احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: عاشت تركيا زعيمة للعالم العربي الخميس 3 يونيو 2010 - 0:00 | |
| [img] https://alomah.yoo7.com/[/img]استدعاء سفير الجزائر لإبلاغه استياء مصر البالغ».. هذا ما تم التعامل به مع الجزائر الشقيقة في أزمة سببتها كرة القدم ..أما فيما يتعلق بإسرائيل فتم استدعاء السفير لاستيضاح الأمر منه(!) تركيا من جانبها قامت باستدعاء السفير أيضا، لكن لتوبيخه وهي خطوة تصعيدية سياسية ودبلوماسية متعارف عليها، لكن أنقرة لم تكتف بهذا الرد، وقررت سحب سفيرها أيضا من تل أبيب، وإلغاء تدريبات مشتركة كان من المقرر القيام بها، فما أهم الفروق التي يمكن رصدها في تعامل القاهرة الرسمية مع تداعيات مذبحة أسطول الحرية، وتعامل أنقرة مع الحدث نفسه؟ بين مصر وتركيا يمكننا رصد نقاط مشتركة كثيرة منها علي سبيل المثال الموقع الرابط بين الشرق والغرب، ومساحة الأرض، وعدد السكان، وكذلك وجود علاقات دبلوماسية بين كلتا الدولتين وإسرائيل، لكن الفارق في التعامل مع الأخيرة تباين بشدة وبشكل فج في مراحل كثيرة علي مدار العام ونصف العام الأخير. فعلي الرغم من تضحيات مصر التاريخية لنصرة حقوقها وحقوق الشعب الفلسطيني، وجدنا أن تعامل أنقرة كان ملموسا وعمليا بشكل أكبر من التعامل مع الأزمة الحالية تماما كما حدث عند شن إسرائيل حربها ضد غزة والتي حملت اسم الرصاص المصبوب، فغالبية الرأي العام العربي العالمي لم يعلق في ذهنه من هذه الحرب فيما يتعلق بمصر سوي إصرارها علي إغلاق معبر رفح أمام الفلسطينيين وفي المقابل برز موقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حينما طالب بكل قوة بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة (وكان يرتكز في هذا علي قاعدة قانونية لكون إسرائيل قامت بقرار مشروط بشروط أربعة لم تلتزم بأي منها). والجميع يذكر له موقفه من الرئيس الإسرائيلي في منتدي دافوس والذي كان أكثر حدة من موقف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي، حيث انسحب أردوغان علي الهواء محتجاً غاضباً. مراسل التليفزيون الإسرائيلي في أنقرة أكد أن أحد وزراء الأتراك رفض إجراء حوار معه وقال له ساخراً غاضباً ملوحاً بيده علي هيئة مسدس: «إسرائيل.. بوم بوم بوم». فيما تعاملت أنقرة بجدية مع الأمر، حيث اجتمع مجلس الوزراء الأمني وصرح رجب طيب أردوغان شخصياً بأنه سيتوجه بنفسه علي متن سفينة مساعدات لقطاع غزة كرد فعل عملي علي ارتكاب إسرائيل مذبحة ضد نشطاء أسطول الحرية. أما علي الجانب المصري فقد وضع الموقع الرسمي لوزارة الخارجية المصرية خبر المذبحة كثاني الأخبار أهمية حيث تناولته من زواية نشر خبر عن "إدانة المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أعمال القتل التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية صباح -الاثنين- الماضي علي متن إحدي السفن التابعة للقافلة التي كانت متجهة إلي غزة بهدف كسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها. وقال: إنه يتوجه بخالص التعزية والمواساة إلي أسر الضحايا من الناشطين الذين فقدوا أرواحهم اليوم في سبيل نصرة الشعب الفلسطيني وقضيته". في الوقت الذي لم يبث فيه الموقع الإلكتروني لوزارة الإعلام المصرية شيئا عن المذبحة، بل خرجت الخارجية في نهاية يوم المذبحة لتقول: إنها تبحث أوضاع المصريين المصاحبين للقافلة مؤكدة أنهم سافروا بدون معرفتها! في المقابل أوضح الموقع الرسمي لوزارة الخارجية التركية موقف تركيا القوي والذي حمل عبارات التهديد الصريح بالتصعيد، وأكد علي سلسلة الإجراءات التصعيدية التي ستتخذها أنقرة؛ فذكر: تعرضت القوات الإسرائيلية لقافلة إنسانية تحمل المساعدات الإنسانية إلي غزة والمكونة من المدنيين بمن فيهم الكثير من المسنين والنساء والأطفال وقد نقلت الأنباء الأولية وقوع اثنين من القتلي وجرح أكثر من ثلاثين شخصا. لقد أثبتت إسرائيل مرة أخري أنها لا تعبأ بحياة المدنيين وبالحلول السلمية وهذه الممارسات الإسرائيلية غير الإنسانية تستوجب الاستنكار الشديد. إن ما جري في المياه الدولية خرق فاضح للقانون الدولي ويمكن أن يحدث شرخا عميقا في علاقاتنا الثنائية. إن الاتصالات الجارية من قبل سفارتنا في تل أبيب وكذلك باستدعاء السفير الإسرائيلي في أنقرة لمقر وزارة الخارجية تستهدف استنكار هذا الحدث غير المقبول إطلاقا وطلب توضيحات بشأنه. ومهما كانت الحقيقة فإن هذه الإجراءات ضد مدنيين يقومون بنشاط سلمي فقط لا يمكن تبريرها ويجب أن تتحمل إسرائيل عواقب هذا الإجراء الذي أخل بالقانون الدولي. نتقدم بأحر التعازي لذوي الذين فقدوا حياتهم في هذا الحادث الأليم وندعو لهم بالصبر ونتمني الشفاء العاجل للجرحي». انتهي البيان التركي. وعلي نفس المنوال لم يقطع أي مسئول مصري زيارته للخارج أو يلوح بفتح معبر رفح نصرة للمحاصرين الذين لم تفلح المساعدات عبر البحر في إغاثتهم. في حين قطع رئيس الوزراء التركي زيارته لأمريكا اللاتينية وعاد لبلاده وفعل الأمر نفسه وزير خارجيته داود أوغلو الذي كان في الخارج وعاد فورا لأنقرة فور ورود أخبار عن وقوع المجزرة. وفيما اكتفي الإعلام الرسمي في مصر بتكرار ما تتناقله وسائل الإعلام العالمية احتلت صور فيلمية تركية بسرعة مواقع اليوتيوب وغيرها من مواقع ذات جماهيرية عريضة ومؤثرة مثل الفيس بوك وتويتر. كشفت وسائل الإعلام التركية المرئية والمسموعة والمقروءة عن قائمة الموت التي أعدها الإسرائيليون مسبقا لتصفية بعض النشطاء الإنسانيين المشاركين في أسطول الحرية المتجه نحو قطاع غزة في المياه الدولية. فقد اتضح وفقا لموقع إخباري تركي بالعربية يحمل اسم "أخبار العالم" أن: مئات الجنود الإسرائيليين هاجموا سفينة مرمرة الزرقاء التركية وبحوزتهم قائمة الموت التي تضم أسماء نشطاء مطلوب قتلهم. وقد سقطت القائمة من الجنود الإسرائيليين أثناء هجومهم الوحشي علي السفينة وعثر عليها وقامت أجهزة الإعلام التركي بنشرها. وقد أحدثت قائمة الموت هذه ضجة كبيرة في الأوساط التركية، وأوضحت أن هذه العملية الإجرامية المدبرة كانت تهدف إلي تصفية نشطاء أتوا من أجل نصرة الضعفاء والمظلومين في غزة. وحرصا علي كرامة تركيا قامت أنقرة بسرعة وتم الإعلان عن أن مجلس الأمن الدولي سينعقد في نفس يوم المذبحة بناءً علي طلب وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي توجه إلي نيويورك لدعوة مجلس الأمن الدولي إلي اجتماع طارئ لمناقشة الاعتداء الإسرائيلي علي أسطول المساعدات الإنسانية إلي غزة. وفي تصريح أدلي به في طريقه إلي نيويورك وصف داود أوغلو الاعتداء الإسرائيلي علي أسطول المساعدات الإنسانية لغزة بأنه عمل مناف لجميع الأعراف والقوانين الدولية ويستوجب اعتذار إسرائيل رسميا من تركيا شعبا وحكومة. وكانت الخارجية التركية قد أصدرت مذكرة احتجاج شديدة اللهجة حذرت فيها إسرائيل من «عواقب لا يمكن تداركها ردا علي مجزرة أسطول الحرية. وكان من المقرر أن يتوجه داود أوغلو من شيلي إلي واشنطن لمقابلة نظيرته الأمريكية هيلاري كلينتون للتباحث معها حول مذكرة التفاهم الثلاثية الموقعة بين إيران وتركيا والبرازيل في 17 من الشهر الجاري إلي جانب مناقشة مرحلة التطبيع مع أرمينيا، إلا أن الاعتداء الإسرائيلي علي أسطول الحرية غيّر برنامجه وأجبره علي التوجه إلي مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وعقب العدوان الإسرائيلي علي موكب الحرية قرر أردوغان قطع زيارته لشيلي والعودة إلي تركيا فيما قرر داود أوغلو التوجه إلي نيويورك بدلا من واشنطن. وفي تصريح صحفي وصف أردوغان قرار إلغاء زيارته إلي الأرجنتين بقرار ضروري للحفاظ علي كرامة تركيا. ونخلص مما سبق أن مصر تعاملت مع المذبحة بشكل روتيني، رغم أنها تضعها في مأزق وتزيد من حجم الضغوط عليها لفتح معبر رفح، فيما قطعت القيادة السياسية التركية زيارتها للخارج، ولم نجد خطوة مماثلة من مصر التي صدر منها تصريح رئاسي يعتبر ما حدث «استخدام غير مبرر للقوة».. وكأن هناك استخداماً مبرراً للقوة بهذا الشكل الهمجي. | |
|