الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية

صحيفة- يومية-سياسية -ثقافية-رياضية-جامعة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابة*البوابة*  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 الموقف الصوفي من مبحث العلم والدين في الإسلام( تجاوز العقل أم إلغاء العقل)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد شعلان

احمد شعلان


ذكر
عدد الرسائل : 17047
الموقع : جريدة الامة
تاريخ التسجيل : 24/09/2008

الموقف الصوفي من مبحث العلم والدين في الإسلام( تجاوز العقل أم إلغاء العقل) Empty
مُساهمةموضوع: الموقف الصوفي من مبحث العلم والدين في الإسلام( تجاوز العقل أم إلغاء العقل)   الموقف الصوفي من مبحث العلم والدين في الإسلام( تجاوز العقل أم إلغاء العقل) Icon_minitimeالأربعاء 23 يونيو 2010 - 0:26

الموقف الصوفي من مبحث العلم والدين في الإسلام( تجاوز العقل أم إلغاء العقل) 633845253h168لا توجد في الإسلام سلطة عليا تعرف العقيدة وتحدد تفسيرها بطريقة نهائية
إريك يونس جوفروا، أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة ستراسبورج الفرنسية، هو واحد من أعلام الفكر الإسلامي الفرنسي، ومن رواد حركة التجديد الفكري في البلد، بما أسس لتيار يمثل التعددية الثقافية ويقبل الإسلام كجزء مكون من التركيبة الحضارية للدولة الوطنية الفرنسية. وهو كفرنسي مسلم يقدم لنموذج على درجة من الدلالة عن إمكانية تطبيق الإسلام في كل زمان ومكان وصلاحيته لكافة البشر، خاصة وأنه أختار طريقه للإسلام وفق قناعة عقلانية وروحية لدُنية يسميها الفطرة التي فطر الإنسان عليها. في هذا الحوار نتناول معه مفهومه للعقل والكشف والمصالحة الممكنة بين العلم والدين في سياق المبحث المعرفي الإسلامي المعاصر.

- شكل العقل في القرن التّاسع عشر حجر الزاوية لنموذج المعرفة العلميّة الغربيّة، كما كانت العلموية إحدى نقاط الذروة لما سمي بالعقلانيّة. والتي كانت ترى أن البشر والعالم والطّبيعة ليست، في نهاية المطاف، إلا حقائق مادية بحتة، بما يجعل منها أشياء قابلة للفهم العلمي التام. لقد تخلى البحث العلمي اليوم، عن هذا المفهوم الاختزالي؛ وصار الكثير من الباحثين؛ مثل الفيزيائي برنارد ديسبانياتيتبنون، أو عالم فيزياء الفلك الفرنسي المسلم عبدالحق برينو كيدردوني، يتبنون بالأحرى التمييز بين الحقيقة الظاهرية (التي يمكن أن تفهم بواسطة العقلانية المنطقية للعلم) والحقيقة المستورة (التي تخرج عن نطاق العقلانيّة تماما). فكيف طُرِحَتْ مسألة استخدام العقل في سياق الفكر الإسلامي في القرون الوسطى، وما هي مقاربات الحساسيات الصوفية بشكل خاص في هذا الشأن؟
إيريك يونس جوفروا: غالبا ما أكّد صوفيو الإسلام على عجز العقل البشري، فهم يسعدون بذكر أن المصطلح العربيّ »عقل« يعني اصطلاحا القيد والربط. وكان أحد مشايخ الشام في القرن السادس عشر قد كتب متلاعبا بالكلمات إن: »الفقهاء معقولون بعقولهم«. بالنسبة للمتصوفة، لا يتعلق الأمر برفض أداة العقل هذه تماما، ولكن بحصرها في مكانة نسبية ومحدودة وذلك مقارنة بهذا المطلق الذي يتخذ المسلم من الوصول إلى أنواره هدفاً له. وهم بذلك، يتميزون عن أهل الظاهر، ويلومونهم على تحديد نطاق مصطلح (العلم) بالمجالين التّقليديين: »المعقول« (ناتج التفكير المنطقي) و»المنقول« (المدوّنة المتوارثة جيلا بعد جيل). ويشدد الصوفية، بشكل خاص، على كون المعرفة التي يعتمدها أهل المتكلمين تعتمد بالأساس على رؤية »بشرية، بل مغرقة في البشرية«، ويمثل علم الكلام العقلاني عندهم مجرد معرفة تستند إلى الظن وهو نقيض اليقين الذي يتيحه التأمل. إن لغز الوحدانية الإلهية بالنسبة للصوفية لا يوصف. ليس من مقدرة الإنسان الحديث عن الذات الإلهية لأنّ التصور الذي يحمله عنها دون الواقع بالضرورة. وقد ذم المتصوف الشاذلي المصري علي وفاء، الفقهاء بالعبارات التالية: »أيّها الفقيه، إنك بالمعقول غافل عن الحقيقة، ولا تنجو من المعنى الظاهر للمنقول«. وقد طوّر متصوّفة المدرسة البغدادية منذ القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي التوحيد الصوفي، الذي سماه الجنيد »توحيد الصفوة الروحية«. والذي أسس لتيار بديل عن البحث الكلامي، لأن مداه ملهم له: إن عقيدة الوحدة الإلهية، أو التوحيد الظاهري، تستحيل مع المسار التلقيني إلى تحقق فعلي لهذه الوحدانية. ألم يؤكد الشيخ الدمشقي تلميذ ابن عربي، القطب عبد الغني النابلسي على استحالة معرفة الوجود، بمعنى الله، بالاعتماد على النظر وحده؟ من وجهة النظر هذه، فإن الصوفيين ينتمون إلى المنظومة السنية، التي ترفض الفلسفة الإغريقيّة، لأنها تعطي الأفضلية للعقل على الوحي: ويتفق أهل الظاهر وأهل الباطن من السنّة على هذه النّقطة. إن مدرسة الاعتزال التي أنكرت كرامات الأولياء بسببٍ فرضيّاتها المنطقية، هي أيضا مستهدفة. فأبو الحسن الشاذلي عندما يؤكد أن أهل الجدال - »هؤلاء المغرمون بالاستدلال والمجادلة«- يمثلون أشد المعارضين للمتصوفة وللولاية، إنما يقصد علماء الكلام، وبالتحديد المعتزلة. كما أكد الصوفيون أن بعض المسائل الكلامية لا يمكن حلّها إلا عن طريق الكشف الروحي كنسبة الفعل الإنساني إلى الله أو إلى الإنسان (كسب الأفعال). كما نجد أمثلة عديدة أخرى في المصادر عن أجوبة حول مسائل كلامية بواسطة الإلهام وليس الاستدلال.

