احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: العطواني .. مداح البردة الثلاثاء 31 أغسطس 2010 - 2:48 | |
| |
|
هناك مقولة بأن في مصر نهرين: أحدهما النيل يمدها بالماء, والثاني يمدها بمدد لا ينضب من المنشدين والمقرئين, مثلما يمكننا القول بأنها بلد النيل هبته |
|
فهي أيضا دولة التلاوة والانشاد والابتهالات والتواشيح. والقول بهذا لايرجع فقط الي كثرة وكثافة المنشديين, أو استمرارهم عبر الأجيال, وإنما كذلك لأن الأشكال والألوان التي يبدع فيها هؤلا المنشددين تتنوع بعدد الشيوخ ذاتهم, فما يقدمه النقشبندي والطوخي يختلف كلية عما قدمه الشيخ طه الفشني, وكل هؤلاء بعيدون تماما عن أجواء ياسين التهامي والتوني والبرين الذين يختلفون بدورهم عن خضرة محمد خضر وفاطمة سرحان لأن المدائح مثل الزهور لكل لون معني ومغني. اليوم لدينا منشد جديد ولون مختلف تماما, منشدنا هو الشيخ عبد العظيم العطواني واللون هو انشاد البردة المحمدية والبردة كما نعرف هي قصيدة مطولة كتبها الامام البوصيري في القرن الثالث عشر الميلادي لمدح الرسول عليه الصلاة والسلام, ومنذ كتابة البوصيري لتلك القصيدة وهي علامة من علامات الانشاد, حتي أن هناك لونا خاصا في المديح اسمه إنشاد البردة, وهناك عدة طرق ومدارس في إنشاد البردة, وفي إدخال كلمات جديدة علي أبيات البوصيري بأنظمة معينة وإذا كان هناك منشدون قد تخصصوا في مديح البردة فإن الامام العطواني أطال الله بقاءه, يعد إمامهم وأشهرهم علي الاطلاق فهو الذي قال فيه الشيخ الشعراوي: كأن الامام البوصيري قد الف البردة لينشدها الشيخ عبد العظيم العطواني. والعطواني هو القرية التي ولد فيها الشيخ عبد العظيم أحمد سليم في أربعينيات القرن العشرين, وحمل اسمها وأصبح يدعي الشيخ عبد العظيم العطواني. تقع قرية الشيخ عبد العظيم في مركز إدفو التابع لمحافظة أسوان وهو يرتبط بها وترتبط به, ليس فقط علي مستوي الاسم, فالشيخ لايغادرها إلا زائرا, حيث لايطيب له المقام خارجها, ويقال إنه لولا تمسكه هذا بالبقاء فيها لأصبح أشهر منشد في تاريخ مصر, لكنها الحياة كما نعلم, والقسمة والنصيب. بدأت قصته مع المديح النبوي بتجويد القرآن الكريم ثم الانشاد منذ الثامنة من عمره. وهي اللحظة التي بدأ فيها التردد علي كتاب الشيخ عوض الله. وكان أطفال الكتاب آخر كل أسبوع, تحديدا يوم الخميس, يقرأون البردة, ومن هنا بدأ إعجاب الشيخ نحو القصيدة, فكان منذ أول يوم في الأسبوع ينتظر يوم الخميس بفارغ الصبر كي ينشدها مع أصدقائه في الكتاب, ثم حفظها, وهو في هذه السن الصغيرة, وبدأ في إنشادها. وبحسب شهادة الشيخ العطواني عن نفسه,( وذلك علي صفحته الخاصة بموقع فيس بوك) فإن شيخ الكتاب قال له: لقد تملكت منك البردة وتملكت منها..وعشقتها وعشقتك..وامتلأ بها قلبك فخرجت من صوتك وكأنها لم تخرج من صوت أحد قبلك, فأنشدنا بها دائما. بعد ذلك كان لابد للشيخ من الذهاب الي قرية اصفون المجاورة لقرية العطواني, وهي تابعة لمركز إسنا المجاور لمركز إدفو, وذلك لتلقي أحكام القراءات وتجويد القرآن الكريم علي يد الشيخ محمد سليم المنشاوي الذي يمت بصلة قرابة بالشيخ صديق المنشاوي,وكذلك علي يد الشيخ البطيخي استاذ المنشاوي. فاكتشف العطواني انهم في أصفون ينشدون البردة بطريقة مختلفة وجديدة غير التي حفظهافحفظ الطريقة الجديدة بعد أن فهم أن البردة ليست مجرد قصيدة, وبدأ ينشد بها في الاحتفالات والمناسبات بعد قراءة القرآن الكريم. وتحدث نقطة تحول في حياة الشيخ عبد العظيم, حين يلتقي بالشيخ الشعراوي في مولد أحباء الله الصالحين, ويقول الشيخ العطواني كان بيني وبين الشيخ الشعراوي ود وحب في الله فقد كان الشيخ الشعراوي يحب سماع البردة مني, وكنا نداوم علي الاجتماع كل عام أثناء الاحتفال بمولد السيدة زينب في المبرة التي بناها الشيخ الشعراوي وأحبابه فكان الشيخ الشعراوي دائما مايطلب مني إنشاد البردة وكان حين يسمعها يهيم ويسيل الدمع من عينيه. ويستمر الشيخ: هناك موقف آخر حدث حينما كان الشيخ الشعراوي مريضا وكنا وقتها في المملكة العربية السعودية فأردت زيارته وكان يقيم وقتها في القصر الملكي بجوار الحرم المكي فعرفنا أنه ذهب الي جدة ليتلقي علاجا هناك فذهبنا خلفه وحين تمت الزيارة..وبعد أن سلمنا عليه اقترب مني وقام بتقبيل جبهتي.. وكان في صحبتنا الصديق محمد عارف وهو من تلاميذ الشعراوي المقربين..وبعد ذلك قال الشعراوي.. لقد قبلتك في المكان الذي قبلك فيه البوصيري وأضاف الشعراوي بأنه سأل الامام البوصيري( لماذا تقبل العطواني ولم تقبلني فقال لي.. ياشعراوي أنت صاحب المشاهدة). واللافت للنظر أن الشيخ الشعراوي قد أدخل تغييرات في متن قصيدة البردة وبحسب الشيخ العطواني: أدخل الشيخ الشعراوي تغييرات كثيرة فمنها مثلا في مطلع البردة يقول البوصيري: مولاي صلي وسلم دائما أبدا علي حبيبك خير الخلق كلهم فغير الشعراوي وجعلها: مولاي صلي وسلم دائما أبدا علي المحبين للمختار كلهم وأيضا: مولاي صلي وسلم دائما أبدا علي الحسينين والأنساب كلهم وأيضا مولاي صلي وسلم دائما أبدا علي النبي وال البيت كلهم فالتزمت أنا بها والكلام مازال للشيخ وأخذت أبدأ بها في كل الاحتفالات حتي الأن كما ادخل الشيخ الشعراوي تغييرات في البردة ذاتها فمثلا يقول البوصيري: فاق النبيين في خلق وفي خلق ولم يدانوه في علم وفي كرم غيرها الشيخ الشعراوي وجعلها: تاج النبيين في خلق وفي خلق وهم روافده في العلم والكرم وأضاف الشيخ الشعراوي في نهايتها: وأجزي البوصيري خيرا حيث شرفنا بمدح أحمد أبهي نعمة النعم. وأقوم أنا أيضا بالختم بها حيث أنشد هذا البيت في كل احتفالية. والغريب أنه رغم شهرة الشيخ العطواني داخل مصر, حتي أنه صدر له عدة طبعات من البردة مسجلة علي شرائط كاسيت, وحاليا سي ديهات ورغم ارتفاع نسب تحميل البردة علي شبكة الانترنت, فإن هذه الشهرة لم تترجم الي زيارات خارج البلد, ربما لعدم اهتمامه وعدم رغبته, حيث اقتصرت زياراته للخارج علي زيارة المملكة العربية السعودية أدي خلالها بردة البوصيري في الرياض وفي جدة. ولم يكن ذلك أكثر من البحث عن البركة بحسب وصفه. ويقول الشيخ عن البردة: قصيدة البردة, وقد حوت ماحوت من فضائل رسولنا الأعظم في سياق نظمه البوصيري لها خصوصية ترتبط بما تتمتع به شعوبنا الاسلامية, وخاصة في مصر, من عشق فطري لسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فحين أبدأ في وصفه وتحس الجماهير به تنقلب الكلمة الي عاطفة جياشة تهيج مشاعر الكثيرين بالبكاء احيانا والاستحسان بطلب الاعادة كثيرا, وهي مواقف تلقائية تخرج عن دائرة الشعور والحس المدرك. والشيخ عبد العظيم يتميز الي جانب كونه مداحا كبيرا بأنه واحد من علامات القراءة في الصعيد, وقد انضم الشيخ عبد العظيم العطواني الي نقابة قراء القرآن الكريم بعد أن قضي فترة طويلة يمارس القراءة في مناسبات عديدة, وكان ذلك منذ مايقرب من ثلاثين عاما, وحين يسأل عن مثله الأعلي من قراء القرآن يقول: إن مثله الأعلي هو القرآن ذاته إذ ما من قاريء أجاد كتاب الله إلا كان ممن يحق الاستماع اليه, وإنه يتعلم من الصغير قبل الكبير في شأن تلاوة القرآن ويقول: القرآن الكريم حديقة غناء تزخر بأطيب الثمار والفاكهة, ولكل مذاق وطعم, ولله الحمد فالجميع حلو المذاق طيب الطعم, أدامهم الله وأكثر منهم.
|
|
| |
|