اختار دومينيك آسكويث السفير البريطانى الحديث عن الدعوات المطالبة بحرق القرآن الكريم فى مدونته الخاصة على موقع السفارة، ووصف تهديد القس تيرى جونز بحرق نسخ من المصحف بأنه "أثار صدمة مستحقة فعلا"، مشيرا إلى أن التصريحات الأخيرة التى أدلى بها أحد العلماء المصريين أثارت استهجان العديد لما تحمله من نبرات تعصب وحض على الكراهية وتناول بشكل تحليلى ما حدث وتبعاته.
وقال السفير فى مدونته "رجال دين حارقون": "يقول البعض إن الأعمال الوحشية التى ترتكب حولنا وتغطيها وسائل الإعلام يوميا أضعفت حساسيتنا وجعلت شعورنا بالصدمة من السلوك غير الإنسانى أكثر صعوبة. إلا أن تهديد القس تيرى جونز بحرق نسخ من القرآن أثار صدمة مستحقة فعلا وبعد الصدمة جاء الغضب الحاد من انعدام المسئولية غير المفهوم الذى كان مثل هذا الفعل سوف يمثله".
وأضاف "لقد كُتب الكثير بالفعل عن تهديد القس وأشعر بالتردد إلى حد ما عن إضافة المزيد، حيث ذلك يعطى ذيوعا أكبر لشىء ربما يجب أن يتم تجاهله – ليس لأنه غير هام، ولكن لأنه يمكن أن يجذب الانتباه لفعل جسيم من أفعال عدم الاحترام".
كما قلت – يتابع السفير البريطانى بالقاهرة - فى مدونتى الأخيرة" لا أحد يستفيد من الكراهية إلا المتطرفون وإذا ساهمنا فى إثارة الكراهية من خلال إعطائها مزيدا من التغطية، فنحن نؤدى عمل المتطرفين بدلا منهم إلا أن الأمر يجب أن يجعلنا نتوقف ونفكر فى بعض الأسئلة التى أثارها على سبيل المثال: هل يعكس هذا الموضوع زيادة فى الإسلام وفوبيا (الخوف من الإسلام وكراهيته)، خاصة فى دولة كان الكثيرون يعتبرونها مثالا للاندماج الناجح بين المسلمين وغير المسلمين؟ أشك فى ذلك أن القس جونز يرأس عددا صغيرا من الأتباع يبدو أنه يبلغ حوالى 50 شخصا ولا أرى شيئا فى آرائه يمثل المسيحية وقد أوضح رد فعل القيادات المسيحية فى مختلف أنحاء العالم أنه لا يتحدث باسمهم "وتساءل" هل نحن جميعا نقول كلمات للمواساة فقط دون أن نعنيها حقا؟ بكل تأكيد لا.. إن تحقير آراء القس جونز واحترام المعتقدات الدينية للناس الآخرين، وهى هنا الإسلام وجهان لعملة واحدة".
وقال "لقد طالب البعض حكومة الولايات المتحدة بإيقاف القس جونز وطالب البعض الأمم المتحدة بإصدار قرار يمنع حرق نسخ من القرآن ومرة أخرى لا أعتقد أن هذا أفضل رد فعل أقول ذلك ليس لأننى أرى أن من حق شخص ما أن يحرق الكتب المقدسة، ولكن لأن الاحترام الحقيقى لمعتقدات الآخرين يأتى من الالتزام الشخصى.. من المهم بالطبع أن تعلن الحكومات والقيادات الدينية رسميا أن ما هدد به القس جونز هو شىء بغيض.. لقد قال ديفيد كاميرون: "سنعارض بقوة أية محاولة للإساءة لأى فرد من أفراد أى مجموعة دينية أو عرقية. نحن ملتزمون بالتسامح الدينى".
كما قال كبير الأساقفة روان ويليامز، رئيس الكنيسة الأنجليكانية كما يقول السفير فى مدونته "نحن نعارض بشكل جماعى كل مثل هذه الاستفزازات ونصر على عدم وجود مكان فى تقاليدنا لردود الأفعال العنيفة إلا أن الاعتماد فقط على التشريع الحكومى أو على قرار من الأمم المتحدة من شأنه أن ينزع الطابع الشخصى مما يجب أن يكون رد فعل فردى بمعنى ما، يسمح ذلك للفرد بتحاشى الاضطرار لمواجهة تحد يؤثر عليه وعلى مجتمعه تأثيرا مباشرا كما أنه لن يمنع شخصا آخر من إيجاد طريقة أخرى للإساءة للمعتقدات الدينية للآخرين ".
ولفت "أن إحدى الطرق الجيدة لاختبار أحكامك فى مثل هذه الحالات هى أن تعكس الموقف. كمسيحى، كيف كان رد فعلى سيكون لو أن مسلما قرر حرق الإنجيل؟ نعم، سأريد من المسلمين الآخرين أن يوضحوا أنهم يدينون ذلك الفعل وأنهم يرون أنه لا يعكس أى شىء فى الإسلام.. إن الذى كان سيطمئننى هو رد الفعل الجماعى لجماهير من الأفراد، احتجاج تطوعى وشعبى، وليس رد الفعل الرسمى لإحدى المؤسسات.. لا أريد أن يؤخذ الشخص إلى المحكمة أو أن تصدر الأمم المتحدة قرارا.. إن ذلك من شأنه أن يعطيه ذيوعا أكبر ويوفر موضع حشد للأفراد المضلَلين المشابهين له..
واختتم "لا يمكن هزيمة التعصب هزيمة حقيقية إلا بردود أفعال منا كأشخاص.. حقيقى أنك تستطيع وضع التشريعات لردع الناس عن التعبير عن التعصب. ولكن إذا كانوا فى داخل قلوبهم مملوئين بالكراهية، فلن تحقق إلا القليل بالتشريع.. وكما رأينا مرة أخرى اليوم بالقرب منا هنا فى القاهرة، هناك أشخاص ممن يجب أن يكون لديهم علم أفضل يبدون مصممين على إثارة الريبة والعداوة بين الأديان. ويدعون أنفسهم قسيسين أو علماء؟