- ما يطرحه هذا التيار الزهدي في الإسلام، هو إذن تجاوز العقل لا إلغاؤه؟
إيريك يونس جوفروا: إن مبحث ما وراء العقل، الذي يقول به المتصوفة هو آلية عميقة تساعد الفقهاء أنفسهم في توسيع نطاق رؤيتهم المحدودة في إطار نمط تفكير تحكمه الحسابية الصارمة. »فمن ظن أن الكشف موقوف على الأدلة المُحررة، فقد ضيّق رحمة الله الواسعة«. كما أكد الغزالي. بحيث نستنتج أن تجاوز العقل الاستدلالي هو جزء من المناهج التي اعتاد المتصوفة على اعتمادها. وبالنسبة لعماد الدين الواسِطي تلميذ ابن تيمية فإن هذا التجاوز يمثل مقدمة ضرورية لكل طريقة في التتلمذ.
ويقدم المتصوفة لمعارفهم، وهي أبعد من أن تكون علما تجريبيا، على أنها علم باطني تلقيني له قواعده وطرقه. غير أننا نحتاج للخوض في هذا المعنى لتحديد مصطلح »العلم« الذي يتبناه علماء الظاهر. فالمتصوفة يميّزون بين العلم الكسبي، الذي يطلق عليه إلى الآن «العلم النظري»، والعلم الوهبي. حيث يتخذ ابن خلدون على سبيل المثال، هذين النمطين من فهم العالم معيارا أساسيا في مقاربته للصوفية. فالمتصوفة - كما يقول - هم ورثة الخضر؛ والدخول إلى علوم التصوف (العلم اللدني والعلم الوهبي) يمر عبر كشف المعاني وعبر الإلهام. ولا يفعل إبن خلدون هنا أكثر من تقديم النظرية العامة للتصوّف، لكن وجبت الإشارة إلى أنه يأتي بعنصر مميز تبناه فيما بعد العديد من المؤلفين ممن جاءوا بعده. ذلك أنه أقرّ بالكشف الذي حصل عليه المتصوفة الأوائل، وهي منّة ظرفية ناتجة عن عقيدة صافية (استقامة)، ولكنه اعتبر المجهود المنهجي لمدرسة »وحدة الوجود« لابن عربي غير شرعي، ذلك المجهود الرامي لـ»كشف الحجاب« من أجل الوصول إلى الحقائق الإلهية. وبوضعه الكشف الكامل الصفاء والتلقائية في مقابل »مجاهدات الكشف أو المكاشفة«، فإن مؤلف »شفاء السائل« يوظف النظرية السهلة حول استقامة المتصوفة القدامى في مقابل شرود »المحدثين«، كابن عربي ونظرائه.

