بعد أن خلق الله الرجل ككائن جديد ومختلف عن الكائنات الأخري الكثيرة التي خلقها.. لم يكن الرجل يعلم بالظبط ما الذي ينبغي عليه أن يفعله.. لهذا.. كان يقضي وقته في التمشية بين حدائق الجنة وفي الجلوس علي شواطئ أنهارها وحيداً شريداً ضائعاً يفكر في اللاشيء.. فهو كائن وحيد.. لا تحتوي حياته علي أشياء مفرحة ولا علي أشياء محزنة.. هو بمعني أصح.. كائن بدون مشاكل.. ولأن الحياة بدون مشاكل ليست حياة.. لهذا.. وفي مغربية حزينة.. وبينما هو جالس يحدق في الفراغ اللانهائي علي شاطئ أحد أنهار الخمر في الجنة.. شعر فجأة بشيء غريب في أحد أضلاعه يتشكل ويتكون.. ولأن الرجل وقتها لم يكن قد اختبر بعد أي مشاعر للألم أو للخوف.. وَجِلَ وأغمض عينيه.. وشعر بالخوف لأول مرة في حياته.. ومن شدة هلعه وفزعه من ذلك الشعور الغريب والخاطف راح في نوبة سبات عميق.. ليلتها حلم الرجل لأول مرة في حياته.. حلم حلماً غريباً.. رأي فيه كائناً غريباً ينتمي إليه في النوع ولكنه يختلف عنه في الهيئة.. رأي الرجل نفسه في الحلم يحتضن هذا الكائن الغريب الذي لم يراه من قبل.. استيقظ الرجل مفزوعاً وخائفاً ووجلاً.. وكان الألم الذي قد بدأ يشعر به في أضلاعه قبل استغراقه في النوم قد انتهي.. ولكن كان فزعه مضاعفاً عندما رأي الكائن الغريب الذي زاره في الحلم مستلقياً بجانبه علي شاطئ نهر الخمر.. بدأ الرجل يلمس هذا الكائن الغريب الذي يشترك معه في الهيئة العامة ولكنه يختلف عنه في التفاصيل والتكوين.. وأخيراً.. وجد الرجل ما يشغل به تفكيره وما يخرجه من تلك الحالة من الشعور بالحزن والوحدة.. وبينما كان الرجل يُملس بأيديه علي شعر ذلك الكائن الغريب الذي سوف يعلم فيما بعد أنها اسمها حواء.. فتحت حواء أعينها.. فسألها الرجل.. «إنتي مين»؟! وهو السؤال الذي لم تجيبه عليه حواء حتي الآن!