هو بغباوته
بقلم د.غادة شريف ١/ ٣/ ٢٠١١نفسى أعرف من هو هذا الفتك إبن الفتك الذى يقدم المشورة ويكتب الخطب لرؤساء الجمهوريات الثائرة!.. كل واحد من هؤلاء الرؤساء يسير على نفس الخط دون أن يذكر نفسه إنه شاف الفيلم ده قبل كده ومانفعش!!.. من أول زين العابدين بن على والسيناريو واحد لا يتكرر، ولا أحد يتعظ!!.. أولاً يبدأ السيناريو بالاستهبال والتنفيض الرئاسى وتكبير الدماغ الحكومى يليها قطع الإنترنت والاتصالات ثم الاستخدام المفرط لقوة الشرطة ثم يأتى خطاب التحدى الذى يحتوى على شتى الاتهامات بالخيانة والخضوع لأجندات وكشاكيل، مما يزيد من استفزاز الشعب..
والآن وأنا أراقب ما يحدث فى ليبيا أنتظر أن أسمع من القذافى أنه لن يرحل ليحمى البلاد من الفوضى، مما سيزيد الفوضى.. لكننى لست متأكدة إن كان سيأتى خطاب الاستعطاف أم لا.. فزين العابدين قالها بصيغة «الآن فهمتكم» ومبارك قالها بصيغة أنه يريد أن يموت بأرض مصر، أما القذافى فالراجل دخل من أولها شتيمة بالأب والأم وإبادة جماعية، غالبا لأنه شاف الفيلم مرتين قبل كده وعرف بينتهى على إيه!!
لهذا فخطاب التحدى الذى ألقاه كان أقرب لوصلة ردح العوالم مع إضافة مبدعة عن سابقيه مبارك وبن على بإقدامه على اتهام شعبه بتناول المخدرات ثم إعلانه الحرب على الشعب!!.. من الواضح جدا أن القاسم المشترك الأعظم عند كل هؤلاء الرؤساء هو عدم استيعابهم أن ما يحدث فى بلادهم هو ثورة!.. شىء مذهل أنك تتفرج على ناس تصارع القدر!!
وكأنك تشهد سقوط عاد وثمود وفرعون ذى الأوتاد!!.. وعموما يشهد التاريخ بأن بدايات القرون عادة ما تميزت بثورات وانقلابات بينما منتصفها كان يتميز بعصور نهضة وتنمية، مثلما يشهد التاريخ بأن نهايات القرون عادة ما تتميز بعصور تردٍ اقتصادى وثقافى واجتماعى ودينى وسياسى وكثرة حروب وهو ما حدث بالفعل فى أواخر القرن الماضى.. ولكن طالما بدأت الثورة فالاستقرار حتماً سيأتى ولكن بعد حين.. لذلك أتعجب ممن يشتكون ويتبرمون من الثلاثة أسابيع التى توقفت فيها الحياة إلى أن تنحى مبارك.. وأتعجب من كثرة ما يعدده هؤلاء من خسائر فى السياحة والاقتصاد والتجارة...إلخ..إلخ.. وكأن الشعب فى اليومين دول كان فى الميدان بيقزقز لب وبيشوى بطاطا!!..
وكأن قبل الثورة كان الاقتصاد منتعشا والحياة كريمة والحال ماشى!! وهذه الشكوى تؤكد لى أن هناك من لم يستوعب بعد أن هناك ثورة قد حدثت فى مصر.. واضح أنه من شدة رقى هذه الثورة ونعومتها نتج هذا عدم الاستيعاب عند البعض!! فصار الكلام كما لو كنا نتحدث عن شوية شباب أخذوا فلوكة فى النيل ورجعوا!!..
هى مش برضه الدنيا وقفت لفترة بعد ثورة يوليو؟ مش برضه حصل وقف حال عند الناس بعد ثورة ١٩؟.. طيب ما هى نفس الحكاية.. يا جماعة إحنا فى ثورة على فكرة!!.. وأخشى ما أخشاه أن كثرة هذه الشكاوى قد تصيب شباب الائتلاف بالإحباط فينفض كل واحد منهم لعمله خصوصا أن جميعهم لديهم وظائف مرموقة، لكنهم معطلون حالهم حاليا إلى أن يتأكدوا من جنى ثمار الثورة كاملة.. وهذا بالمناسبة من أجلك وأجلى ومن أجل ابنك وابنى.. فياريت نتوقف عن النقد والشكوى واللى يقدر ما يعطلش شغله يروح يشتغل،واللى مطلوب منه يبيع ويشترى يروح يبيع ويشترى، ولنترك هؤلاء الشباب يستكملون ما بدأوه واللى عنده كلمة حلوة يقولها لهم أو يسَمعنا صلاة النبى!