الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية

صحيفة- يومية-سياسية -ثقافية-رياضية-جامعة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابة*البوابة*  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 قصة قصيرة:مطاردة في الظلام للكاتب الصحفى /احمد شعلان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد شعلان

احمد شعلان


ذكر
عدد الرسائل : 17047
الموقع : جريدة الامة
تاريخ التسجيل : 24/09/2008

قصة قصيرة:مطاردة في الظلام  للكاتب الصحفى /احمد شعلان Empty
مُساهمةموضوع: قصة قصيرة:مطاردة في الظلام للكاتب الصحفى /احمد شعلان   قصة قصيرة:مطاردة في الظلام  للكاتب الصحفى /احمد شعلان Icon_minitimeالجمعة 15 أكتوبر 2010 - 0:57

كنت صغيرا عندما عرفت أن الحكاية تختلف عن الواقع ، كنت صغيرا ولكن كنت أكبر إخوتي ولذلك أرسلتني أمي في يوم ممطر عاصف لأحضر بعضا من الخبز من عند خالتي لنتعشي به ، كان السير في المطر صعبا وخاصة أنني ألبس نعلا من البلاستيك يغوص في الطين ويلتصق به وأنتزعه منه بصعوبة ، بعد خطوات كنت أخشي أن يتمزق النعل وأضطر للخوض حافيا في وحل الشارع ، كان الهواء باردا يسفحني ويخترق جسدي الصغير ويجعل عيناي تدمع وأنفي يسيل ، أخيرا استطعت إحضار الخبز الذي ناولته لي ( فوزية ابنة خالتي) التي تشبه القطة بملامحها الدقيقة وعيناها الذهبيتان وبياضها الناصع ، كنت أسمع صوت خالتي من الداخل تقول ( هل تريد أيضا قطعة من الجبن ) قلت في حرج ( لا . عندنا ) عندما ذكرت ذلك فيما بعد لأمي نظرت لي لائمة وقالت ( لماذا لم تحضرها ؟ )
في طريق عودتي للبيت وبينما أحاول السير علي قوالب الطوب التي وضعها البعض لتجنب وحل الشارع التوت قدمي فجأة ووقعت ، بكيت وساعدتني امرأة طيبة حتي وقفت علي قدمي وعدت للبيت وأنا أبكي ، دخلت البيت تطلع لي الجميع، أمي وأبي وأختاي الأصغر (فاطمة ومحسنة ) و انفجروا في الضحك وأنا أحكي لهم ما حدث ، قلت في نفسي لماذا يضحكون ؟ لقد كان حادثا مؤلما ، و ما إن تطلعت لصورتي في مراية الدولاب المغبشة حتي فهمت، كان منظري مضحكا بالفعل ، ضحكت أنا أيضا .
يشبه الفارق بين الواقع والحكاية الاختلاف بين الصورة الفوتوغرافية والأصل ، الصورة تعبر عن بعد واحد سطحي للإنسان ولا تحيط بكل أبعاده ، ولذلك آثرت الكتمان في حياتي ، مهما حكيت لن أنقل المشاعر والدوافع وسوف يتخذ من يسمعني موقفا مسطحا من حكايتي مثل لقطة الكاميرا ، لقطة مخادعة قد تظهر الشخص أجمل أو أقبح وبشكل ما تجعل القصير يبدو طويلا والظالم يبدو مظلوما كما أنها لا تظهر مقدار ما حصله الشخص من العلم والثروة ولا تبرز الخير والشر المخبوء داخل الإنسان ، ولذلك كرهت التصوير والحكايات .
ولكننا نتغير بمرور الزمن وقد نتحول للنقيض ، عندما تمتلأ النفس بالخبرة وتضغط عليها حكاياتها فإنها لا تستطيع مقاومة رغبتها العارمة في البوح ، وهكذا غيرت رأيي عندما أقنعني ابني ( كريم ) بأن أتكلم حتي أتخفف مما يثقلني وخاصة أن ليلنا كان طويلا ، صدقت أن الحكاية تعطينا خلاصة خبرة حياة كاملة واشترطت عليه أن نحتفظ بها حية ، من خبرتي كفلاح كنت لا أكتفي برسم صورة ملونة زاهية للعصفور ولكن لابد أن أضع في يدي العصفور نفسه ، أتأمله وأسمع صوته وأحس نبضه وملمسه وأري ألوانه الحقيقية حتي لو كانت رمادية باهتة ، ولذلك كانت مهمة (كريم) سد فجوات الحكاية من باقي مصادرها وقد حاولت وأنا أروي قصتي ، أن أمسك بها حية .
عوض البركاوي
ـ 1 ـ
مطاردة في الظلام
ارتجف قلب (عوض ) وهو عائد إلي قريته ، يبدو الطريق موحشا مخيفا بين زراعات الذرة في هذا الوقت المتأخر من الليل ، كم بدت له ـ من قبل ـ قريته في جوف دلتا النيل آمنة هادئة مطمئنة وهو عائد من عمله كل يوم بعد العصر ، تبعد القرية عن المركز ( أقرب مدينة لها ) حيث مقر عمله حوالي2 كيلو متر وقد اعتاد علي أن يسير هذه المسافة علي قدميه ذهابا وإيابا ، كان يستمتع بهذه الرحلة اليومية ويقول لزملائه ضاحكا ( رياضة وتوفير ) ولكن الآن يختلف الوضع ، إذ يبدو الطريق طويلا حافلا بالمخاطر ، كان يسير مبتعدا عن حواف الحقول خوفا من مهاجمة ذئب له وتذكر فجأة أن النار تخيف الذئاب فأشعل عود ثقاب لكن الهواء أطفأه فورا .
هذه هي المرة الأولى التي يسهر فيها خارج القرية حتى هذه الساعة ، يبدوالطريق الممتد أمامه خاليا من أي مخلوق ، نظر إلى السماء ( آه هذه ليلة معتمة لا يظهر فيها القمر ) أخذ يردد آية الكرسي والمعوذتين فاطمأن قلبه بعض الشئ ، كان متأثرا بشدة من موقف خالته ( أمينة ) حين ذهب إليها في الليلة الماضية طالبا يد ابنتها ( فوزية ) وأخذت ترميه بقوارص كلامها ، وهي تشير وتلمح بشكل موجع لفقره ووظيفته المحدودة كموظف بشهادة متوسطة في بنك التسليف الزراعي ، ذكرته أيضا بحالة والده الذي اضطر لبيع أرضه التي كان يزرعها ، وسألته بسخرية مغلفة وهي تهز رأسها و تنظر إليه نظرتها الناعسة و ترخي جفنيها بطريقة ماكرة لا تجيدها إلا الحريم المخضرمة ( أين ستقيمان يا ولدي الحبيب ؟ في بيت والدك الآيل للسقوط ؟ وهل سيمكنك توفير الطعام لها ؟ أم ستحضر معها للأكل عندي ؟ وهل سمعت يا نور عيني أن العروس يقدم لها شبكة ومهر ؟ )

