احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: ماذا لو اصبحت رئيسا للجمهورية الأربعاء 3 نوفمبر 2010 - 0:40 | |
| [img]https://alomah.yoo7.com/[/img] صديقى العزيز، لو أنك تملك هذا، فى بلد كهذا، فهل تريد حقاً أن تصبح رئيساً لها؟!...تعالى نفترض أن الفرصة قد أتيحت لك، لتصبح رئيساً، وأنك ترغب بالفعل فى أن تصنع الخير لهذا البلد، وهذا أمر منطقى، فلن تكون انت رئيساً قوياً، إلا إذا كنت تحكم بلداً قوياً .... الافتراض إذن يبدأ بأنك مخلص، ومتحمس، ولديك برنامج طموح، يعتمد على الديموقراطية، والحريات، والتنمية والرخاء ...ثم تجلس على عرش السلطة، على رأس بلد ليس به دستور حر، يضع سقفاً للسلطة، ومدة لا تقبل الزيادة لمنصبك، ويحتم تداول السلطة، بين الحزب الذى تنتمى إليه، والأحزاب الأخرى، عبر انتخابات نزيهة (حقيقية)، ومبدأ تداول واضح ... فى البداية ستدرس كل الاحتمالات، للإنجازات والمنجزات، والتحسين والتطوير، و ....ولكنك – طبعاً – لست وحدك ..هناك حولك مسئولون، ومستشارون،و سياسيون، إلى جانب الأقارب والأصحاب، وذوى المصالح، وكلهم يشاركونك بالرأى ...وحولك، وهو الأخطر، جهاز أمنى عملاق، لا يرضى إلا بالسيطرة الكاملة، لأنه، شأنه شأن أى جهاز أمنى آخر، مصاب بلوثة الشك، وعقدة العظمة فى نفس الوقت، ولا يرى الدنيا إلا بعيون أمنية، تفترض أن الشعب كله مدان ومذنب، ما لم يثبت العكس بالدليل القاطع .... بعد استجواب وتعذيب كل المشتبه فيهم، والذين لا يزيد عددهم عن ثمانين مليوناً فحسب، حيث أنه ليس من المنطقى الشك فى الاطفال، تحت سن الأشهر الستة ... ومع بدايات، سيبدى كل هؤلاء انبهارهم بكل قرار تتخذه، حتى ولو كان قرار الذهاب إلى الحمام، وسيضعون أيديهم على قلوبهم، من فرط حكمتك وعبقريتك، وقوة بصيرتك ...وفى نفس الوقت، سيؤكًَّد لك أمنك أنك مستهدف من قوى الرجعية، وشياطين الامبريالية، وقادة المهلبية، وكوماندوز أم على، وأنه على الأمن أن يحميك ويحرسك من العين يا حبة عينى، حتى لا تظفر بك عيون الحسًَّاد، التى فلقت الحجر نصفين، وفلقت شعبك سبعة أنصاص ....ولأنك لسه بخيرك، سترى أن هذا الكلام مبالغ فيه، وبه قدر من النفاق والرياء، ولن تبالى بتحذيرات الأمن، وستمضى فى خطة الإصلاح والتطوير ... ولكن الإصلاح والديموقراطية، يعنيان كشف المستور، وإضاءة الأنفاق المظلمة للفساد والرشوة، وهما يعنيان بالتالى ثروات بالمليارات، وفيلات فى مارينا، وهارينا، وطالع عينينا،وقصور فى مدينتى، ومدينتك، ومدننا كلنا، وعزب وأطيان، وطين على رأس كل مواطن غلبان، فلن يرضى المحيطون بك بوجود إصلاح حقيقى، وسيبدأون خطة كبيرة، لتطوير هذا الإصلاح .... لمصلحتهم ... وذات يوم، سيخبرك أمنك أنه قد أحبط مخططاً رهيباً، لوضع بودرة العفريت فى ملابسك الداخلية، أعدها تنظيم القعدة الحلوة، ومية مسا، وأن السبب فى أن هذا التنظيم السرى جداً وللغاية، قد نجح فى وضع خطته، هو أنك قد أردت أن تكون الناس حرة، تتحدًَّث فى تليفوناتها كما تشاء، بدون رقيب أو حسيب، وتشاهد قنواتها وقنوات الغير، وتيسر حتى فى الشارع كما تريد (شوف بجاحة الشعب يا أخى !!...) .. وعندما يسألونك عن الحل، سيبدون كالملائكة الأبرار، التى لا تنشد سوى صالحك و أمنك، ولسلامتك يا ريس .... وسيخبرونك، وعيونهم الباجسة فى الأرض، أن الحل الوحيد هو التقليل (شوية) من الحريات ...وخوفاً على سلامتك وأمنك، ستتغاضى قليلاً عن فكرة الحريات، وستمنع الأمن القليل من الصلاحيات، فى ظل قانون طوارئ، سيتم تفصيله، بحيث لا يفلت منه أي مواطن فى بر (مصر). ثم تقترب الانتخابات، وتفاجأ أنت بأن مدتك الأولى قد شارفت الانتهاء، وأن الزمن يمضى أسرع مما تتصوْر، فينتابك الشعور بالقلق، وتتخيَّل نفسك وقد تركت منصبك، وصرت مواطناً عادياً، وقاونو الطوارئ، الذى وافقت بنفسك عليه، سيسمح لأى مخبر بضربك فى الشارع على قفاك، واحتجازك من باب الاشتباه والغلاسة فحسب ....وهنا، يبدو لك أن أمنك الحقيقى لا يمكن أن يتحققًَّ، إلا لو بقيت فى منصبك لفترة ثانية ... وتأتى انتخابات مجلس الشعب، الذى سيعيد ترشيحك لفترة ثانية، وستدرك، كما سيخبرك من حولك، أنه من الضروري أن يسيطر حزبك على هذه الانتخابات، التى استمرارك من عدمه ...وعلى الرغم من فكرتك عن الإصلاح، وحتى ترضى ما تبقى من ضميرك، الذى هو يعانى من ضعف وتهالك، فإنك ستكفى بإغماض عينيك، وترك الأمن مع كل الآخرين، يديرون اللعبة كما يريدون .... ستكون واثقاً بالطبع من أنهم يزورون، ويدلسون، ويستغلون أسماء الموتى والمهاجرين، ويمنعون أفراد جماعة الإخوان من الوصول لصناديق الانتخابات، ويفعلون كل ما يمكنهم فعله، حتى يفوزون ....ويفوز حزبك، بالتزوير طبعاً، وتتظاهر بأنك تصدًَّق، وتواصل لعبة لا من شاف ولا من درى، حتى يحظى مجلس الشعب بأغلبية من حزبك، تتيح له إصدار ما يشاء من قوانين وقرارات، تأخذ صورة ديموقراطية زائفة، على الرغم من انك وهم دافنينها سوا ... وبعد التزوير الأوًَّل، ستدخل مرحلة جديدة من شخصيتك، إذ أنك ستكون قد علمت، بغض النظر عن النتائج، أن الشعب فعلياً – لم يعد يريدك، ولكنك – عملياً – لا تريد ترك كرسى السلطة، إذن فالشعب سيتحوًَّل إلى عدو حقيقى، وعليك أن ترد العدوان بالعدوان ...وعندما تبدأ الصحافة فى الحديث عن الانتخابات، وما حدث فيها، ستشعر بالضيق، وسيشعر من حولك بالقلق، وسيبدأون فى وضع خطة للسيطرة على الصحافة، وكتم كل الاصوات العالية، وكسر كل الاقلام المتمرًَّدة، وستكون مشكلتهم الوحيدة، هى أن العالم يتباع ما يفعلونه، وأن البلد ليس حراً كما يدًَّعى، بل هو أشبه بمستعمرة بكتيريا، تحت ميكروسكوب عالم مجنون ... لابد إذن من إيجاد خطة، تبدو قانونية ومنطقية ؛ لتنفيذ الغرض الشرير، بشكل ديموقراطى شيك ...أو حتى كمبيالة، أو بالكثير إيصال أمانة ... ولأن الشغل الشاغل أصبح البقاء، ستتراجع بالطبع خطط الإصلاح، وتتحوًَّل إلى خطط إصلاح وتهذيب وتقويم، من خلال المؤسسة العامة للمعتقلات، بالاضافة إلى الإدارة العامة للشئون القانونية، للتخلص من المعارضة غير المستحبة ... ورويداً رويداً، تزداد قبضة الأمن، مع شعورك بعداء الشعب لك، ولكنك، فى الوقت ذاته، ستبدأ مجموعة من الخطب الرنًَّانة، التى تتحدًَّث عن الحرية والكرامة، والديموقراطية والتلامة، وكأنك بهذا تشبه أى شخص مصاب بالضعف الجنسى، ويكثر الحديث عن أمجاده وغزواته النسائية، فى محاولة إخفاء هذا ...