-وكيف يتم تحقق هذا الوعي إذا ما توقف دور العقل؟
إيريك يونس جيوفروا: إن الطرائق المختلفة المتجاوزة للعقل لدى المتصوفة- كشف، إلهام، يقين - ظلت نظرية بالنسبة لنا إلى الآن. دعونا نتحدث الآن باختصار عن وجهين من وجوه التصوف الإسلامي، كان «مبحث تجاوز العقل» في سياقهما مفتاحاً للوعي اللدني:
الأول هو الشيخ الأميّ، والذي يشتق اسمه من كلمة «الأم»، وهو يُنْسَب إلى ما يُولد عليه أي على ما وَلَدَته أُمُّهُ عليه. وحالة الطفولة التي تميّزه تأتي بذاتها من بقائه على الفطرة، بمعنى »ما فَطَرَ الله عليه الخلقَ من المعرفة به« كما يقول ابن منظور في »لسان العرب«. فحالة الطفولة هذه تتيح للأميّ علما لا يصل إليه المتعلمون، أو على الأقل هؤلاء الذين لا يستطيعون فكاكا من علمهم المكتسب. ويتجسد النموذج الأمثل لذلك في النبي الأمي: «المُتقبّل البكر للوحي» الذي، وإن لم يكن قد أخذ الكتابة بحسب الاصطلاح والتعلم من الناس ، فقد تعلّمها بفضلٍ من «الفتح الرباني» الذي وهب له. ونحن هنا نعيد استعمال مصطلحات الوليّ المغربي الكبير عبدالعزيز الدباغ، كما رواها عنه مريده أحمد بن مبارك في كتابه الشهير «الإبريز.»
فـ «المتمتّع بعلم فطري» قد لا يجيد بالفعل القراءة والكتابة، ولكنه قبل كل شيء صاحب »قلب لم يدنسه النظر الفكري« وهو لذلك مهيأ لتلقي الكشف الروحي الذي نتحدث عنه. وإذا كان الشيخ الأمّي يجهل أحيانا المواضعات البشرية في مادة الكتابة، فلأنه يعبّ مباشرة من مصدر الكتابة: اللوح المحفوظ الذي كتب فيه الله منذ الأزل مصير خلقه جميعا، والذي يدعى لهذه الغاية أم «الكتاب.» فالبسطامي يؤكد أنه هو هذا اللوح، كما أن علي الخواص، بما هو نموذج للشيخ الأميّ في مصر عصر المماليك، يستمد إلهاماته من نفس هذا اللوح.
وأن يكون الزاهد الأمي جاهلا تماما، أو أن يكتب تحت وقع الإلهام، فإن بريق تعبيره نادرا ما ينصهر ضمن القواعد الاعتيادية للغة البشرية. فلغته المكتوبة والمنطوقة غالبا ما تكون مبهمة عند أهل الدنيا، سواء في محتواها أو في صياغتها. ويظهر علماء الظاهر دهشتهم أمام هذه الظواهر، ولكن تبرّمهم الواضح لا يخفي الانبهار الذي يتركه هؤلاء الأميين عليهم.
والثاني هو المجذوب، الذي يمثل نموذجا آخر، ذا أهمية قصوى، من نماذج ما فوق العقلانية لدى الصوفية. فالمجذوب يشترك مع الأمّي في العديد من الصفات، كحالة الطفولة، والولوج إلى عالم اللغة الأم، والنزوع الطبيعي الكبير إلى الكشف. وهو يُدْعَى أيضا «مجنون الله» لأن الله سلب منه عقله وجذبه، بغلظة في أغلب الأحيان. ومن هنا جاء الغموض الذي يسيطر في الثقافة الإسلامية على التفريق بين «المجنون» «ومجنون الله» (المجذوب). ولذلك السبب اشتمل عنوان كتاب «عقلاء المجانين» لأبي القاسم النيسابوري، على تناقض مثير للانتباه. وبالفعل فإن هذا الكتاب يدفعنا إلى الغوص في محيط الجنون، ولكن المجانين المعنيين هنا يتمتّعون بتجربة خصوصية للعقل، الذي ندعوه حسب العادة الإدراك أو المنطق السليم. ولكن أليس من الأفضل استعمال «مصطلح الروح» هنا، ذلك لأن الكثير من الروحانيين الكبار مذكورون ضمن كتاب النيسابوري. وفي حين يُقَدَمُ أويس القرني، على أنه أول «مجانين الله» في الإسلام، فإن الشِّبلي يرد في هذا الكتاب مادحًا جنونه لتلاميذه «ذوي العقل السليم» (الأصحّاء). كما نرى أيضا في نفس الكتاب أبا يزيد البسطامي معترفا بدرجات الجنون