احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: أفهموهم تكسبوهم بقلم/احمد شعلان الثلاثاء 27 يوليو 2010 - 23:25 | |
| [img] https://alomah.yoo7.com/[/img] مرحلة الشباب نعمة من الله على الإنسان، يحاول التمتع بها قدر المستطاع، خاصة في بداياتها الأولى : "مرحلة المراهقة". ففي هذه المرحلة نجد الشاب ـ الذي كان منذ قليل طفلا ـ يسعى شيئا فشيئا إلى الاستقلال عن الأسرة فكريا، وماديا، واجتماعيا. ففكريا يتحول الفرد إلى فكر جديد قد لا يجده في أسرته، بل يجده وسط أقرانه من نفس السن، بعدما أصبح فكر الآباء عقيما ـ بعض الشيء ـ من وجهة نظره. وهنا يجب على الوالدين محاولة فهمه، وفهم التطورات السيكولوجية، والفسيولوجية الجديدة التي طرأت عليه، وعلى أفكاره، مع محاولة إمداده بثقافة ناضجة تقيه شر الانحراف عن نطاق الأسرة، نتيجة لتحوله الطبيعي، للبحث عن أقران له من سنه يفهمونه ويفهمهم، وهنا يكمن الخطر ما لم تكن هناك ملاحظة مستمرة، مصحوبة بإعطاء جزء من الحرية. وماديا يحاول أن يجد طرقا للكسب بعيدا عن الأسرة، وعن مصروفها، والتقيد بها، حتى يستطيع إشباع رغباته، وتلبية احتياجاته المادية بنوع من الاستقلالية دون الحاجة لأحد، حتى ولو كان ذلك الأحد هما الوالدان. هناك ثقافات مستوردة وغريبة على وطننا العربي، قد يكون بعضها جيدا والبعض الآخر رديئا، وما لم تكن التربية قوية، والملاحظة دقيقة يكون نتاج تلك الثقافات ومفعولها سلبيا، وتظهر نتائجها على هؤلاء الأبناء، الذين يمرون بمرحلة تحول سيكولوجي، وفسيولوجي دقيقة تحتاج إلى من يفهمهم، ويفهم طبيعة ما يمرون به من تغيرات، وتحولات. إن هذه الثقافات قد تسبب متاعب جمة عندما تكون ضعيفة وغير متوافقة اجتماعيا ودينيا وربما اقتصاديا أيضا، مع تفكير الأبناء وتنشئتهم، فيحدث صراع فكري بين القديم والجديد، فينتج ما يسمى "صراع الأجيال" فالقديم يمثله جيل الآباء المحافظ ربما، المتمسك بالقديم من القيم والمبادىء والأخلاق، وفي الغالب يكون هو الصحيح. أما الجديد فيتمثل في فكر الأبناء الذي يناسب التطورات المتلاحقة في عصرهم، التي ربما لا يستوعب الكثير من الآباء الكثير منها، وربما لا يستوعبونها كافة. فالنشء إذا أحسنت صناعته فانه يخرج أجيالا قوية قادرة على مواجهة التحديات مناهضة لكل دوافع سلبية، يمكنها التعامل مع متغيرات العصر بكل حنكة وعقلانية. ولكي يتحقق ذلك لابد أن يفهم الآباء أبناءهم، بل على المجتمع بأكمله أن يحاول فهم الأجيال الجديدة، واستيعابها، ما يساهم بدوره في صنع الأجيال، وتربية النشء في ظل إمدادهم بالثقافات المفيدة والمناسبة لهم بدءا من البيت. يجب ألا يغيب عنا إطلاق العنان لإبداع، وتثقيف، وتعليم أبنائنا، وإكسابهم الخبرات النافعة، حتى تظهر مواهبهم مع منحهم سقفا من الحرية، على أن تكون الحرية الممنوحة لهم متوافقة مع كل ما هو صحيح من تعاليم الدين، والثقافات، والعادات والتقاليد. فتربية النشء على الفضيلة والأخلاق الحميدة وتثقيفه بعيدا عن التهميش الأسري والمجتمعي، مع الملاحظة التربوية الخالية من العنف وتعليم الإهمال والاتكالية، والتنبيه من رفاق السوء سواء في المدرسة أو في الشارع أو في أي مكان أو ملتقى، فإن ذلك سيولد حتما أجيالا سوية. إن التربية والثقافة الحقيقية للنشء المبنية على أسس علمية وتربوية سليمة تصنع أجيالا مفيدين لأنفسهم ولمجتمعهم، والعكس صحيح. وإذا تخلى رب كل أسرة عن دوره في تنشئة النشء تنشئة سليمة مع تسليحه بالمناسب لسنه ودينه ومجتمعه من ثقافات وأفكار، فستخرج للمجتمع أجيال غير صالحة، وبالتالي سيساهم بدوره في صنع أجيال لا يمتلكون أي أساس متين يساعدهم في مواجهة تغيرات الحياة المتسارعة، وعندها لا ينفع الندم. أخيرا.. أقول لنفسي ولغيري من الآباء والأمهات : افهموهم تكسبوهم، وكما ورد في الحديث الشريف : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ... إلى آخر الحديث" .. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
| |
|