كان (عوض ) معتدا بنفسه رغم ظروفه ، لا ينقصه إلا المال والمال يأتي ويروح ولا يصنع الرجال وإنما الرجال هم من يصنعون المال ، ولم لا يعتد بنفسه فهو شاب قوي وسيم خفيف الظل ذكي وسريع البديهة وبشكل ما كان مثالا للفلاح المصري مضافا إليه بعض التعليم وتفتح الذهن ، عند هذه النقطة تسللت الابتسامة إلي شفتيه ونسي خوفه وقال في نفسه ( غدا يا عوض يعرف الجميع قدرك وخاصة خالتك أمينة القرشانة ، لن أيأس وسأحاول معها من أجل ( فوزية ) الجميلة ذات العيون الخضر والبشرة بلون الحليب والشهد )
عندما تذكر فوزية اتسعت ابتسامته وجنح به خياله إلي بستان السعادة المنتظر معها ، وفجأة أفزعه صوت طلقات الرصاص وشاهد مطاردة في الظلام فأسرع يختبئ بين أعواد الذرة ، ما كاد يتقدم خطوات داخل الحقل حتي وجد يدا غليظة تكتم فمه ،التفت فشاهد وجها ذا نظرات نارية ، همس له الرجل بصوت كالفحيح ( اسمع ولا تنطق حتي لا تؤذى )
هز (عوض ) رأسه موافقا ، فتركه الرجل وهو يلهث ،أعطاه حقيبة متوسطة الحجم وقال آمرا ( امسك هذه الحقيبة ). أمسكها (عوض) وهو يحبس أنفاسه ، فقام الرجل بفتحها وأخرج منها كيسا كبيرا أسود اللون وسأل (عوض) عن اسمه وتأكد أنه من أهل هذه البلدة التي يقفون على مشارفها ، ثم قال بصوت يخرج وكأن به زفرات حياته ( خذ هذا الكيس ) ، فأخذه (عوض ) ، ثم نظر إليه وكأنه يريد أن يستخرج روحه من جسده ( احفظ هذه الأمانة عندك ، حتي أحضر لاستردادها غدا ) وتركه وانطلق .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alomah.yoo7.com
 
قصة قصيرة:مطاردة في الظلام للكاتب الصحفى /احمد شعلان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الموقع الرسمى لجريدة الامة الالكترونية :: جريدة الأمة :: عيون الامة أشراف /محاسن بيومى-
انتقل الى: