بعيدا عن المزايدات وطنطنة الكلمات، فإن الخطوات العملية التي اتخذتها إدارة المنطقة الإعلامية أمس الاثنين، والمتعلق بإيقاف بث قنوات "الحافظ" و"خليجية" و"الصحة والجمال" وقناة "الناس" التابعة لشركة "البراهين" العالمية، بشكل مؤقت اعتباراً من بعد غد الخميس، إنما يعد قرارا صائبا لتنقية وتطهير الإعلام الفضائي من المنابر "المهترئة" والتي تبث سمومها دون حاسب أو رقيب .
لا يعقل أن كل من يمتلك "كشك" علي ناصية أحد الشوارع ، يستطيع أن يمتلك قناة فضائية ، تاركا تجارة المصاصات ومناديل الورق ، ليتحول إلي رجل "فضائي" ، وتدريجيا تتحول القناة إلي أمرين لا ثالث لهما ، إما قناة خليعة، أو قناة دينية ، تبث كل أنواع وألوان التطرف، ورويدا رويدا يصبح لها مريدين ، يكفرون من يشاءوا ، ويلبسون رداء الإيمان إلي من يشاءوا.
ولا يعقل أن تتساوي مثل هذه القنوات مع قنوات دريم والحياة واو تي في والمحور وغيرها من القنوات ذات الارقام الصحيحة في معادلة الإعلام المرئي، وتسير معها كتفا بكتف .
قرار أنس الفقي وزير الإعلام بغربلة القنوات الفضائية من الغث والسمين ، أمرحتمي، في وقت تمر فيه البلاد بحالة من التناقض وتضاد الأشياء ، ولابد لجميع القنوات الفضائية أن تلتزم بآداب وأخلاقيات العمل المهنى وبميثاق الشرف الإعلامى فى كل ما تبثه على شاشاتها، انطلاقاً من أن حرية الرأى والتعبير تنتهى حدودها عند التسبب فى إحداث الضرر أو الأذى للمجتمع أو للمتلقى بشكلٍ عام، وأن حرية التعبير لا تعنى تقديم مواد إعلامية تثير الفتن والكراهية، أو تنشر ما هو غير صحيح علمياً أو فكرياً أو عقائدياً بين الناس، وإنما الاستفادة من ارتفاع سقف الحريات لتحقيق مزيد من المكاسب في هذا الإطار.
بعض المزايدين من أصحاب الأفق الضيق، ومن أصحاب الأغراض السيئة، سيخرجون معلنين الحرب علي مثل هذه القرارات ، ويحاولون إسباغها بشائعات وأهداف خبيثة بعيدة عن أرض الواقع ، دون النظر إلي ما تبثه مثل هذه القنوات من إسفاف ومزايدات لا علاقة لها بالعمل الإعلامي.
نحن مع تنقية المنابر الإعلامية ، والإبقاء علي القوي والهادف منها ، ولكن الدكاكين الفضائية لابد لها أن تندثر من خريطة الإعلام سواء مرئي أو ورقي أو مسموع منها، لذلك احيي الوزير أنس الفقي علي مثل هذه القرارات الصائبة.