سعاد حسنى .. جعلت الحياة لونها بمبىالأثنين، 26 يناير 2009 - 20:15
هل تستطيع أن يمر عليك يوم شم النسيم دون أن تستمع إلى صوتها العذب وهى تغنى "الدنيا ربيع .. والجو بديع .. قفلى على كل المواضيع .. قفل قفل قفل .. مفيناش كانى .. ومفيناش مانى .. كانى مانى إيه .. دى الدنيا ربيع .. الدنيا ربيع الدنيا ربيع"، هذه الكلمات الغاية فى البساطة كتبها أبوها الروحى العبقرى صلاح جاهين، وأصبحت مرتبطة بهذا اليوم، حيث تذاع الأغنية فى جميع الإذاعات والقنوات التلفزيونية، التى بمجرد سماعها نعرف تلقائياً أن اليوم هو شم النسيم، لدرجة أنه من شدة إعجاب الجمهور بهذه الأغنية وتفاؤلهم بها عندما يجد أى شخص أحداً مكتئباً ومتضايقاً يقول له "يا عم ولا يهمك .. دى الدنيا ربيع والجو بديع".
رغم أن هناك العديد من المطربين غنوا لعيد الربيع، ومن بينهم الموسيقار فريد الأطرش، لكن أغنيات سعاد حسنى لها مذاق آخر مختلف عن أى مطرب، حيث كانت تضفى على أغنياتها روحها الخفيفة وشقاوتها التى لم تتكرر فى أى صوت نسائى آخر وإن حاولت بعضهن ذلك.
كما ارتبطت أغنيتها "الدنيا ربيع" بموسم الربيع، ارتبطت أيضا أغنيتها "صباح الخير يا مولاتى" بعيد الأم، حيث تذاع دائماً فى هذا اليوم وتصنع حالة من البهجة والحب المتبادل بين الأم وأبنائها، دون شعارات أو مبالغة، ولكن بكلمات بسيطة كتبها أيضاً الفنان صلاح جاهين ولحنها كمال الطويل.
الشواهد تؤكد أن سعاد حسنى استطاعت أن تجعل من أغنياتها علامات مميزة لكل المناسبات، وساهم ذلك فى تأريخ أغنياتها وبقائها على مر الأجيال، ورغم أنها لم تكن مطربة رومانسية مثل العديد من مطرباتنا الكبار، إلا أن صوتها المميز والمختلف عن باقى الأصوات ساعدها فى غناء ما تشاء من أغنيات، وتفردها فى كل منطقة غنت بها.
سعاد حسنى غنت أيضاً للحب لكن بطريقة مختلفة، لأنها غنت للواد التقيل أو الحبيب الذى يعذب حبيبته لكن بخفة دم وشقاوة، فأغنيتها الشهيرة "يا واد يا تقيل" والتى غنتها لحسين فهمى فى فيلم "خلى بالك من زوزو"، والتى ساهمت فى شهرة حسين نفسه، ولقب بعدها بالواد التقيل، مازالت عالقة بأذان الفتيات المراهقات منهن والشابات، كما تتبارى المطربات الآن فى غنائها، مثل نانسى عجرم وملك الناصر وغيرهن، إلا أن إحداهن لم تستطع مجاراة سعاد فى دلعها وشقاوتها الطبيعيتين اللذين يدخلان إلى القلب دون استئذان.
"خدنا أجازة" غنيناها كلنا، ومازال بعد الطلاب يرددونها حتى الآن بعد حصولهم على الإجازة الدراسية، وذلك بعد أن غنتها سعاد فى فيلم "زواج على الطريقة الحديثة"، حيث تشعرنا دائماً بالبهجة والسعادة فى إجازة نصف العام، خاصة عندما نقضيها على الشاطئ، فرغم بساطة معظم كلمات الأغنيات التى أدتها سعاد، إلا أنها حفرت فى ذاكرة الجمهور.
ولم تغنِ عن الإجازة الدراسية فحسب، بل جاء صوتها معنا داخل المدرسة، عندما شدت بأغنيتها "جرس الفسحة"، والتى نتذكرها دائماً عندما يضرب جرس الفسحة فى المدرسة، ونتنفس الصعداء لاقتطاعنا وقتاً قليلاً دون قيود داخل مدرستنا.
لم تنجح سعاد فى غناء الأغنيات الخفيفة فقط، بل وصلت إلى قمة نجاحها عندما شدت أغنية من أجمل الأغنيات الدرامية الشديدة الصعوبة وهى "بانوا بانوا" والتى شكلت فيها سيمفونية رائعة مع العبقرى صلاح جاهين وكمال الطويل، والتى غنتها فى فيلم "شفيقة ومتولى"، حيث نجحت بشدة فى إيصال إحساسها بالقهر فى الفيلم للمشاهدين عندما قالت "دوروا وشكوا عنى شوية كيفيانى وشوش .. ده أكم من وش غدر بيا ولا ينكسفوش".
هذه الأغنيات عندما نسمعها نتذكر الاتفاق الذى أبرمته سعاد حسنى مع شقيقتها الكبرى نجاة الصغيرة فى عدم خوض نجاة تجربة التمثيل، والتزام سعاد بعدم الغناء، أتساءل كيف كان سيحرم الجمهور من تلك الموهبة المتدفقة، والصوت العذب الذى يتسلل إلى القلب دون استئذان، وماذا كنا سنسمع فى عيد الربيع وعيد الأم وإجازة نصف العام، وفى المدرسة وغيرها من المناسبات، فبرغم من أنه لا يختلف اثنان على جمال صوت نجاة وعذوبته، لكن صوت سعاد له مذاق خاص، ورغم ذلك لم تطلق على نفسها يوما أنها مطربة، أو فكرت بتسجيل ألبومات خاصة بها، لكنها تركت لنا رصيداً سيظل إلى الأبد، ورغم قلة عدد أغنياتها، إلا إنها باقية داخل قلوبنا، فهى لم تقدم لوناً واحداً من الغناء، فتنوعت أغنياتها حيث قدمت الأغانى الخفيفة الشقية مثل "شوكلاتة"، "الفتاه المثالية"، "كيكو"، "هو وهى"، وقدمت أيضاً الأغانى الرومانسية الحالمة مثل "بمبى"، "ياترى أنت فين يا حبيبى"، "منتش قد الحب"، كما قدمت أغنيات وطنية مثل "دولا مين".
وبالرغم من تنوع موضوعات أغانيها واختلاف الكلمات والألحان والمناسبة، إلا أنهم جميعاً كانوا يجتمعون على شىء واحد فقط، وهى حالة البهجة الغريبة التى تسببها لنا تلك الأغنيات، مهما اختلفت وتنوعت.