عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
موضوع: تعرف على بيوت اللة ومقامات الصالحين (بيروت) الأربعاء 23 يونيو 2010 - 0:53
مساجد وزوايا ... 15 زاوية بيروتية لذكر الله والرباط ورعاية المرضى والايتام
يؤكد الدكتور حسان حلاق، المؤرخ البيروتي المعروف، ان بيروت منذ دخول الاسلام اليها، عرفت بورع رجالها وزهدهم وتقواهم، ومنذ القرن الأول الهجري شهدت المدينة تجمعات دينية وحلقات ذكر الله وحلقات فقه وتلاوة للقرآن الكريم. فيما يشير المهندس سعيد مكتبي الى ان الاهتمام بالزوايا والحلقات الدينية ابتدأ منذ بداية العهد المملوكي، إذ أراد المماليك تثبيت الوضع الاسلامي السني في بيروت وارساء قواعد الحاضرة الاسلامية فيها في بلاد الشام، وكان التصوف في ذلك الحين يمثل قمة السنة في دولة المماليك ولذا كان مشايخ الطرق الصوفية محط انظارهم لأن بعض القوى الاخرى كانت قد بدأت بالتغلغل عند هذا الساحل فقام المماليك بحرب شعواء عليهم ادت الى انكفائهم عن الساحل البيروتي والى ابقاء الرباط والدفاع عن المدينة في مسؤولية أهل السنة والجماعة تحديداً ولذلك ازدهرت الزوايا في ايامهم. “الخليج” التقت حول موضوع زوايا بيروت بالمؤرخ الدكتور حسان حلاق الذي عرض لوضع هذه الزوايا تاريخيا. في بيروت المحروسة خمس عشرة زاوية عرفت في تاريخها بأنها مراكز للرباط، ولايواء عابري السبيل، ورعاية المرضى والايتام، والتعليم، وذكر الله في حلقات الذكر وفق مختلف الطرق الصوفية. زاوية الامام الأوزاعي: تنسب هذه الزاوية الى الامام الاوزاعي الذي حل ببيروت، وجعل في مقامه وبيته زاوية للعلم والتفقه وكانت هذه الزاوية في سوق الطويلة في باطن بيروت، غربي زاوية ابن عراق التي لا تزال قائمة الى اليوم، وكان بجوارها سبيل ماء أنشئ سنة 935ه = 1529م تذكاراً للامام الاوزاعي. وهذه الزاوية هي غير جامع الامام الاوزاعي المعروف في منطقة حنتوس التي عرفت فيما بعد بمنطقة الاوزاعي (غربي مطار بيروت الدولي) ويذكر ان الامام الاوزاعي اجاب في سبعين الف مسألة وانتشر مذهبه المعروف باسم مذهب الامام الاوزاعي وعمل به في الشام نحو مائتي عام، كما عمل به في الاندلس ما يقارب الاربعين عاما وما يزال اهل بيروت والبلاد الشامية يتأثرون الى اليوم بمذهب الامام الاوزاعي وتفسيراته. وقد توفي الاوزاعي في زاويته عام 157ه = 774م في آخر خلافة أبي جعفر المنصور غير ان أهل بيروت دفنوه في منطقة حنتوس حيث الجامع المعروف باسمه اليوم، فيما ازيلت زاويته في باطن المدينة عام 1975 بعد تعرضها لاحداث الحرب اللبنانية ودمارها. ولابد لنا من الاشارة هنا الى ان توقف حلقات الذكر في زاوية الامام الاوزاعي في سوق الطويلة ببيروت لم يمنع من عودة حلقات الذكر هذه الى جامع الامام الاوزاعي أخيراً على يد الشيخ هشام خليفة امام المسجد وخطيبه الذي يعطي فيه الدروس الدينية كما يقيم حلقات الذكر وفق احدى الطرق الصوفية. زاوية التوبة: وتعرف باسم “زاوية سيدنا عبدالقادر الجيلاني العامرة بذكر الله” وقد اطلق عليها هذا الاسم نسبة الى الشيخ الجيلاني مؤسس الطريقة القادرية وهو من كبار الزهاد والمتصوفين، وكانت هذه الزاوية تقع في رأس سوق الخضار في باطن بيروت، وكانت هذه الزاوية - المسجد من جملة الفتوحات الاسلامية، وفي سنة 1078ه جدد محمد باشا خير الله بعض الاماكن في هذه الزاوية وانشأ سوقا يصرف ريعه على مصالح الزاوية كما انشأ سبيلا للماء، وهي تعتبر من أقدم الزوايا في بيروت، وقد كان من