ما أروع المشاعر الحماسية التي أفرزت ثورة 25 يناير التي أطاحت بالنظام الفاسد الذي تستر على نهب ثروات الشعب وسرقة مقدراته، لكن ما أبشع تلك المشاعر حين تتحول إلى رصاصة مرتدة إلى قلب مكاسب هذه الثورة المقدسة.
فبعد مرور نحو شهر على تغيير وجه مصر برحيل النظام الحاكم، زادت المخاوف لدى الملايين من أبناء الشعب بسبب ظهور حوادث مؤلمة نالت من فرحة المصريين بإنجازهم التاريخي لعل أبرزها طغيان نزعة التشنج والعنف على كافة مشاهد الحياة في مصر.
فمع انسحاب قوات الشرطة من الميادين والشوارع ظهرت عصابات البلطجية والخارجين على القانون بصورة شرسة لتبث الفزع بين الآمنين فتستولي على أموالهم وتغتصب نسائهم.
كما يفرضون إتاوات على المارة وطبعا ليس أمام من يتعرض لهذه الحوادث سوى الشكوى إلى الله أو ربما يدفع حياته ثمنا للشهامة والدفاع عن المال أو العرض، ولمن لم يسمع عن تلك الحوادث فما عليه سوى التوجه إلى حي شبرا ويسأل عن معركة "القللي" التي وقع فيها عشرات القتلى والمصابين.
|
| |
| متظاهرون أقباط أمام الإذاعة والتليفزيون | | |
هذا عن المشهد الإجرامي، أما عن باقي الحوادث المأساوية التي شهدتها شوارع مصر فحدث ولا حرج بداية من احتراق مقار أمن الدولة وتبادل إطلاق النار بين الضباط والمتظاهرين الذي اكتشفوا قيام رجال الشرطة بحرق وفرم مستندات ووثائق من المؤكد أنها تثبت أهوالا عظيمة ارتكبها النظام البائد.
وسرعان ما طرأ تغير نوعي على هذه الأحداث حيث شهدت البلاد ما يعرف بحرب تسريب الوثائق التي لا يستطيع أحد أن يعرف ما إذا كانت حقيقية أم مزيفة خصوصا أن الكثير منها طال شخصيات يكن لها الجميع بالغ الاحترام والتقدير حتى أن عمليات الابتزاز شهدت رواجا ليس له مثيل في أي عصر من العصور.
وبعيدا عن البلطجة والحرائق، اندلعت أحداث لا تقل خطورة عن سابقاتها حيث وقعت اشتباكات بين مسلمين ومسيحيين بقرية أطفيح، التابعة لمحافظة حلوان، على خلفية نشوء قصة حب بين فتاة مسلمة وشاب مسيحي أسفرت عن مقتل اثنين من المسلمين وحرق كنيسة "الشهيدين".
وقام على إثرها متظاهرون أقباط بإغلاق عدة طرق رئيسية من بينها الطريق الدائري ووسط العاصمة القاهرة.
وقال شهود إن آلاف المعتصمين أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون سدوا الطرق المؤدية إلى ميدان عبد المنعم رياض الرئيسي وأجبروا السائقين والمارة على تغير اتجاه سيرهم إلى شوارع أخرى.
وقام المتظاهرون الأقباط بوضع سياراتهم في منتصف الطريق في حين نام البعض على الأرض لمنع مرور السيارات.
وأطلق بعض المحتجين طلقات في الهواء لإجبار المارة على تغير مسارهم بعد مشاجرات حصلت بين الطرفيين.
وتسببت التظاهرة ومنع عبور السيارات بأزمة مرورية خانقة في الشوارع المحيطة والمتفرعة من الميدان.
واختفي رجال القوات المسلحة وأجهزة الأمن ورجال المرور، من منطقة عبد المنعم رياض، وكادت أن تحدث بعض الحوادث عقب قيام بعض السيارات بالسير عكس الاتجاه.
وكان الآلاف من الأقباط تجمهروا الاثنين أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون في أكبر تظاهرة يقوم بها الأقباط بوسط القاهرة للاحتجاج على ما يرونه من تميز طائفي وبعد الحريق الذى دمر كنيسة اطفيح بمحافظة حلوان.
ورفض المعتصمون فض الاعتصام، مؤكدين عدم مغادرتهم المكان، بعد أن خرج عليهم الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، وأكد لهم سرعة الإفراج عن الأب متاؤس.
