احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: تشويه الأموات ونهش الأحياء الأحد 1 أغسطس 2010 - 23:32 | |
| فى كل القضايا الحائزة على أسماع وأبصار وحواس الرأى العام، وبالأخص جرائم القتل، لابد أن تضيف وسائل الإعلام على اختلاف أطيافها البهارات، والجمال والجودة يجتمعان فى حيز واحد كلما زادت سخونة الإضافات عند الاستهلاك الإعلامى. فالقاتل يفضل أن يكون من محطمى قلوب الفتيات والسيدات، ويحتسى الخمور، ويدخن سجائر الحشيش والبانجو وخلافه، وياحبذا لو أكثرنا من خلافه هذه . وتتحول الصحف والبرامج الحوارية المسائية إلى ساحة طويلة عريضة يتبارى فيها الجميع على تعرية الجانى والمجنى عليه، ولا توجد حرمة ولا عاصم لأحد، ولا تمييز بين حى وميت، فملابس الجميع يجب خلعها قطعة قطعة للقذف بها لخارج الاستوديو وسط صرخات وآهات المحلقين حول شاشة التلفاز، ومن يمسكون بهذه الجريدة أو تلك يسيطر عليهم الشوق وحب الاستطلاع لمشاهدة القطعة التالية التى سيلقى بها فى استعراض " الاسترابتيز الإعلامى". فعلنا هذا مع أناس وجهت إليهم اتهامات فساد ورشوة وقتل .. الخ، ثم ثبتت فيما بعد براءتهم مما نسب إليهم، لكنهم خلعوا عباءة السجن وانزووا فى ركن بعيد، بعدما شاهد الكل عوراتهم وعورات أسرهم وكل من اقترب منهم، ولو لمسافة صغيرة. وما حادث عند قتل المطربة اللبنانية سوزان تمام، و0هبة ونادين عنا ببعيد، لم نأخذ منهما العظة والدرس، لأننا عدنا لتكرار نفس الخطأ بحذافيره فى قضية المذيع ايهاب صلاح الذى قتل زوجته. فمن واقع ما نشر حتى الآن من أقوال للمتهم أمام النيابة توصلنا إلى أن المجنى عليها كانت شيطانة فى ثوب أنثى، وأنها بأفعالها دفعته دفعا لقتلها، وهو ما جعل البعض يلتمس له العذر، أما الجانى فقد صور على أنه شرير ومنفلت ويبحث عن ملذاته بدون مراعاة لاعتبار من أى نوع سواء كان دينيا أو أخلاقيا. كانت النتيجة أن بعضنا بدأ فى استصدار أحكام على أطراف الفاجعة بدون انتظار القول الفصل من جهة القضاء، فالجانى مطلوب قطع رأسه بعدما نشر من أقوال واعترافات على لسانه. ألم يكن من الأصلح أن ننتظر لحين انتهاء المحاكمة وصدور حكمها العادل قبل المسارعة إلى تسويد الصفحات بنص تحقيقات بها ما بها من كشف لعورات وأسرار بعضهم لحق بدار الحق والآخر يعيش بنا؟ نعم من حقى وحقك معرفة تفاصيل القضية وموقف المتهمين فيها، لكى نحدد من المخطئ ومن الصائب، وما ليس لى حق فيه أن اطلع عليها قبل إتمام التحقيقات والحكم الصادر ضد المتهم أو المتهمين، بعدها يجوز نشر المعلومات، ولكن شريطة أن نراعى عدم هتك أسرار العائلات والبيوت، واحترام قدسية الموت وجلاله، وخصوصية الأحياء من المتهمين وعائلاتهم. وإن تجولنا على شبكة الإنترنت سنرى كيف تحافظ البلدان المتقدمة على مبدأ الخصوصية، حتى للعتاة من المجرمين والفاسدين، فهو فى نهاية المطاف بشر يخضع لقاعدة الصواب والخطأ، وكونه يقع فى دائرة المحظور بارتكاب جرم سواء كان صغيرا أو كبيرا لا يبيح نهشه فى القنوات الفضائية والأرضية وعلى صفحات الجرائد والمجلات ومنتديات الإنترنت. واتركوا جانبا اقتراحات على شاكلة تفعيل ميثاق الشرف الصحفى، فأول من لا يرغب فى تنفيذه وتطبيقه عمليا هم الجالسون حول شاشات الفضائيات وقراء الصحف الذين يبحثون عن البهارات لاستخدامها زادا لجلسات القهوة والأوتوبيس والمنازل. والمجتمع على إطلاقه مدعو لكى يهب ضد عمليات تشويه الأموات ونهش الأحياء، وأنا لا ألتمس العذر ولا أدافع عن متهم أو مجنى عليه محدد، فمن يخطئ عليه تحمل العقاب، وما أطالب وأحث عليه أن نتوقف عن مسارعتنا لتشويه الأموات ونهش الأحياء لحين الوصول لقول فصل من النيابة أو المحكمة، وأن بعض التفاصيل لا يجوز نشرها للعامة مثلما نتابع فى قضايا كثيرة، فالخصوصية ليست حكرا على الأسوياء وحدهم.
| |
|