ومن الضرورى، والحال هكذا، أن تمضى ولاء من حولك، ولكنك تعلم انهم نماردة، ولا يؤتمن لهم جانب، لذا فالحل الوحيد لديك، هو أن تترك لهم مساحة للفساد، وتغمض عينيك عن هذه المساحة، حتى يشعرون أن وجودك فيه صالحهم، وأنهم من غيرك ولا حاجة، وناقصهم كام مليون حاجة، أو قول كام مليار حاجة ... وهكذا يبدأ الفساد، وتبدأ منظومته من أعلى، ثم تنسكب رويداً رويداً إلى أسفل، وتفوح رائحته، حتى تزكم كل الانوف، وربما كل العيون والآذان، والخدود والشفايف أيضاً، وتثور الصحافة، التى تصدق انها حرة بحق وحقيق، وتكتب عن الفساد وتكشفه، وتعريه، وتفضحه، ولكنك تلعب دور الواد المجدع، وتطالب بالدليل قبل البحث ...وبين حين وآخر، عليك ان تقدًَّم للمجتمع فريسة يلتهمها، وتنشغل بها الصحافة، حتى تواصل لعب دور (توفيق الدقن)، واحلى م الشرف مفيش، يا آه يا آه .... ويتواصل الفساد، ويتوغًَّل، ويتعمق، وينتشر، ويستمر ... ويستمر ... وأنت تنتظر الدليل ... وباعتبارك الرئيس، ستكون لديك بالطبع كل النظم الامنية، والأجهزة السيادية، القادرة على أن تأتيك بالف ألف دليل، وليس دليلاً واحداً، ولكن المشكلة انك لا تريد حقاً الدليل ....إنك تريد البقاء ... وفى الانتخابات التالية، ستجد أن المشكلة قد تفاقمت، والمرجل يزداد غلياناً، ولكن الحل الوحيد هو الاستمرار على مقعد السلطة ...بالطبع ستحاول إقناع نفسك بأن هذا لصالح الشعب، وبلدك، وحبايبك والمجتمع والناس، وأنك تتمنى أن يجعلك الخالق (عزًَّ وجلًَّ) طوبة، يعلوا بها جدار، ولهذا عليك أن تستمر، باعتبار أنه لا يوجد غيرك، فى بر مصر كلها، يستطيع أن يكون رئيساً لهذا البلد، وأن الحياة يستحيل أن تسير بدونك، على الرغم من أن القبور مليئة بأولئك الذين ظنوا، أن الحياة لن تسير بدونهم، ولكنهم، وهم يقفون عراة مرتجفين أمام خالق الكون وخالقكم (عزًَّ وجلًَّ)، أنهم مجرًَّد بشر، سيتركون الدنيا عاجلاً أم آجلاً، ولو كانوا فى بروج مشيًَّدة، وستستمر الدنيا بعدهم، وتكبر، وتتطوًَّر، ويصبحون هم تراباً تدوسه الأقدام .... وطبعاً ستقوم، من خلال من حولك، بتزوير الانتخابات التالية ....أو أنك حتى لن تحتاج إلى هذا ..أمنك ورجالك سيقومون باللازم، وسيأتون إليك، فى براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ليهنئونك على فوزك، وعلى ثقة شعبك فيك، وفى الوقت نفسه، سيحيطونك بحراسة تكفى لتأمين مدينة كاملة، كلما خرجت من خندقك، باعتبار أن الشعب كله عدوك ويكرهك ؛ لأنك أحلى، وأوسم، وأذكى، وأحكم، وبابا، وماما، و(أنور وجدى)، و (ليلى مراد) كمان ... أمنك، الذى لا يثق بك، يحاول حمايتك من شعبك، الذى من المفترض أنه يثق بك .... حاول أن تفهمها ...ثم أن حديث من حولك، عن حكمتك، وعبقريتك، وألمعيتك ... إلخ، لم يعد يبدو رياءاً ونفاقاً، بل صار بالنسبة إليك – إقراراً بحقيقتك، التى لا تعرفها أنت نفسك ... وسيمضى بك الزمن، وتصدق، أو تتظاهر بأنك تصدق، وستستخدم بالطبع كل أنواع العطور المستوردة، حتى تمنع عنك رائحة الفساد، الذي تكاد تفقد الوعى من شدته ...وينحدر البلد كله ...اقتصادياً ... واجتماعياً.... وسياسياً .... وأمنياً ....ولكن كل هذا لا يهم ...المهم أن تبقى أنت ...وبعد سنوات، وسنوات، وسنوات، تكتم فيها على نفس شعبك، ستكتشف ذات يوم أنك مثل كل من سبقوك، وكل من سيأتون بعدك ... مجرًَّد بشر، وذلك عندما تموت ويصبح ضميرك مستريحاً .... فى تربته ... ثم ستاتى لحظة الحساب، وسترى جهنم تفتح فكيها لك على مصراعيهما، وأمنك ومن حولك يفرون منك، على الرغم من أنك أخيراً ستستقر، وستبقى فى مكان واحد إلى الأبد، و....أمازلت ترغب حقاً، بعد كل هذا، فى أن تصبح رئيسا؟
!... | |
|