ذكرى ميلاد عبد الناصر

رغم أن حكام أمتنا يكرهون التذكير بزعيم أمتنا الخالد جمال عبد الناصر، فإن التذكير به واجب قومى لا يجوز اغفاله، فهذا الذى حرر مصر من استعباد الغرباء لشعبها على مدى زمن طويل، وكان الأول من أبنائها العرب الذى حكمها وحرر شعبها من عبودية الاقطاع، ثم حرر بهم الوطن العربى باتساعه المشرقى والمغربى من الاستعماريين الأوروبيين والأمريكان،

واستقطب حوله جماهير أمتنا مهللة "من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر لبيك عبد الناصر" التى كانت عونا له فى مسيرته القصيرة التى اقتصرت منذ ثورة 23 يوليو تموز 1952 ليوم وفاته عصر يوم 28 سبتمبر 1970 مدة 18 عاما وشهرين وخمسة أيام حقق خلالها ما كان فى مستوى المعجزات والأحلام.
هذا الزعيم الخالد ولد فى الاسكندرية حسب وثيقة "بطاقة اثبات الشخصية الخاصة به المثبتة فى سجل الصور الخاص به الصادر عن دار الاهرام الذى يحتوى على أبرز محطات حياته الشخصية والأسرية والنضالية والعالمية التى انتقل بأمتنا خلالها إلى أبرز شخصية عالمية بعد زعامتى المعسكرين الرأسمالى بحلفه الأطلسى "الناتو" الذى مازال قائما بزعامة الولايات المتحدة! والمعسكر الاشتراكى "حلف وارسو" بزعامة الاتحاد السوفياتى الذى اندثر فى نهاية العام 1993!
كانت المحطة الأولى لبروز عبد الناصر على المستوى الدولى مؤتمر باندونج فى اندونيسيا عام 1955 التى تحررت بزعامة سوكارنو بعد مئات السنين من الاستعمار الهولندى الذى اعتبرها جزءا مكملا لهولندا! وكان أبرز الذين شاركوا فى ذلك المؤتمر أيضا "جواهر لال نهرو" زعيم الهند، و"شو ان لاي" وزير خارجية الصين الشيوعية الذى لعب دورا كبيرا فى صفقة الأسلحة السوفياتية التى حطم بها عبد الناصر احتكار السلاح الذى كانت تتحكّم به بريطانيا وفرنسا قبل سيطرة الولايات المتحدة ونفوذها فى أوروبا الغربية فى أعقاب الحرب العالمية الثانية عام 1945.
كان طموح عبد الناصر بعد انهائه الدراسة الثانوية أن يلتحق بالكلية الحربية، ولكنها كانت على الدوام لأبناء الباشوات والذوات! ولكن عزوف هؤلاء فى العام 1937 أتاح الفرصة له للالتحاق بها فى أواخر ذلك العام.. وفى العام 1948 شارك مع الكتيبة التى كان أركان حربها فى حرب الجيوش العربية للقضاء على دولة العصابات الصهيونية "اسرائيل" والمحافظة على عروبة فلسطين ومقدساتها! وحوصرت تلك الكتيبة بضباطها فى "الفالوجة".
هناك فى ليالى الحصار اختمرت فى ذهنه قناعة بأن السبيل الوحيد لهزيمة "اسرائيل" وتحرير فلسطين هو تحرير العواصم العربية من حكامها ومن الاستعمار المتحكم فيها. وبدأ أيامئذ فى تشكيل تنظيم الضباط الأحرار الذى قام بالثورة بقيادته فجر يوم 23 يوليو تموز 1952 لتحرير مصر أولا من نظام حكمها الملكى الفاسد، ومن الاقطاع، وتطهير الجيش، وإنهاء المعاهدة البريطانية، واسترداد قناة السويس بالتأميم عام 1956 ردا على الاهانة التى وجهها "جون فوستر دالاس" وزير خارجية الولايات المتحدة للسفير المصرى برفض المشاركة فى تقديم قرض لتمويل بناء السد العالي، وكان العدوان الثلاثى البريطانى الفرنسى الاسرائيلى الذى انهزم أمام المقاومة المصرية البطولية وكذلك انذار الاتحاد السوفياتى وتهديده بقصف لندن وباريس بالصواريخ، وتم بناء السد العالي.
بعدئذ تفرغ عبد الناصر لتحقيق ما اقتنع به فى "الفالوجة" فكانت الوحدة مع سوريا فى شباط - فبراير 1958. بعد خمسة أشهر قامت ثورة العراق وسقط حلف بغداد. وكان لعبد الناصر دور بارز فى حمايتها. ولولا تدفق القوات الأمريكية على لبنان والبريطانية على الاردن، وانحراف عبد الكريم قاسم بثورة العراق عن هدف الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة، لكانت تحققت وحدة الطوق حول "اسرائيل" والقضاء على اقطاعيات مشرقنا العربى لكن تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن!