احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: وظائف المجلس القومي للشباب.. عيب يا حكومة الثلاثاء 7 ديسمبر 2010 - 8:07 | |
| في الوقت الذي تتفاقم فيه مشكلة تسريح العمالة المصرية، سواء في الداخل أو الخارج باسم الأزمة المالية العالمية، وتتزايد فيه حجم البطالة بين الشباب المصري بدرجة كبيرة وصلت إلى حد انضمام 83 ألف شاب مصري إلى طابور البطالة خلال 3 أشهر فقط- بحسب تصريح الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية- أعلن المجلس الأعلى القومي للشباب بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية ورجال الأعمال عن توفر 5 آلاف فرصة عمل للحد من طابور مكوَّن مما يزيد على 10 ملايين عاطل. الغريب هنا ليست في عدد فرص العمل المحدود مقارنةً بملايين العاطلين، وإنما في نوعية الوظائف التي أعلن عنها المجلس القومي للشباب المتمثلة في العمل ما بين مندوب مبيعات صحف وكروت شحن المحمول وعمال نظافة وحياكة ملابس وسائقين وعمال فنادق وأفراد أمن خاص. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو: هل هذه بدائل الحكومة المصرية لمواجهة تداعيات وخطورة الأزمة المالية العالمية على عمل الشباب المصري؟ وما الهدف من توجيه الشباب للعمل في تلك الوظائف الاستهلاكية دون غيرها من الوظائف الإنتاجية التي تصب في صالح الاقتصاد المصري؟ (الامة ) يطرح القضية للنقاش في سطور التحقيق التالي: | د. محمد عبد الحليم عمر |
بدايةً يقول الدكتور محمد عبد الحليم عمر مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر إن توجه الحكومة المصرية نحو الاهتمام بفرص العمل المتعلقة بالاستهلاك الخدمي وتغافلها عن التوجه الإنتاجي للمواطن، يؤدي إلى شلل وجمود الإبداع ويؤدي إلى سرطنة العقول فيما يسمَّى بوظائف "وجودها زي عدمه"، مؤكدًا أهمية استغلال طاقة الابتكار المخدّرة لدى الشباب لنهضة الوطن بتبني مشاريع إنتاجية وأفكار نهضوية. ويتساءل: أين مصر من دول الغرب التي تتبنَّى المشاريع العملاقة لغزل الإبداع وتنشيط عجلة التوسع الاقتصادي والمجالات الأخرى. ويرى أن قيام المجلس القومي للشباب بالإعلان عن تلك الوظائف يمثِّل إهانةً لمصر؛ حيث يسعى لتوقير أقل من 5 آلاف فرصة عمل دون نظر إلى إعداد البطالة الهائلة "المرتصة" في الطرقات والمقاهي ومقرات الرواج اللا أخلاقي، على حد تعبيره. ويضيف أن توقف استثمارات الحكومة وجمودها نتاج لعدم وجود إستراتيجيات واضحة وسليمة، تنبئ عن خطر شديد ينتظر مصر، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية التي تعصف بالعالم أجمع، مطالبًا بضرورة إلغاء كافة الاتفاقيات التي تقيد حراك الاقتصاد المصري كالكويز وغيرها. لا مانعويرى ممدوح الولي الخبير الاقتصادي أنه في إطار غياب إستراتيجية قومية للتشغيل تبقى الساحة مليئةً بتصورات جزئية من خلال العديد من الجهات في توفير فرص عمل كنوع من تأزيم المشكلة دون التصدي الحقيقي لحلها. | ممدوح الولي | ويشدِّد على أهمية النظر بموضوعية لهذا العرض، قائلاً إن المجلس الأعلى للشباب ليس موكولاً له تشغيل الشباب، وأن هذه المهمة منوط بها جهات أخرى، كالقوى العاملة ومنظمات رجال الأعمال. ويطالب الولي بضرورة السعي نحو تغيير الصورة النمطية للعمل- باعتباره عملاً مكتبيًّا- في أذهان الكثير بتشجيع وتبني العمل الحر المنتج نحو نهضة اقتصادية وطنية، مشدِّدًا على أن الفرص المعروضة، سواءٌ كانت عملاً مندوبيًّا أو نظافيًّا أو حياكيًّا أو بيعًا لبعض المنتجات البلاستيكية هي أعمال مطلوبة في السوق، وتوفر دخلاً عند قبولها مع السعي- من خلال الحوار- لتوفير فرص عمل أخرى قد تكون أكثر إفادةً لاستيعاب التخصصات العديدة التي تشهد البطالة، وإن وجود تلك التخصصات العاطلة لا يعني رفض هذه الفرص التي يوفرها المجلس، والتي تحتاجها فئات أخرى