحرير..
وبهذا الشأن.. أزعجنى جدا ما بدأ ترديده عن تفكير المهندس فرج عامر فى إطلاق قناة فضائية تخص نادى سموحة الذى تأهل هذا الموسم لدورى الأضواء.. ومن الواضح أن هناك من بدأوا يستعدون لنصب الشباك وتوزيع حصص المغانم والأرباح.. فلست أفهم.. ولا أقبل أيضا.. فكرة تأسيس أى قناة تليفزيونية لنادى سموحة الذى لا يزال فى سنة أولى ممتاز وأضواء وبلا جمهور حقيقى وليست له قضايا وهموم تستدعى وتستحق إطلاق قناة فضائية خاصة