عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
موضوع: يا عينى عليكى يا مصر بقلم /احمد شعلان الإثنين 20 ديسمبر 2010 - 15:51
[img]https://alomah.yoo7.com/[/img][img]https://alomah.yoo7.com/[/img][img]https://alomah.yoo7.com/[/img][img]https://alomah.yoo7.com/[/img]لم تشهد الأجواء السياسية فى مصر حالة من الارتباك كالتى تشهدها اليوم فى أعقاب الانتخابات البرلمانية الأخيرة. والتى كان يفترض أن يعيد ترتيب الأوضاع الداخلية على أسس متوازنة، تحقق للحزب الوطنى الحاكم الأغلبية التى سعى إليها، وتحقق لسائر الأحزاب والقوى السياسية المعارضة تمثيلا برلمانيا منصفا.
يتوازى بدرجة ما مع وجودها فى الشارع المصرى. ولكن ما حدث قد حدث. ومارست ديكتاتورية الأغلبية كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للاستئثار بمجلس برلمانى يخلو من المعارضة، لكى يصبح ما عداها مجرد صدى لا يسمع فيه غير صوت واحد ورأى واحد.
وليس هذا فى حد ذاته وجه الخطر الوحيد. ولكن الخطر الحقيقى هو تولد شعور طاغ لدى الحزب الحاكم بالرضا عن النفس، والانكفاء على الذات، ومحاولة اسكات الأصوات الغاضبة والآراء المخالفة، والتهوين من أحكام القضاء التى نالت من شرعية انتخاب عدد كبير من النواب الجدد. وبالتالى ألقت بظلالها على المجلس الجديد.
ومن هنا تبدو حالة الاستقطاب السياسى التى تسود الساحة السياسية تعبيرا عن عجز النخبة عن القيادة الواعية لجماهير الشعب بمختلف فئاته، ولهذا السبب جاء تحرك عدد من النواب السابقين الذين اتهموا الحكومة والحزب الوطنى بتزوير الانتخابات لاسقاطهم وابعادهم عن العمل السياسى، لتشكيل «برلمان مواز» يطرحون من خلاله رؤاهم ومواقفهم السياسية من التشريعات والقوانين، وما يرونه ملائما لتطوير الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وقد اختلفت الآراء حول مدى جدوى وجدية البرلمان الموازى وقدرته على الاستمرار والمثابرة. وهو فى تصورى لن يزيد عن مجرد «مكلمة» لسد الفراغ فى بلد لا يسمح بالعمل السياسى خارج الاطر القانونية المعترف بها.
ويبدو من الأفضل لو التفتت أحزاب المعارضة إلى أوضاعها الداخلية لتعيد تصحيح ما تهدم من بنيانها. وان تعترف هذه الأحزاب والقوى: الوفد والناصرى والتجمع والإخوان بأنها تعرضت لزلزال هز أركانها وأحدث انقسامات حادة بين صفوفها.. ليس بسبب قوة الحزب الوطنى وشعبيته، ولكن بسبب ضعف وتشرذم أحزاب المعارضة، وافتقارها إلى بنية داخلية متماسكة.
البرلمان الموازى قد تكون فكرة عارضة لملء الفراغ ولكنها من الناحية العملية غير قابلة للتطبيق. والأفضل لو اجتمعت بعض العقول المفكرة من مختلف الاتجاهات السياسية، وعكفت على إصدار بيانات دورية تعبر عن رأيها ورؤيتها فى القضايا المطروحة فى صورة «جماعة عمل سياسية من أجل الديمقراطية».
وكذلك لو نجحت أحزاب المعارضة فى شكيل جبهة تتفق على القاسم المشترك بينها وتتحدث بلسان واحد فى القضايا المهمة.
ولا تنعكس حالة الارتباك السياسى على أحزاب المعارضة فحسب، بل أخذت تمتد إلى أسلوب التعامل مع الصحافة ووسائل الإعلام، بهدف تعقيم الأفكار والتضييق على أساليب التعبير الأخرى بالصورة والكاريكاتير والتليفزيون.
والملاحظ أنه فى غياب قانون ينظم تداول المعلومات، ويمكن الصحفى من الوصول إلى البيانات والحقائق الصحيحة، فإن أسلوب النشر يعتمد على اجتهاد الصحفى. فهو ينقل الأخبار ولا يصنعها، ويسجل الأقوال والتصريحات على لسان أصحابها ولا يخترعها.. فإذا تضمنت ما يخالف القانون أو يتعرض لسمعة أشخاص، فإن مسئوليته تقتصر على نواياه.
وخذ مثالا على ذلك ما نشرته «ويكيليكس» عن المليارات التى استولى عليها الرئيس البشير، ونقلته عنها الصحف ووسائل الإعلام. فإن النشر هنا لا يرتب جريمة على ناشرها الذى لا يقصد الاساءة أو تأييد الاتهام. فإذا كانت التشريعات عندنا تساوى بين المتهم وبين الناشر أو ناقل الخبر، فهناك خلل يستدعى تعديلا لا يجعل أداء الصحفى لواجبه فى النشر مشاركة فى الجريمة.. وإلا أصبحت كل التقارير التى أذاعتها «ويكيليكس» التى تمس سياسيين ورجال أعمال من جرائم النشر. وهو ما ينطبق فى هذه الحالة على قضية الدكتورة مؤمنة كامل وصحيفة «الشروق».
واقع الأمر أننا بإزاء حالة ضيق فى الفهم وانسداد فى الأفق السياسى نتيجة حالة الاستقطاب التى خيمت على كل شىء.. دليلا على انعدام الثقة بالنفس وعدم التسامح مع الرأى الآخر!