قد تكون أدنى في المستوى التعليمي أو من الأميين الذين يناسبهم تلك الأعمال. مسكناتويرى الدكتور جهاد صبحي أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر أن الحكومة تحاول غرس مسكنات فرص العمل "الوضيعة"، والتي لا تتناسب مع الشهادات العليا لتثبت لأفراد الشعب أنها قادرة على حل المشكلة، وتوهم علاج الأزمات بالوعود الواهية دون تبرير، مشدِّدًا على أن الفرص المعروضة تقوم على الاقتصاد الريعي، ولا تقوم على إنتاج حقيقي؛ لأن الحكومة منذ فترة توقفت عن الاهتمام بقطاع الإنتاج وتركته للمؤسسات الخاصة. | د. جهاد صبحي | ويؤكد عجز الحكومة عن توفير الفرص المناسبة للشباب واحتواء المعدلات الطبيعية والمدلولات الاقتصادية في ظل الأزمة العالمية، ودليل ذلك البطالة المتفشية التي تحُول دون سدِّ العروض الوظيفية لاحتياجاتها، معتبرًا أن الأزمة الاقتصادية نتاج سياسة النظام المغلوطة. ووصف إعلان المجلس القومي للشباب بالسياسي الأكثر منه نفعًا اقتصاديًّا غير المرغوب والهامشي؛ حيث إن الحكومة تحاول في ظل عجزها من آن لآخر توفير فرص عمل لإبطاء زحف الخناق والإحباط المسيطر على المواطن نحو أخطار شديدة تمس الأمن القومي، مثلما حدث في تفجيرات الحسين وسط القاهرة وغيرها من دلائل. متسائلاً: كيف للنظام توفير 5 آلاف فرصة عمل لما يزيد عن 10 ملايين عاطل؟ وكيف للحكومة أن تحل بطالة 10 ملايين عاطل بتوفير 5 آلاف فرصة عمل؟ مؤكدًا أن إجرام النظام بإهدار حق المواطن وعدم تمكينه أدنى حقوقه العيش في أمان كان سببًا رئيسًا في انتشار الجريمة والسلوكيات اللا أخلاقية التي تعمل على إبطاء حركة الاقتصاد. هراءويؤكد أبو العز الحريري أن استخدام هذه الإعلانات في ترغيب طاقة الشباب نحوها هراء وسخف وإهدار لقوة مصر، مشدِّدًا على أنه- حسب التقديرات الحكومية- يصرف على الطالب العلمي في سنوات دراسته 100 ألف جنيه بالإضافة إلى 100 ألف جنيه أخرى من جانب أسرته. | أبو العز الحريري | مشيرًا إلى أنه في ظل الأزمة الاقتصادية والبطالة المتزايدة والتوجه الخدمي تسعى الحكومة المصرية في تغوُّل المواطن الأجنبي للسيطرة على وظائف المؤسسات الحكومية، والذي وصل عددهم إلى الآن 1700 ألف مواطن أجنبي يزاحمون الشباب المصري ويأخذون حقه في التفوق والتقدم وتقديم روائع الإبداع، داعيًا الحكومة إلى صيانة سياستها وتوظيف الشباب في الإنتاج والبحث العلمي الرامية إلى نهضة مصرية اقتصادية. ثقافة استهلاكوعلى الصعيد الاجتماعي يقول الدكتور فؤاد السعيد خبير علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية إن الإعلان الوظيفي مهين، ولا يناسب فئات الخريجين، خاصةً أطقم المؤهلات العليا، ودليل على أن الحكومه نفد رصيدها الاجتماعي في حل أزمات مصر الداخلية، وإن المجهود الذى يُبذل لدرء مخاطر هذه السياسة ليس بنفس معدلات الفرص المطلوبة المتزايدة عامًا بعد عام. | د. فؤاد السعيد | مشددًا على أن الإعلان إشارة إلى توجه النظام لترسيخ ثقافة الاستهلاك والخدمية التي تحُول دون الإبداع، وتقنين هزال التفكير داخل المجتمع بدلاً من أن يستغل الشاب عقله في اختراعات وبحوث علمية تخرج الوطن من نفق التخلف المظلم يتوجه الشاب مجبرًا إلى إلغاء عقله نهائيًّا، من خلال وظائف عقيمة متوفرة، وليس هناك غيرها في سوق العمل المصرية؛ حيث يقوم صاحب شركة بالإعلان عن وظائف تسويق منتجات أجنبية يستوردها فيقبل الشاب غير ناظر إلا لعائده المادي المُغري في عمل متدني الهيبة لا يوافق مؤهله ولا عقله، مستقيم أو غير مستقيم، لحفظ ماء وجهه من بطالة مقيتة ونظرة مجتمعية وأسرية مهينة. ويضيف أن الأزمة لا يجب تحميلها للشباب وزحف الخريجين؛ حيث تقوم مراكز صنع القرار بتحميل أزمة ضعف الفرص المتوفرة إلى الشباب العاطل، محمِّلاً النظام المسئولية في عدم وضعه للشباب على قائمة أولوياته. | |
|