الثلاث التي كان عليه اجتيازها، والتي تتطابق في الحقيقة مع المراحل النهائية الخاصة بطريق التتلمذ. وما يميّز المجذوب هو لامبالاته بالتقاليد والأعراف الدينية والاجتماعية. وقد أكدت جميع كتب التراجم أن هذه الشخصية تمتلك غرابة تبدو جليّة في المظهر الجسدي. فالجذب ينتج قطيعة مع حالة الوعي العادي، وبالتالي مع الأعراف الثقافية. كثيرا ما يتعرى الشخص المعني كليا، أو جزئيا بتغطية عورته. إن هذا العري يعبر عن الفطرة، تلك البراءة الفردوسية التي ذكرناها سابقا في خصوص الأمي. وبصفة عامة، فإن المجذوب لا يعير أي انتباه إلى ملابسه، ويرتدي نفس اللباس صيف شتاء، حتى تبلى!
وخلافا لأنماط أخرى من المتصوّفة، فإن المجذوب في كثير من الأحيان ينتهك القانون متمتعا ببعض حصانة. فقد اعتبره العلماء فعلا غير مكلف شرعياً -على غرار الأطفال أو المجانين -، بل ويعمدون هم أنفسهم إلى زيارته، والأخذ عن فمه ببعض الحكم. إن التأمل في العالم المستور الذي ينغمس فيه المجذوب يجعل من هذا «الأخير مبصرا» كما يعبر الشاعر الفرنسي الكبير «ريمبو». لذلك، فإن أحد «مجانين الله» الذين قابله «ابن عربي» اتهم حشدا كان يستمع إليه بالعمى، لأن الحشد كان متأكدا أن ما يمسك بسقف الجامع الذي يجلسون فيه مجموعة الأعمدة، بينما يرى هو مكان هذه الأعمدة رجالا يتضرعون إلى الله. إن عالم الغيب، لكونه غير مرئي لعموم أهل الفناء، هو أيضا المجهول، الغائب عن المعرفة بحسب المعنى الحرفي، الغائب عن وعي الناس.
- وكيف تقابل قوانين الشريعة العقلانية هذا الخيار الممكن لتجاوز العقل؟
إيريك يونس جيوفروا: إن قبول المتصوفة بتأويل حّي للشريعة ولّد خشية الفقهاء وخوفهم من حصول بعض التجاوزات. ويصبح تهديد هذا الخطر أكبر عندهم متى ادعى هؤلاء المتصوفة ممارسة الاجتهاد، اعتمادا على الكشف لا على الاستدلال، والذي يجعلونه في مرتبة اليقين الذي توفّره البصيرة، متجاوزا بذلك ظنون الفقهاء.
واستخدام مصطلح الظن ذو أهمية كبيرة، خاصة إذا ما عدنا به للاستعمال الافتراضي والسلبي كما هو وارد في القرآن: فاستنتاجات الفقهاء غير اليقينية تحتاج إذا لأنْ نقيسها بمقياس الكشف، المعيار الأسمى في تأويل الشريعة. ويشير السيوطي إلى أن «أهل الرسوم» عاجزون عن تقدير الكشف، لأن مضانّهم مختلفة تماما عن مثيلتها لدى المتصوفة؛ إنهم فقراء إزاء كل ما خرج عن علمهم المكتسب. نفهم إذا موقف عديد الفقهاء والمتكلمين من أهل الظاهر الذين رأوا في تلك الممارسة العقلية للاجتهاد - مفهوماً ارتبط عادة بمجال العقل فحسب- بدعة محضة.
ولكن يجب أن نعرف أنه لا توجد في الإسلام سلطة عليا، تعرّف العقيدة وتحدد تفسيرها بطريقة نهائية. ولهذا السبب تتعايش عديد الفرق في إطار الإسلام. صحيح إن التعصب الديني سيطر في أحيان كثيرة على العلاقات بين هذه الفرق، ولكن نلاحظ أن أولئك الذين كانوا يرفعون شعار التكفير بسهولة، لم يكونوا من كبار العلماء. بل هؤلاء قد حرصوا على إدراج مختلف المدارس الكلامية ضمن النطاق الإسلامي لا استبعادها منه. كما أنهم كانوا ينبهون ضد مخاطر عقلية »محاكم« التفتيش، التي انتشرت أحيانا، في العصر الإسلامي الوسيط. كانت المدرسة الشافعية، بخصوص هذه النقطة، مثالا يحتذى به. وكان الغزالي، بصفته أحد ممثلي هذه المدرسة الأكثر شهرة، فقد كان يؤكد: ’’أمْسِكْ لسانك عن أهل القبلة’’ أي أولئك الذين يؤدون فريضة الصلاة في الإسلام.

