احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: عندما جري تعديل المادة 77 الأربعاء 1 سبتمبر 2010 - 1:41 | |
| قبل انتهاء العام بأربعة أيام وتحديدا في 26 ديسمبر 2006 طلب الرئيس مبارك من مجلس الشعب تعديل 34 مادة من مواد الدستور تنفيذا لما قطعه علي نفسه في برنامجه الانتخابي لرئاسة الجمهورية.. بعد صدور التكليف الرئاسي بدأ الإعداد والتجهيز لإجراء الاستفتاء وتحدد له 26مارس 2007 موعدا لتصويت المواطنين.
ومنذ إعلان الرئيس دعوته وحتي التصويت عليها مرت شهور ثلاثة اشتد فيها الجدل السياسي واحتدم لدي النخب والشعب والأحزاب حول المواد التي ينبغي تعديلها خاصة المادة 76 التي تحدد طريقة انتخاب رئيس الجمهورية والمادة 77 سيئة الذكر والتي تطلق مدة الحكم لرئيس الجمهورية دون تحديد.
كان المستشارون يغدون ذهابا وإيابا يعرضون علي رئيس الجمهورية أفكارهم حول التعديلات الدستورية وإبداء ملاحظات القوي الوطنية حول المواد التي يودون تعديلها.. كان كل شيء أمام الرئيس الذي كان يستمع باهتمام إلي كل متحدث.. وقد لمس الرغبة العامة بتقييد مدة حكم رئيس الجمهورية وعدم إطلاقها.
كان للرئيس مبارك وجهة نظر حول المادة 77 مفادها أن لدي مصر خصوصية تتعلق بطبيعة نظامها وشعبها وحجم التحديات التي تواجهها في المنطقة الصعبة التي تقع فيها من العالم مما يستدعي استقرارا لسلطة الحكم وعدم تحديد فترة بقائها.. ولم يشأ الرئيس إعلان هذا الرأي أثناء استماعه لمستشاريه.. كان يسعي إلي معرفة كل ما يدور حول قراره بإجراء تعديلات دستورية موسعة وعد بها الجماهير أثناء حملته الانتخابية الرئاسية.
في تلك الأثناء وقبل أن تذهب التعديلات الدستورية في صورتها النهائية إلي البرلمان لمناقشتها قبل طرحها علي الشعب.. تصادف أن خرجت إحدي الصحف الحزبية بمانشيت يقول (مبارك رئيس مصر مدي الحياة والقادم بعده يحكم مدتين) في إشارة واضحة إلي رغبة الجميع في تعديل المادة 77 وتطبيقها علي الرئيس الذي سيخلف مبارك واستثناء الرئيس مبارك من تطبيقها عليه وأن يظل رئيسا لمصر مدي الحياة.
وفي اجتماع مصغر لم يزد فيه الحضور علي أربع شخصيات.. عرض أحد الحضور اقتراحا بتعديل المادة 77 بعد أن لمح ميلا لدي الرئيس بتعديلها.. كان الاجتماع هادئا أتاح فيه الرئيس للمتحدث فرصة الحديث كاملة.. وقد استعان المتحدث بما نشرته الصحيفة الحزبية في نفس اليوم.
بعد أن انتهي المتحدث من حديثه.. صمت جميع الحاضرين وأعينهم معلقة صوب الرئيس في انتظار ما سيقوله بعد سماعه وجهة النظر المطالبة بتقييد مدة حكم رئيس الجمهورية.. وبعد فترة صمت أعلن الرئيس موافقته المبدئية علي تعديل المادة 77 .. علي أن يجري التعديل المقترح خلال ساعات ثم يعرض عليه أثناء لقائه معهم في المساء.. غادر الرئيس قاعة الاجتماع في حدود الثانية عشرة ظهراً.
عكف الحضور الأربعة بعد مغادرة الرئيس علي وضع صياغة مقترحة للمادة 77 وتم عرضها علي فقهاء القانون الدستوري من أهل الحكم.. وبعد صياغة المادة وارتياح الحضور لها.. قاموا بتهيئة أنفسهم للقاء الرئيس في السابعة مساء مثلما حدد لهم.
انتابت الحضور فرحة لصياغة المادة وإقرار الرئيس مبدئيا تعديلها واعتبروها نصرا مبينا تم تحقيقه لصالح التجربة الديمقراطية في مصر.. ركبوا سياراتهم واتجهوا إلي مكان الاجتماع للقاء الرئيس.. وبعد جلوسهم حضر الرئيس مبارك وتقدم أحدهم وعرض عليه تعديل المادة 77 وكان نصها بعد التعديل (مدة حكم رئيس الجمهورية ست سنوات بحد أقصي فترتين ويسري تطبيق تلك المادة علي الرئيس القادم بعد مبارك) أي أن مبارك سيظل رئيسا مدي حياته.
قرأ الرئيس المادة 77 بعد التعديل وقال جملة واحدة.. كل شيء يبقي مكانه ولا تغيير للمادة 77، سكت الجميع بعد وقوع المفاجأة عليهم ولاذوا بالصمت .. فلا تعقيب بعد تعقيب رئيس الجمهورية.. ما الذي جري ودفع الرئيس إلي تغيير قراره مرة أخري؟ لا أحد يعرف.
صورة طبق الأصل من أوراق مذكرات سياسي بارز في السلطة لكنه لم يكتب مذكراته بعد وربما تقرأها بعد سنوات قادمة.. وقد أوردتها كما قيلت لي مع بعض التصريف.. وقصدت بها نفي ما يردده بعض قيادات الحزب الوطني من استحالة إجراء أي تعديلات دستورية قبل الانتخابات الرئاسية القادمة.. فقد يفاجئ الرئيس الجميع ويجري تعديلات علي المادتين 76 و77.
| |
|