خطبائها الشيخ حسين بن الشيخ علي بدران في القرن التاسع عشر، ثم حل بعد وفاته مكانه ابنه الشيخ عبدالرحيم بدران، ولهذه الزاوية استناداً الى سجلات المحكمة الشرعية في بيروت العديد من الاوقاف (وقد ازيلت بعد دمار بيروت اثر حرب 1975 - 1990 الداخلية). زاوية الحمراء: وتسمى ايضا زاوية ابن الحمراء، موقعها خلف الجامع الأموي الكبير في باطن بيروت، وكان يوجد فيها ضريح الشيخ محمد الحمراء احد امراء بني الحمراء من أمراء البقاع (اجداد آل العيتاني في بيروت على ما يقال) وقد درس في زاويته الفقه والدين والقرآن الكريم وكان يوجد في الزاوية حفاظ وكانت متسعة وبها ايوان فيه محراب كبير وبركة ماء بجانبها بئر وقد بنى آل الحمراء هذه الزاوية في القرن الثاني عشر الهجري علما انهم سكنوا المنطقة التي عرفت باسمهم منذ العام 539 ه وقد زالت هذه الزاوية والحق المكان الذي كانت تقع فيه بالجامع العمري الكبير. وقد اشار “النابلسي” في كتابه الى هذه الزاوية، ولابد من الاشارة هنا الى وجود زاوية او مسجد آخر في منطقة الحمراء تعرف ايضا باسم زاوية ومسجد الحمراء هدمت قبل سنوات، ثم اعيد بناء المسجد أخيراً. زاوية البياطرة: سميت الزاوية بهذا الاسم لوجودها في سوق البياطرة في باطن بيروت وتعرف ايضا باسم زاوية البياطرة، وتذكر بعض المراجع بأن هذه الزاوية بنيت في اوائل القرن العاشر الهجري وكان بأيدي المتولين عليها من ابناء بيروت، وفي طليعتهم الشيخ محمد الفاخوري، وقد استمر آل الفاخوري يتولون رعاية هذه الزاوية وكان آخرهم في القرن التاسع عشر الميلادي الشيخ عبدالرحيم بن عبدالقادر الفاخوري البيروتي وكانت هذه الزاوية تستقطب القائمين في سوق البياطرة وبعض تجار الجملة لاقمشة القطن والغزل وكان يوجد قرب الزاوية زاروب بني الدهان وساحة القمح، وقد اندثرت هذه الزاوية مع مطلع القرن العشرين على غرار جميع زوايا بيروت. الزاوية العمرية: وتعرف ايضا باسم زاوية الدركة وتقع عند باب الدركة في باطن بيروت في المكان الذي يعرف اليوم بأول شارع المعرض وقد جعلت هذه الزاوية والمسجد الصغير للصلاة، وذلك منذ اوائل القرن العاشر الهجري، وجدد بناؤها احياء لعلوم الدين مرات عدة غير ان اندثار باب الدركة كان مقدمة لاندثار هذه الزاوية التي هدمتها بلدية بيروت عام 1943 بسبب تخطيط شوارع بيروت، وكان شيخ هذه الزاوية في القرن التاسع عشر الشيخ حسن بن محمود بن الشيخ عبدالقادر الفاخوري. زاوية الراعي: وتنسب هذه الزاوية الى الشيخ حسن الراعي المغربي وهو من كبار العلماء المسلمين في القرن السادس الهجري وكان الشيخ حسن يدرس في هذه الزاوية ويقيم فيها، كما دفن فيها الشيخ جبارة (شبارة شبارو) من اولاد الشيخ حسن الراعي (وهناك عائلة تحمل اسم شبارو حاليا في بيروت تمتد على ما يبدو الى ذلك النسب) وكان موقع هذه الزاوية في باطن بيروت في شارع فخرالدين، مكان الاطفائية القديم في شارع المصارف اليوم بالقرب من باب يعقوب داخل سور بيروت، وقد تهدمت هذه الزاوية في الحرب العالمية الاولى. وقد كان لهذه الزاوية نظار وائمة وكان الناظر عليها الحاج حسن ابن علي المناصفي ثم من بعده الشيخ عبدالحميد بن الحاج عمر يموت سنة 1291ه ثم من بعده الحاج سعدالدين يموت، ثم تعين فيما بعد اماما متطوعا الشيخ عبدالرؤوف بن الشيخ عبدالهادي النصولي (الجدير ذكره هنا ان سماحة قاضي القضاة الشيخ شفيق يموت الذي توفي أخيراً كان من العلماء المتصوفين وظل عاكفا على اوراده حتى اللحظة الاخيرة قبيل وفاته).