اللجنة الاعلامية في الجزائر
ليس أمراً مستعصياً على الفهم هذا الذي يقوم به الاحتلال من عربدة متفاقمة هذه الأيام, فهو منسجمٌ مع طبيعته وسماته الأولى التي لا يستطيع الفكاك منها كما لا يستطيع الفكاك من قَدَرِه, فهو سائرٌ به إليه, وكما هي الأمور دوماً وكما هي حال كلّ الطغاة الظالمين فإنهم لا يملكون مَلكةَ التراجع إلّا إلى الأمام, بالإيغال أكثر في ذاتهم ومعالجة الخطيئة بالإثم, تؤدي بدورها إلى حلقة مفرغة تلتفُّ في النهاية حول رقابهم ليكون حتفهم بأيديهم كأنّهم يُشيّدُون قبورهم بأيديهم,
فهو يتجاوز كلّ منطق وعرف على مدار تاريخ الإنسان, حتى أنّ حلفاءه ضاقوا به وانتقدوه, ولم يحتملوه, وهي قوانين الخلق تسري أيضاً عليه, فشرط دمار الظالمين هو أنهم ظالمون, "وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا", وهكذا كان, فالقوانين التي تحاكم الضحية إن تذكرت جرحها, والإمعان في الاستخفاف بالعقول والحقوق, والجحيم الذي يسعّرونه للفلسطينيين, وجحيم المستوطنين الحداثيين, حرق الحقول والمساجد وتدمير الأشجار ونهب الأرض والمنازل وقطع الطريق على أطفال المدارس ورميهم بالحجارة وإطلاق الكلاب عليهم ومصادرة التراث والمقدسات وما لا ينتهي عدُّه من المظالم والمضايقات, يجعلنا نعيش في نكبة مستعرة متواصلة, حتى الصلاة في الأقصى تحتاج لتصاريح, "تصريح لصلاة واحدة فقط", كل أنواع الفنون يَعِدون بها الفلسطينيين,
ليس عصيّاً على الفهم هذا الذي يفعلون, فهو ينضح منهم ببراءةٍ وتلقائية, لأنّه ببساطةٍ هم, إنّه هم أنفسهم عندما يُترجمون إلى فعلٍ وسلوك,
وعندما يفعلون كل ذلك ويمنعون إحياء ذكرى النكبة فإنهم يتجاوزون قدرة المنطق على مَنطَقة الأشياء, لكنّ منطقَهم هذا نفسه هو الذي سيرتدّ عليهم بما لا يتوقعون, وقد بدأت النكبة تنكبهم وبدأت صورُ أطفال غزة وآثارُ الفوسفور والحصار تسوءُ وجوهَهم في عيون العالمين, فلعلها بداية الوعد, "فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم ..".