يذكر أن شرف كان قد تعهد للأقباط المعتصمين منذ ثلاثة أيام أمام مبنى ماسبيرو، خلال لقائه ممثلين عنهم، بتفعيل قرار المشير طنطاوى بإعادة بناء كنيسة قرية صول بأطفيح فى موقعها، قبل حلول عيد القيامة. كما تعهد شرف بالإفراج عن الأب متاؤس، الذى انتهت فترة عقوبته بسجن طرة قبل أكثر من عام، وتتبع المتسببين فى هدم وحرق كنيسة أطفيح
ويذكر أن أجهزة وزارة الداخلية قد تلقت بلاغا السبت، بوقوع مشاجرة بقرية "صول" التابعة لمركز شرطة أطفيح بمحافظة حلوان بين مزارع "طرف أول" واثنين من أقاربه أحدهما تاجر فاكهة والآخر تاجر دواجن "طرف ثانى" وجميعهم من المسلمين بسبب عدم انتقام المزارع من تاجر مسيحي على علاقة بنجلته.
وصرح مصدر أمنى بأن المشاجرة تطورت إلى تبادل لإطلاق النار بين الطرفين مما أسفر عن وفاة المزارع "والد الفتاة" وتاجر الفاكهة وإصابة تاجر الدواجن.
وعقب انتهاء إجراءات دفن المتوفيين تجمعت أعداد كبيرة من أهالي القرية وتوجهوا إلى كنيسة الشهيدين الكائنة بها احتجاجا على العلاقة المشار إليها إلا أن بعض العناصر صعدت من أعمالها الانتقامية وقامت بإشعال النيران بالكنيسة واقتحامها وإتلاف محتوياتها.
وعلى الرغم من توقف الاحتكاكات الطائفية بين المسلمين والأقباط أثناء الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك إلا أن عدة حوادث من بينها حرق الكنيسة ومقتل كاهن قبطي أثارت المخاوف من جديد بشأن التوترات الطائفية بين الطرفين.
وبعد مرور أيام معدودة على قرار وزير التعليم العالي بعودة الدراسة للجامعات، إلا أنها تحولت أيضاً إلى بؤرة لاشتعال الأحداث سرت عدة احتجاجات كبيرة بين الطلبة، رغم تنفيذ حكم القضاء باستبعاد الحرس الجامعي وتعيين موظفي أمن مدنيين، إلا أن هذا لم يطفئ النار من تحت الرماد.
حيث تظاهر آلاف الطلاب للمطالبة بتغيير عمداء الكليات والإطاحة برؤساء الجامعات، مما دفع مجلس عمداء بعض الجامعات ومن بينها جامعة القاهرة، برئاسة الدكتور حسام كامل، رئيس الجامعة لتعطيل الدراسة لوقت غير محدد، حتى يعود الهدوء للجامعة.. بينما كان الدكتور عمرو عزت سلامة، وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي والتكنولوجيا قد استبعد تأجيل أو تعطيل الدراسة.
جاء قرار جامعة القاهرة على خلفية الاعتصامات التي أعلنها الطلاب والاحتجاجات التي شهدتها جميع كليات الجامعة، وتسببت في تعطيل انتظام المحاضرات الدراسية، كما فشل الحوار الذي أعلنه العمداء ورئيس الجامعة مع الطلاب في احتواء الأزمة.
وتجرى قوات من القوات المسلحة الآن محاولات لفض الاعتصام الذي أعلنه طلاب جامعة القاهرة أمام قبة الجامعة، وقاموا بنصب الخيام حيث تحدث لهم ضابط بالجيش برتبة نقيب لإثناء الطلاب عن الاعتصام، مؤكدا لهم أنه تلقى معلومات من قياداته عن الدكتور عمرو عزت سلامة وزير التعليم العالي والدولة بأنه تتم حاليا دراسة حل إدارات الجامعات والكليات.
ونصح النقيب الطلاب بمغادرة ساحة الجامعة حتى لا تحدث احتكاكات بين المعتصمين وبين مجموعة من كلية الحقوق، رفضوا نصب الخيام وحاولوا إزالتها بالقوة.
ولم يكن هذا العرض سوى جزء يسير من كل مرعب تعددت فيه الاحتجاجات الصاخبة التي تهدد بتكدير السلم العام، الأمر الذي دعا الكثيرين للتمني لو فرض المجلس الأعلى للقوات المسلحة الأحكام العرفية كإجراء وقائي محدد المدة لضمان عدم ضياع مكاسب الثورة المقدسة وحماية البلاد من الاحتراق قطعة قطعة على النحو الذي نشهده حاليا.