احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: قصة اليوم (الغجرية)تأليف /احمد شعلان الإثنين 4 أكتوبر 2010 - 12:49 | |
| [img]https://alomah.yoo7.com/[/img] السابعة إلا الربع موعد الاستيقاظ اليومي، النوم يحلو في عيون نادية وتقاومه بصعوبة تتمني وقتا إضافيا ولكن لا يمكنها ذلك، مدت يدها لتوقظ زوجها (هيا يا حسن) ولكنها وجدت مكانه باردا. بطريقة آلية أيقظت الولد والبنت وجهزتهم للمدرسة وعندما ركبا الأتوبيس ظلت تتابعه من الشرفة حتى اختفى عن ناظريها، الولد الصغير يلوح لها بيده من خلف الزجاج، كان يلوح من قبل بيديه الاثنتين، الأخري كانت لأبيه. إفطار كل يوم ساندوتش جبنة بيضاء وكوب شاي ثم الانطلاق إلي العمل، أخصائية اجتماعية في مدرسة بنات، عندما أقبل المترو استبشرت خيرا، أفضل طريقة لمقاومة فلول الذكريات التي تداهمها هي أن تحشر نفسها وسط الغرباء، انتظرت عربة الحريم ووجدت مكانا جلست فيه، سوف تتأمل من حولها لتشغل نفسها،لابد من أن تكف عن التفكير في حسن فهو لم يعد زوجها، ألم تكن لفظة الطلاق هي كلمة النهاية في علاقتهما ؟.
تناهى لسمعها واحدة تتكلم عن الإسكندرية، لم تلتقط أذنها سوي كلمة إسكندرية وتوالت الذكريات أيام الزواج الأولي وأوقات المصايف وفجأة يبرز وجهه المخيف وهو يلقي بكلمة الطلاق في وجهها، انتفض جسدها فزعا حين سمعت صوتا ناعما لعوبا يهمس في أذنها (ما دمت تحبينه إلي هذا الحد، طفشتيه ليه ؟) التفتت لتجدها جارتها في المقعد سيدة في منتصف العمر لكنها ذات جمال من نوع خاص تميزها عيونها الواسعة الكحيلة وابتسامتها الناعسة، بادرتها بالقول (تهيمين في عالم ثاني، ولا تدرين بمن حولك، تارة تبتسمين وتارة يكفهر وجهك وتفر الدموع من عينك، من تجربتي أنت تفكرين في رجلك الذي ابتعد عنك) قالت نادية (من أنتِ ؟). ردت (محسوبتك هند الغجرية) قالت نادية بتعجب (غجرية) ردت (نعم، لكني لست من النور الذين يسرقون الكحل من العين، وعندي حل لمشكلتك) قالت نادية (وهل تعرفين مشكلتي ؟). (نعم أعرفها، أنت بنت مدارس تعلمت الحياة من الكتب ولم تعيشيها، أما أنا فأعرف أسرار النساء والرجال وأستطيع أن أقول لك ما الذي حدث بينك وبين زوجك، أليس زوجك ؟) ردت نادية كالمأخوذة (نعم كان زوجي وأبو أولادي) قالت الغجرية (أنت بنت ناس حلوة ومتعلمة عندما رآك أعجب بك وتزوجك وأنت أيضا أحببتيه ربما أكثر مما يجب وتفانيت في إسعاده وجعل حياتكما أفضل وكانت هذه غلطتك)، اتسعت عيني نادية دهشة، لكن الغجرية أشارت لها بيدها فلم تتكلم وواصلت هي (غلطتك انك ركزت فيه وأغرقتيه باهتمامك ونصائحك وتعليماتك فاختنق الحب بينكما، كان هو يحتاج جرعة أقل من الاهتمام وكان يحتاج منك الإعجاب والانبهار وأن تشعريه بحاجتك إليه، لكنك كنت تفعلين كل شيء وحدك وكان ذلك يشعره بأنكم لا تحتاجونه وأنه لا يعجبك ولا يملأ عينك وإلا ما كنت حاصرتيه بالنصائح والتوجيهات). (ماهو عملك) ؟ ردت(أخصائية اجتماعية في مدرسة) قالت الغجرية (أبله يعني، نصيحتي لك كوني أبله في المدرسة وامرأة في البيت، قبل أن تأخذه منك امرأة عابرة في حياته، أنت أفضل منها في كل شيء لكنها تجيد القيام بدورها وتشعره أنه رجل وفارس ومنقذ فيسعي إليها وتندمين). ثم تنهدت وضحكت ضحكة خافتة وهي تربت علي كتف نادية (فوتك بعافية يا أبله نازلة المحطة دي مع السلامة وفكري في كلامي).
شعرت نادية أن الغجرية فتحت عينيها علي حقيقة طالما تجاهلتها ولم ينبهها إليها أحد، عندما تفسد علاقة كانت ناجحة من قبل فلا بد أن هناك أخطاء من الطرفين، لكنها لم تكن تعرف فيما أخطأت، كان عليها أن تهتم بنفسها ونجاحها لتظل متألقة جذابة وتدع لزوجها فرصة لمشاركتها المسئولية، كان عليها أيضا أن تكون متجددة لتعطيه فرصة اكتشافها مرات ومرات، ولكنها كانت نمطية وتدير الحياة وفقا لعقلها ورؤيتها فقط، وفهمت جملته التي كانت تثيرها (تمام يا سيادة المديرة).
عندما جاء(حسن) لرؤية الأولاد كان هو أيضا مختلفا، كان رقيقا حانيا يتلمس الطريق لقلبها ولما كانت ما زالت في فترة العدة فقد كان قرار العودة فوري وسريع، بعد أيام سألته: ما الذي غيرك ؟ قال : لم أطق بعدي عنكم، وأنتِ؟ قالت: أردت أن أكون امرأة.
| |
|