-السؤال الأخير يخص المفهوم الإسلامي للعالم والطبيعة. وهل يمكن التفكير على الوجود بمنطق عقلاني علمي وروحاني في نفس الوقت؟
إيريك يونس جيوفروا: بالنسبة للميتافيزيقا الإسلامية، لا وجود مطلق إلا لله؛ فالمخلوقات لا تتمتع إلا بوجود مؤقت، مستمد من وجود الله. وخلف الطبيعة المتغيّرة للعالم تكمن حقيقة دائمة مفارقة لها؛ لذلك يسمي المسلمون الله بالحق، الحق المتفرّد. والفن الإسلامي، بإعادة رسمه إلى ما لانهاية له من الأشكال الهاربة، يطرح وحدة أصولها جميعا. لقد أدرك علماء الإسلام من السلف بدورهم، ومنذ الوهلة الأولى، هذه الوحدة المعقدة للكون. ولاحظوا في مجالات تطبيق متعددة التبعية المتبادلة بين كل ما هو موجود. وقد أحالهم تفكيرهم في الآيات الإلهية المتعددة الحاضرة في الخلق، إلى التأمل في المتفرد(الواحد). وبعيدا عن المعرفة الحديثة التي جزّأت الوعي كما جزّأت ميادين البحث، فقد كان هؤلاء العلماء يقبضون على الوحدة الأساسية للعلوم، لذلك كانوا في نفس الوقت شعراء ورياضيين وعلماء فلك وأطباء، إلى آخره.
وكانوا يعلمون أيضا أن العلم لا بد أن يتبع الحكمة، وهو ما أهمله العلم الغربي بشكل مأساوي. إن علم البيئة الإسلامي على سبيل المثال؛ مبني على قاعدة قرآنية أساسية: صحيح أن الكائن البشري له الأولوية على بقية المخلوقات الأخرى، ولكن باعتباره «خليفة الله في الأرض» فهو مسؤول عن عوالم الحيوان والنبات والمعادن الخاضعة له. لهذا السبب، فسيحاسب عن إدارته لكوكب الأرض. ألم يؤكد النبي الموقف الصوفي من مبحث العلم والدين في الإسلام( تجاوز العقل أم إلغاء العقل) Ppالموقف الصوفي من مبحث العلم والدين في الإسلام( تجاوز العقل أم إلغاء العقل) )أن الخلق عيال الله الموقف الصوفي من مبحث العلم والدين في الإسلام( تجاوز العقل أم إلغاء العقل) (؟
ونحن نعتقد أن الإسلام، بقدرته على التآلف والتكامل، يمكن أن يساعد إنسان العصر الحديث، التائه أكثر من أي وقت مضى في عالم المظاهر والتعدد، على استعادة وعيه التوحيدي، أي على استعادة توازنه. إن الوجود المادي والنفسي والروحي للإنسان متناسق، لا يهتزّ بمختلف موجات التجلّي، وفق إرتكازه داخليا إلى الاعتصام بالوحدة الإلهية: التي تشكل نقطة الملاذ التي يتم اللجوء إليها. وبنفس الكيفية فإن الإسلام التاريخي الذي توحّد حول محور التوحيد هذا، قد استطاع أن يكيّف نفسه دائما مع مختلف السياقات الزمكانية دون أن يفقد شيئا من ماهيّته. إن حصر الإسلام في ثقافة أو نكهة أو أسلوب محدد واحد، لممّا يقيّد من عظمة القدرة الإلهية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alomah.yoo7.com
 
الموقف الصوفي من مبحث العلم والدين في الإسلام( تجاوز العقل أم إلغاء العقل)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية :: جريدة الأمة :: خطوط حمراء أعداد/دليا مصطفى-
انتقل الى: