ستظل فيفى عبده "هكذا بدون توصيف" رمزا حيا، متحركا ومهتزا لكل الأشياء التى نحسبها جادة، وهى خلاف ذلك، وستظل أيضا تمثالا من اللحم الطرى الدال على كل الألغاز المصرية التى نحار فى حلها منذ أن وحَّد مينا القطرين، ولولا الخوف من اتهامى فى وطنيتى لقلت إنها تشبه مصر كثيرا فى أحوالها، فهى مرة فنانة درامية تسح الدموع أو أم حنون تشتكى عقوق الأبناء أو حتى معلمة "بنت سوق" تهتز لها "شنبات" المعلمين، كل ذلك دون أن ننسى أنها راقصة بلدى من الطراز الأول.
الحاجة فيفى كما تحب أن يناديها الناس، حيَّرتنا فى أمورها فقد ظن بعض "المحافظين" أنها اختفت بدافع الهداية، وأن الزمن وأحكام السن أجبراها على أن تعمل لآخرتها، بعد أن حجَّت بيت الله الحرام أكثر من مرة بخلاف أنها دائما فى حالة عُمرة، ولكثرة ما ظهرت على الشاشة بالطرحة البلدى ظن الناس أنها تمهِّد للحجاب والاعتزال، لكنها تعود فجأة كشابة فى العشرين من عمرها، مليئة بالحيوية وأشياء أخرى، وهى ترقص فى حفل زفاف أحد أبناء الذوات أو تتمايل مع راغب علامة فى احتفالات الكريسماس، لتثبت لكل الحاقدين على فنها أمثالى أنها فعلاً هرم رابع وتستحق بجدارة أن تدخل ضمن عجائب الدنيا السبع، وليس كما يحب بعضهم أن يصنفها ضمن السبع الموبقات.
المراقب للحالة فيفى عبده، يستشعر أن السيدة التى عبرت سن اليأس، تعانى قلقاً فكرياً حول مستقبلها الفنى وأضواء الشهرة التى قد تفوتها فى لحظة، فتضطر إلى الظهور بشكل ما كانت لتظهر به فى قمة مجدها، دون أن تتعلم جيدا قاعدة "المظهر لا يغنى عن الجوهر" فحتى وإن كان قلبها مازال شابا فعوامل التعرية لن تعينها على إعادة الشباب لجسدها، هذه المعادلة تفقدها عددا من معجبيها القدامى، وإن كانت تكسب آخرين مراهقين، لكن نرجوها ألا تتمادى حتى لا تفقد الأجيال القادمة الذين نتعشم ألا تفتنهم بسحرها كما فعلت مع من قبلهم تحت شعار "الدهن فى العتاقى".. لا شك أن عودة الحاجة فيفى إلى صباها، زادها اشتعالا وتوهجا يجعلنا نخشى عليها من الاحتراق، ونحن الذين نهتف ليل نهار "نموت نموت وتحيا في