احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: هل أصبحنا ندور فى حلقة مفرغة؟! الجمعة 22 يوليو 2011 - 3:47 | |
| يبدو واضحا أن السياسة فى مصر بعد الحادى عشر من فبراير الماضى أصبحت تدور فى حلقة مفرغة لا يبدو لها نهاية فى الأجل القريب. فقد تشكلت ثلاث حكومات «تسيير أعمال» صاحبتها تغييرات وزارية دون إنجاز حقيقى لأهداف الثورة. وكل ما حدث أنه عندما لا يتمكن الوزير، وخاصة فى وزارات الخدمات، من تحقيق أى من أهداف ثورة 25 يناير تنهال عليه الشتائم والانتقادات من كل صوب وحدب، ويتهم بعدم الكفاءة، وينسى أولئك المنتقدون أن المسألة لا تتعلق بكفاءة الوزير أو عدم كفاءته، وإنما تتعلق بالمناخ السياسى القائم وفلسفة الحكم السائدة، وعلى سبيل المثال فلقد قال وزير المالية السابق «سمير رضوان» إنه لكى يجعل الحد الأدنى لمرتبات العاملين 1200 جنيه شهريا ينبغى أن يكون الحد الأقصى لأى مرتب فى الدولة 30 ألف جنيه فى الشهر، وهذا حل عبقرى لا يحتاج تنفيذه إلى تكنولوجيا مستوردة أو قروض من هنا وهناك، وكل ما يحتاجه إعادة تعديل بنود الميزانية بحيث أن ما يفيض عن الحد الأقصى يتم تخصيصه للحد الأدنى، بل يمكن تعيين عمالة جديدة على ما يفيض.
أما لماذا لم يتمكن سمير رضوان من تمرير فكرته فى العدالة الاجتماعية، فإن ذلك يرجع فيما يبدو إلى أن فكرته اصطدمت بفلسفة الحكم التى ما تزال سائدة منذ غرس بذورها السادات بتصفية القطاع العام وإعادة رأس المال للحكم وتخلى الدولة عن دورها فى السياسة الاقتصادية والرعاية الاجتماعية، ولهذا سرعان ما تراجع رضوان عن فكرته، وقال إنه يكفى أن يكون الحد الأدنى 700 جنيه، ولم يقترب من الحد الأقصى. وبالتالى كان على سمير رضوان أن يخرج من الوزارة، وخروجه يعد درسا لمن يأتى بعده من حيث عدم الاقتراب من قضية العدالة الاجتماعية، وأنه ينبغى ترك الناس لقوانين العرض والطلب فى السوق الرأسمالى دون توفر شروطها فى مجتمعنا.
والسؤال.. لمصلحة من يا ترى يتم طى قضية العدالة الاجتماعية هكذا؟ طبعا لمصلحة أصحاب المرتبات والدخول الخيالية، ولمصلحة الغرب الرأسمالى الأوروبى الأمريكى الذى يهمه الإبقاء على نموذج السادات مبارك وعدم تكرار نموذج محمد على باشا عبد الناصر اللذين تعرضا لمؤامرة كبيرة من الغرب للإطاحة بهما، لا لشىء سوى مشروعهما فى بناء القوة الاقتصادية والعسكرية، وتداعيات ذلك على الأوضاع الاجتماعية، لأن ذلك المشروع حرم الغرب الأوروبى الصناعى الرأسمالى من تحويل مصر إلى سوق استهلاكية، وعند هذا المنعطف يأتى الاقتراب الأمريكى لاحتواء الحكم فى مصر، حيث لاحظنا إسقاط جزء من ديون مصر وتقديم تبرعات للحكومة وللمجتمع المدنى بدعوى تدعيم الديموقراطية.
كل هذا مجرد تغطية لحقيقة الهدف الأمريكى، ألا وهو المحافظة على دولة تحت حكم «رجال الأعمال» بطريقة أو بأخرى، وليذهب الثوار بثورتهم إلى الجحيم.
الحصار الآخر الذى يتعرض له الحكم القائم حصار أمريكى إسرائيلى يتمثل فى المحافظة على اتفاقية «السلام» التى عقدها السادات مع إسرائيل «مارس 1979» والاستمرار فى حصار غزة، فلما تم تعيين نبيل العربى وزيرا للخارجية كان موضع احتفاء القوميين العرب وسَرَّهم كثيرا قيامه بفتح معبر رفح، وهنا تم نزع العربى من الخارجية واختياره أمينا للجامعة العربية، فكانت رسالة غير مباشرة لمن يأتى من بعده مثل سمير رضوان.
وعلى هذا ينبغى البحث عن أسباب تعثر تحقيق أهداف ثورة 25 يناير فى بنية النظام السياسى القائم حتى الآن من حيث استجابته لمحاذير خارجية، ولا ينبغى أن نتجاهل هذا ونصب لعناتنا على هذا الوزير أو ذاك الوزير، رغم أن بعضهم يستحق اللعنات.
| |
|